عنب بلدي – إدلب
لم يستطع الطفل أحمد (12 عامًا) متابعة تفوقه الدراسي في مرحلته الابتدائية، في قريته أرنيبة بجبل شحشبو بريف حماة الشمالي الغربي، بسبب عدم توفر بعض الكتب المدرسية الذي أدى إلى تفاوت في علاماته عن السنوات الدراسية السابقة.
تعاني معظم البلدات في محافظة إدلب وريفي حماة وحلب الغربي من ظاهرة نقص الكتب المدرسية في جميع المراحل التعليمية، للعام الدراسي 2018- 2019، الأمر الذي أدى إلى شرخ في العملية التعليمية، وانعكس بشكل سلبي على الكادر التدريسي والأطفال.
أسباب نقص الكتب المدرسية
أسهم انقطاع الدعم المالي من منظمات المجتمع المدني عن الحكومة السورية المؤقتة في توقف عملية “طباعة الكتب المدرسية خاصةً في المرحلة الابتدائية” في محافظة إدلب، الأمر الذي اعتبره وزير التربية في الحكومة السورية المؤقتة، عماد برق، “السبب الأساسي” لهذه الظاهرة.
إذ تعتمد الحكومة المؤقتة خاصةً في القطاع التعليمي، على دعم المنظمات المدنيّة، التي تمول كل المشاريع فيما يتعلق بطباعة الكتب وترميم المدراس وإعادة تأهيلها، ورواتب المدرسين وتدريبهم، بحسب ما أفاد برق.
وفي العام الدراسي الماضي، دعم “صندوق قطر الخيري” مشروع “طباعة الكتب” في أغلب مناطق الشمال السوري، لكنه توقف هذا العام، ولم تتولَ أي منظمة أخرى التمويل إلى الآن.
وأدى تذبذب الوضع السياسي والأمني في المنطقة، إلى صعوبة وصول الكتب إلى بعض المدارس، فضلًا عن كثرة تدخلات الجهات العسكرية بالعملية التعليمية، وغياب المنهاج التعليمي الموحد في محافظة إدلب.
نتائج سلبية على القطاع التعليمي
مدرّس في مدينة أريحا، فضل عدم ذكر اسمه، أوضح أن هذه الظاهرة تسهم في خلق حالة من الارتباك لدى معظم المدرسين، ونقص المعلومات وإلغاء بعض الدروس المهمة من المقرر التدريسي.
وتؤثر الظاهرة بشكل سلبي أكبر على الطلاب، “لبذلهم مجهودًا أكبر وأصعب في حفظ المعلومات وتلخيصها، أو نقلها من السبورة بشكل خاطئ”، خاصةً عند إعطاء المدرّس “دروسًا من خارج المنهاج”، لتعويض النقص في الكتب.
وتابع المدرّس أن تأثير الحرب والتهجير وانقطاع بعض الأطفال لفترة عن تعليمهم، ولّد لديهم نقصًا كبيرًا جدًا في الكتابة والقراءة، وفي ظل غياب الكتب يتشكل عائق أمام هؤلاء الأطفال لمواصلة تعليمهم.
وتقدر الحكومة المؤقتة هذا النقص في مدراس المرحلة الابتدائية بنسبة 80%، إذ تغطى 20% فقط من احتياجات الطلاب والمدرّسين للكتب.
وتغطى 50% من الكتب المدرسية اللازمة للمرحلة الإعدادية، عن طريق “مديرية التربية الحرة”، ويعد نقص الكتب في المرحلة الثانوية كبيرًا بنسبة تصل 80%.
نهى (28 عامًا)، أم لثلاثة أطفال في مدينة كفرنبل بجنوبي إدلب، تشتكي من عدم قدرتها على تدريس أطفالها وتواجه صعوبة في شرح بعض المواد، بسبب غياب الكتب في أغلب المواد الأساسية.
هل من بدائل لتعويض هذا النقص
تعتمد معظم مدارس إدلب ومناطق الشمال السوري المحررة، على منهاج “الحكومة السورية المؤقتة” لعملية التدريس.
وفي ظل هذا النقص في طباعة الكتب، استعانت مدارس عديدة بالكتب القديمة الموجودة لدى النظام السوري، بعد أن يتم “تعديل بعض المسميات فيها وملائمتها مع مجريات الوضع الحالي”، بحسب ما قال المدرّس في مدينة أريحا.
واستطاعت بعض مديريات المدارس تسليم الطلاب كتبًا “قديمة جدًا”، ما يزيد صعوبة عملية التدريس، بحسب ما وصفت نهى لوجود “نصوص إضافية في الكتاب إلى جانب النص الأصلي المطلوب للدراسة”.
ويلجأ بعض الطلاب إلى تصوير الكتب في المكتبات الخاصة، الأمر الذي سبب عبئًا ماليًا لنسبة كبيرة من الطلاب.
وتختلف أسعار الكتب بين المراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية، بالإضافة إلى جودة الكتاب وإن كان مستعملًا أو جديدًا، وتترواح الأسعار ما بين ألفين إلى ستة آلاف للكتاب الواحد.
وباءت معظم جهود المدرّسين بالفشل في طلب دعم المنظمات المدنيّة لأجل تمويل مشروع “طباعة الكتب”، باستثناء منظمة “كش ملك” في ريف حلب، التي تعمل على طباعة الكتب المدرسية.
وطلبت “الحكومة السورية المؤقتة” من المنظمة التوسع في هذا المشروع ليشمل مناطق محافظة إدلب، وفق ما قال وزير التربية عماد برق، بالإضافة إلى رفع الحكومة عددًا من “طلبات الدعم” إلى منظمات مدينّة عديدة.
ويواجه قطاع التعليم في إدلب صعوبات تتمثل بالتدهور الأمني في المنطقة، ووجود ظاهرة “تسرب الأطفال من المدارس والعمالة”، وتداخل في عمل ثلاث وزارات للتربية والتعليم، ما بين “حكومة الإنقاذ” التي توسعت سيطرتها مع مطلع العام الحالي، و”الحكومة المؤقتة” التي أنشأت مديريات التربية ودعمتها، و”حكومة النظام” التي لا تزال تدفع رواتب بعض المدرّسين في المحافظة.