عفرين – معتز الحسيني
تستمر عملية قطع الأشجار في مدينة عفرين بريف حلب الشمالي دون رقيب، في ظل مناشدات من أهالي المنطقة لإيقاف العملية التي تعرض الثروة الحراجية في المنطقة إلى خطر كبير.
وتدور تساؤلات كثيرة حول المسؤول عن قطع الأشجار، الذي بدأ عقب سيطرة فصائل “الجيش الحر” المدعومة من تركيا على المدينة، في 18 من آذار الماضي، بعد طرد “وحدات حماية الشعب” (الكردية).
اتهامات مبطنة للفصائل
التقت عنب بلدي عددًا من أهالي المنطقة (طلبوا عدم نشر أسمائهم لأسباب أمنية) المالكين لمساحات من الأراضي الزراعية والمتضررين جراء قطع الأشجار ذات الأصناف المتنوعة، والتي يصل عمرها إلى عشرات السنين، ووجهوا اتهامات مباشرة إلى الفصائل الموجودة في المنطقة.
“ج. أ”، أحد مواطني عفرين، تحدث عن ازدياد عدد الأشجار المقطوعة في أرضه المزروعة بأشجار الرمان والجوز والزيتون، نتيجة قربها من الطريق العام، قائلًا، “بحكم عملي وسكني في المدينة، كنت لا أخرج إلى أرضي إلا كل نهاية أسبوع لأتفقدها، لكن منذ دخول الجيش الحر إلى المدينة أصبحت أخرج كل أسبوع لأعد الأشجار المقطوعة”.
ولم يوجه صاحب الأرض اتهامًا مباشرًا لأحد الأطراف، مؤكدًا أنه لم يرَ أو يشاهد من يقطع الأشجار من أرضه، لكن بحسب قوله فإن المنطقة محاطة بحواجز “الجيش الحر” والشرطة، فإما أن يكونوا المسؤولين أو يعرفون من يقوم بذلك، مشيرًا إلى أنه لا أحد يجرؤ على الشكوى.
وتأتي عملية قطع الأشجار في ظل ازدياد تجارة الأخشاب في المنطقة، وخاصة في ظروف الأحوال الجوية التي تعصف بالمنطقة، لكن تاجر الخشب يشتري الحطب من المناشر أو أي شخص يريد البيع دون معرفة مصدرها، بحسب التاجر “أبو حيدر” (35 عامًا)، الذي أكد أن مسألة الحطب المسروق تعود إلى ذمة البائع، فالتاجر شخص يشتري ويبيع، وهو غير مسؤول عن قطع الأحراج أو سرقة أشجار المدنيين.
وحول الأسعار، أشار “أبو حيدر” إلى أن سعر طن الحطب يبدأ من 50 ألف ليرة سورية، حتى 80 ألف ليرة حسب جودة الحطب ونوعيته، وأغلى الأنواع هو حطب الزيتون، الأمر الذي يزيد من الرغبة في قطعه وسرقته.
وتحتل عفرين مساحة 3850 كيلومترًا مربعًا، أي ما يعادل 2% من إجمالي مساحة سوريا، وتعتبر من المناطق المعروفة بجودة زراعتها، وهي مصدر رئيسي لدخل معظم سكانها، ويغطي شجر الزيتون معظم المساحات الزراعية، وبحسب “الإدارة الذاتية” التي كانت سابقًا تسيطر على المنطقة، يبلغ عدد أشجار الزيتون حوالي 18 مليون شجرة.
من المسؤول؟
عنب بلدي توجهت بالأسئلة إلى قائد الشرطة العسكرية السابق ومسؤول اللجنة الأمنية حاليًا، الشيخ ميلاد، الذي أكد أن الفصائل الموجودة في المنطقة هي المسؤولة عن قطع الأشجار وبيعها، كونها تجارة رابحة بالنسبة لها، مشيرًا إلى أن “كل فصيل يستلم قطاعًا في المنطقة، ولا نمون على بعض، والحل يحتاج إلى ضمير”.
وأشار ميلاد إلى أنه حاول مكافحة الظاهرة وحجز سيارات تابعة لـ “الجيش الحر”، لكنه لاقى معارضة وضغوطًا كبيرة ما دفعه إلى ترك الأمر، بسبب عدم وجود قوة تنفيذية قادرة على قمع المخالفين.
وكانت الشرطة العسكرية حذرت في حزيران 2018، من قطع الأشجار الحراجية في المنطقة وريفها، وقالت إنه يمنع منعًا باتًا قطع أي شجرة حراجية من أي منطقة، وستصادر الشرطة أي سيارة محملة بالأشجار التي تم قطعها حديثًا، كما ستوقف سائق الشاحن لمدة شهر.
من جهته، أرجع مسؤول اقتصادي في أحد الفصائل التابعة لـ “الجيش الوطني”، يلقب بـ “أبو محمد”، طلب عدم ذكر اسمه الكامل، المشكلة إلى الفوضى وضعف النفوس وعدم جدوى قوات الشرطة العسكرية.
وتحدث أبو محمد عن ضبط العشرات من الأشخاص، عسكريين ومدنيين، يقومون بقطع الأشجار من الغابات الحراجية في محيط المدينة، يتم تحويلهم إلى الشرطة أو الشرطة العسكرية إذا كانوا عسكريين، لكن ذلك لم يفلح في إيقاف الظاهرة.
وأكد المسؤول أن “عشرات المشاكل وقعت بهذا الخصوص، والموضوع يحتاج إلى إمكانيات أكبر من قدرتنا وطاقتنا”، قائلًا إن “المسؤولية تقع على الجميع، ولا يوجد فصيل بريء، فكل فصيل لديه عناصر قاموا أو يقومون بقطع الأشجار إما بغرض التجارة أو التدفئة، وعند إمساك أحدهم تتم مصادرة الحطب منه وتركه ليعود ويقطع مرة أخرى”.