ريف حمص – عروة المنذر
رغم سيطرة قوات الأسد على ريف حمص الشمالي بعد اتفاق تسوية مع فصائل المعارضة، في أيار العام الماضي، لم تنخفض أسعار مواد التدفئة مقارنة مع فترة سيطرة الفصائل، رغم انتهاء ظاهرة الأجور والأتاوات المدفوعة من قبل التجار لحساب الحواجز والمعابر التي كانت تفرض الحصار على المنطقة.
يأتي ارتفاع أسعار مواد التدفئة بالتزامن مع موجة منخفضات مطرية وثلجية ضربت المنطقة خلال الأسبوعين الماضيين، في ظل معاناة العائلات في تأمين ما يحميها من الشتاء نتيجة توقف دعم المنظمات الإغاثية.
وأحدث توقف عمل المنظمات ضررًا خاصًا على الأيتام في المنطقة، والذين يبلغ عددهم ما يقارب خمسة آلاف يتيم، ففي السابق كانوا مكفولين بالمنح التي كانت تقدم لهم من قبل المنظمات، أما حاليًا فتوقفت الكفالات بشكل كامل وغدوا دون معيل أو كفيل.
وبلغ متوسط الكفالة التي كانت تتيحها المنظمات للأيتام في أثناء سيطرة فصائل المعارضة 25 ألف ليرة سورية في الشهر الواحد، كما عملت على تقديم سلل غذائية للفقراء وعوائل المعتقلين من خلال المطابخ الجماعية والمنح المستمرة.
التجار يضاعفون أرباحهم
وحول أسباب عدم انخفاض أسعار التدفئة، قال محمد، تاجر حطب من مدينة تلبيسة، طلب عدم ذكر اسمه الكامل لأسباب أمنية، إن أسعار مواد التدفئة بقيت على حالها رغم انتهاء ظاهرة المعابر التي كانت تطوق المنطقة، فالتجار الذين كان يتم التعامل معهم لم يتبدلوا، وإنما ضاعفوا أرباحهم على حساب أبناء الريف.
وأشار التاجر، في حديث إلى عنب بلدي، إلى أنه لا يمكن اللجوء إلى تجار من خارج المنطقة، لأن ذلك لن يغير شيئًا، وإنما سترتفع أجور النقل الذي سيتحملها المستهلك، مؤكدًا أن الطلب على الحطب منخفض هذا العام مقارنة بالأعوام السابقة، رغم قساوة الشتاء الحالي، مرجعًا ذلك إلى غياب دور المنظمات، والفقر، والحالة الاقتصادية التي وصل إليها السكان، ما جعلهم عاجزين عن شراء أي مادة من مواد التدفئة.
“أبو إبراهيم”، مواطن من أهالي قرية المكرمية، قال لعنب بلدي إنه رغم انتهاء معضلة الحصار لم تنخفض الأسعار، إذ بقي سعر ليتر المازوت 295 ليرة سورية بالرغم من أن السعر الرسمي لليتر 180 ليرة، إضافة إلى أن سعر طن الحطب اليابس 70 ألف ليرة سورية، مضيفًا أن الكثير من العائلات حاولت الاعتماد على الكهرباء والغاز كوسيلة للتدفئة، لكن وجود الكهرباء لا يتعدى ثماني ساعات يوميًا، في حين تعاني المحافظات كافة من أزمة غاز.
قلة دعم المنظمات
وتترافق ارتفاع الأسعار مع توقف دعم المنظمات خاصة عن عائلات اليتامى والمعتقلين التي لم تتلق أي مساعدة تذكر منذ سيطرة قوات الأسد على المنطقة، على عكس ما يروج له النظام عبر إعلامه، كما تقول “أم إسماعيل”، زوجة معتقل في مدينة الرستن، التي أكدت لعنب بلدي أن ما يقدمه الهلال الأحمر السوري من معونات لا تستحق الذكر، فهي تأتي كل شهرين مرة وتقتصر على معونات غذائية لا تكفي لمدة أسبوعين، مضيفة، “لقد روجت شخصيات المصالحة لحضن الوطن الدافئ، لكننا لم نرَ سوى الفقر والبرد وقطع لكل يد كانت تقدم المساعدة لنا”.
وفي حديث سابق لعنب بلدي، قال أحد الإداريين في فرع الهلال الأحمر السوري في حمص (طلب عدم نشر اسمه)، إنه على الرغم من التقارير التي تصل من شُعب الهلال الأحمر في ريف حمص الشمالي عن تردي الوضع المعيشي، ترفض إدارة الفرع إرسال قافلة إغاثة للسكان في تلك المنطقة.
وأشار الإداري إلى أن “أسبابًا طائفية” قد تكون وراء هذا التقصير، إذ توزع المخصصات على بعض المناطق بشكل منتظم رغم عدم حاجتها، وهو مؤشر على سيطرة الأجهزة الأمنية على مفاصل القرار في المنظمة.