خورشيد محمد – الحراك السّلمي السّوري
من القشة للعصاة
العمه الذاتي شيء مخيف. من الصعب جدًا أن تضع نفسك مكان الآخر عندما تكون مشحونًا بالمشاعر السلبية {وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ} (سورة الشورى، 37).
إذا ذهب عنك الروع فمن الجيد أن تحاول أن تضع نفسك مكان الآخر، لكن سرعان ما يتحول ذلك إلى كابوس لأن نفسك الأمّارة بالسوء تكتشف أخطاء عند الآخر لم تكن منتبهًا لها أول مرة فتزداد الهوّة من حيث أردت ردمها. الحل الصعب هو أن أبدأ بنفسي متناسيًا الآخر {وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ} (سورة القيامة، 2).
عندما تكبر القشة في عيني وتتحول تدريجيًا إلى عصاة ستصغر معها العصاة في عين الآخر وتتحول تدريجيًا إلى قشة. وليعفوا وليصفحوا. ألا تحبون أن يغفر الله لكم؟!
السعادة من الداخل والخارج
قدرة الإنسان على التعود قوية جدًا، لا يأخد الأمر منه أيامًا أو شهورًا ليتعود على أي تغير ويصبح روتينيًا أو الأساس لديه، سواءً أكان هذا التغيير نحو الرخاء أو البلاء. لذلك يجب ألا يستحوذ علينا الهدف وينسينا الرحلة، فإذا استحوذ علينا الهدف سينسينا الاستمتاع بالتغييرات الصغيرة اليومية التي تتراكم لتحقيق الهدف حتى إذا وصلنا إلى الهدف تكون المشاعر المؤجلة قد تبلدت في مقابل ارتفاع مستوى المتوقع والمنتظر، وهذا يؤدي إلى الإحباط بعد الوصول والاكتئاب وخيبة الأمل بعد الإنجاز. عندما نستمتع ونفرح بالخطوات التي توصل إلى الهدف تتحول سعادة الوصول إلى رضا وخشوع بدل البطر والتصنع. لكي تستمر في السعادة لا بد أن تحارب الروتين وتجري تغييرات يومية تحميك من التبلد والنكران والكفر {فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا} (سورة سبأ، 19).
أما عن الاستقرار المادي فهو يجلب السعادة إلى حد تأمين حاجاتاتك الأساسية و أدوات التغيير نحو الأمام، بعدها تصبح وبالًا وسببًا للشقاء ما لم تعالجها بالإنفاق. {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا} (سورة التوبة، 103).