تعا تفرج
كبير الشبيحة زهير عبد الكريم
خطيب بدلة
ارتكب الفنان السوري “زهير عبد الكريم” خطأ تاريخيًا ساذجًا، يستحيل أن يقع فيه حتى شبيح مبتدئ، وهو أنه أقام حفلة تشبيح كبيرة، ولكن بهدوء، وتواضع، وعلى الهِسّي، شاهدناه جالسًا في غرفة صغيرة، يستخدم لحفلة تشبيحه الجديدة كاميرا الموبايل العادية، دون اهتمام بديكورات الكادر وإكسسواراته، وحتى الصوت والإضاءة ظهرا ضمن الحد الأدنى من “الكواليتي”.
كان يجدر بزهير، في رأينا المتواضع، أن يجري تصويره بكاميرا ديجيتال من موديل سنتها، تأخذ لقطةً بانوراميةً لساحة واسعة مكتظة بأشكال وألوان وأصناف وطبقات مختلفة من الإخوة الشبيحة، ويدخل الكادر مصحوبًا بهيصة وزمبريطة وطبل وزمر وقفة تمر، وما إن يبدأ بعملية التشبيح حتى تدخل إلى الكادر فرقةُ العراضة الشامية التي تحيي مختلف أنواع المناسبات وهي تنشد: زَيّنوا المرجة، والمرجة لنا، ويا صلاتك يا محمد.. حتى تصل إلى فقرة “شيخ رسلان يا شيخ رسلان، يا حامي هَـ البر والشام” التي تشير إلى شيخ اسمه رسلان لا يعرف أحدٌ أين، ولا متى، ولا كيف حمى البر والشام، ومِمَّنْ.. ولا بأس من دبكة سويحلية تترافق مع قرع الطبول وترغلة المجوز، ومطرب من الديوك يصيح ويُعَتِّب:
قالت لي ما الاسمْ قلت: شَبِّيْــــــــــحْ
فقالت ما أحلاك يا هالـ شَبّْ بيحْ
عند عيونك يا بشار، الكل شَبِّيحْ
بشر وبْقَارْ وديوك وكِـــــــــــــــــلااااااابْ
الحقيقة أن نجم الفنان زهير عبد الكريم لمع في عالم التشبيح على نحو مبكر للغاية، ومعروف أن مثل هذا السطوع يحتاج إلى أمرين أساسيين هما الموهبة والاجتهاد، فبموهبته التشبيحية العالية نظر حوله، ذات يوم، فرأى الشبيحة يشتغلون على فكرة تمجيد البوط العسكري، ولكن بطرق متنوعة.. سلوم حداد، مثلًا، بكى مثل صاحب امرئ القيس حينما لمح بوطًا عسكريًا مرابطًا عند باب الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، كوثر البشراوي أحضرت البوط إلى الاستوديو وأظهره المخرج بلقطة (Till-Down)، بينما هي تحنو عليه حنو المرضع على الفطيم.. وزير الإعلام السابق مهدي دخل الله وصل به التشبيح حَدَّ الطلب من الناس الأحرار الذين ثاروا على نظام القتل والإجرام أن يكونوا وضيعين مثله، ويُقَبِّلوا البوط. وأمام هذه التشكيلة من الإبداعات البوطية انفجرت موهبة زهير عبد الكريم، فـ “طوبز” أمام بوط عسكري يرتديه أحد الجنود المساكين، وباسه، بالغًا، بذلك، أعلى سقف ممكن أن يبلغه شبيح.
اليوم، في حفلة التشبيح الجديدة، يتقدم زهير عبد الكريم خطوة أخرى نحو الأمام، ويحقق، بجدارة، لقب “كبير الشبيحة”، إذ قدم حديثه نائحًا، نادبًا، سببُه أن غيره من الفنانين تجرأوا على رئيسه (وقائده) وطلبوا منه تأمين أسطوانات غاز لمنازلهم، وهذا ما رأى فيه زهير تطاولًا على هيبة الدولة السورية، والوطن السوري، والقائد السوري الذي مزق سوريا ووزع أشلاءَها على الغزاة، بحيثُ يحصل كُلُّ غازٍ على نسبة تعادل إجرامه بحق الشعب السوري الذي يعيش في الدولة التي ورثها بشار عن والده حافظ الذي لم يقصر، من جهته، في قتل شعبها، والتنكيل به، وتهجير شرفائه والإبقاء على شبيحته الوضيعين أمثال زهير عبد الكريم ومهدي دخل الله.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :