مع انطلاق الثورة السورية التي كانت شرارتها الأولى كتابات خطها طلاب المدارس، وكان للثقافة والمثقفين دور بارز ومهم فيها، وذلك من خلال نشر الوعي والفكر الثوري بين أبناء الثورة، لينعكس ذلك جليًا من خلال الإبداعات الثقافية والفكرية في مختلف مجالات المجتمع؛ من المجال التعليمي إلى الطبي و الفني والأدبي. وحتى بداية العسكرة، أبهرت الأعمال والناشطات واللافتات العالم، وعبرت عن الشعب السوري وثقافته أمام المجتمع الدولي.
ومع تسارع الأحداث في سوريا وتحول الثورة باتجاه العسكرة والسلاح غاب دور الثقافة والمثقفين وخفت صوت العلم ليلعو صوت السلاح.. السلاح فقط.
ومما لا يرقى إليه الشك أننا نواجه نظامًا ظالمًا متغطرسًا، أوجب علينا الذود عن أعراضنا ومدننا بالسلاح، لكن في المقابل يجب علينا أيضًا أن نعلم أبناءنا ومقاتلينا أن الثورة مجتمع متكامل، وأن لكلٍ منا دوره في بناء المجتمع ولا يجوز أن نقصي طرفًا، على حساب الآخر مهما كانت الأسباب.
فالشاعر عليه أن يبدع قصائده والمعلم عليه أن يعطي درسه للصغار عن الحرية ومعانيها، والضابط يلقن جنوده فنون القتال وآليات الحروب واستخدام الأسلحة.
لم يغفل النظام بدوره هذه الأساسيات في حربه على الشعب، بل استقدم الخبرات في مختلف المجالات، سعيًا منه للتقدم بالسلاح والعلم وعمل على تدمير المدارس واعتقال الطلاب والمعلمين، بهدف تدمير العقول والخبرات وتفشي الجهل الذي هو نوع من أنواع الاستعباد للشعوب.
السلاح بلا علم وثقافة كالراعي بلا عصا؛ وما أحوجنا اليوم إلى الثقافة والوعي في مختلف المجالات السياسية والعسكرية والمدنية وحتى الدينية؛ فالثقافة الآن في طريقها للاضمحلال في الوقت الذي نريد لثورتنا الرقي والوجه الحضاري بعيدًا عن ساحات القتال وقعقعة المعارك.
الثورة هي مجتمع واعٍ مثقف ومتكامل، وكما يقول ياسر عرفات “الثورة ليست فقط بندقية ثائر بل معول فلاح مشرط طبيب قلم شاعر وريشة فنان.