توسع “تحرير الشام” يقطع دعم المراكز الطبية في الشمال السوري

  • 2019/01/20
  • 10:34 ص

وقفة احتجاجية للكوادر الطبية أمام مديرية صحة إدلب الحرة 16 تشرين الأول 2018 (مديرية صحة إدلب)

عنب بلدي – خاص

أصبحت المراكز الطبية التابعة لمديريات الصحة في الشمال السوري مهددة بالتوقف، ما ينذر بوضع صعب لسكان المنطقة، بعد قرار منظمات أوروبية بوقف دعم مشاريع إنسانية في الشمال السوري، لتبقى كوادر هذه المراكز دون رواتب.

علقت منظمات أوروبية دعمها لمشاريع إنسانية في الشمال السوري، بعد توسع نفوذ “هيئة تحرير الشام” على حساب فصائل “الجيش الحر”.

وقال مدير صحة إدلب، منذر خليل، الأربعاء 16 من كانون الثاني، في حديث إلى عنب بلدي، إن بعض المؤسسات الأوروبية وخاصة الفرنسية والألمانية والاتحاد الأوروبي علقت دعمها لكل مديريات الصحة في إدلب وحلب وحماة واللاذقية.

وأضاف خليل أن السبب الرئيسي للتوقف بحسب المنظمات هو تغير السيطرة العسكرية على الأرض، موضحًا أن الدعم توقف عن مشاريع دعم الاستقرار وليس المشاريع المنقذة للحياة كالمشافي والمراكز الصحية ومنظومات الإسعاف، والتي شملها الإيقاف لكن بشكل طفيف.

وكانت “تحرير الشام” بدأت عملًا عسكريًا في محافظة إدلب وريف حلب الغربي، تمكنت فيه من طرد “حركة نور الدين الزنكي” إلى عفرين وإجبار “حركة أحرار الشام” على حل نفسها، وأتبعت المناطق التي دخلتها لإدارة “حكومة الإنقاذ” بشكل كامل، مطلع العام الحالي.

وأوضح خليل أن مديرية صحة إدلب تدعم 37 مشروعًا منقذًا للحياة، مقدرًا نسبة الدعم المتوقف عن كل المشاريع بحوالي 30%.

وكانت “الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية” (OFDA) استأنفت، في 3 من كانون الأول 2018، دعمها للقطاع الطبي في محافظة إدلب، بعد تعليقه في أيلول الماضي، مع مخاوف من توقفه بشكل كامل.

ومن بين المؤسسات التي يشملها الدعم المقدم من “OFDA”، “الجمعية الطبية السورية الأمريكية” (سامز) ومنظمة “ريليف إنترناشيونال”، والمشافي بينها مشفى معرة النعمان ومشفى الأمومة الوطني في إدلب ومشفى عقربات.

ويسكن المنطقة التي تخدمها مراكز مديريات الصحة نحو أربعة ملايين و700 ألف نسمة، بحسب إحصائيات نشرها فريق “منسقي الاستجابة” في 26 من كانون الأول الماضي.

ريف حماة.. على شفا كارثة

وشمل توقف المنظمات الأوروبية عن دعم القطاع الطبي في الشمال السوري، المراكز الطبية في مديرية حماة، بما فيها مراكز الإسعاف والطوارئ وبنك الدم.

مسؤول الرعاية الأولية في مديرية صحة حماه الحرة، الدكتور أيهم السلوم، قال إن أكثر من 70% من المنشآت والمراكز الصحية في المنطقة أصبحت من دون دعم، وهي نقاط ومراكز متوزعة في منطقة جغرافية واحدة مثل منطقة جبل شحشبو، المستريحة، سهل الغاب، مدينة قلعة المضيق، وجميعها في ريف حماة.

وأضاف السلوم، في حديث إلى عنب بلدي، أن توقف الدعم يؤدي لتوقف رواتب ومستحقات الكوادر العاملة في جميع المراكز الطبية في المنطقة، محذرًا من كارثة صحية تهدد المنطقة في حال استمر انقطاع الدعم الطبي عنها، مشيرًا إلى أن عدد العاملين في تلك المنشآت يبلغ نحو 250 موظفًا من أطباء وممرضين وإداريين، أصبحوا اليوم يعملون بشكل تطوعي.

ويقدر عدد السكان المستفيدين من المنشآت الطبية في ريف حماة بنحو 20 ألف شخص، في ظل الأجواء الباردة المسيطرة على المنطقة.

سد الفجوة لم يكتمل

من جهته أعرب المدير الإداري لمركز الغاب الأوسط، حسان العيس، عن أسفه لتوقف الدعم عن المركز والذي يهدد بإغلاقه، لا سيما وأن المركز تم افتتاحه قبل أشهر، بهدف سد الفجوة بالنقص الحاصل في المراكز الطبية بالمنطقة.

وقال العيس، في حديث إلى عنب بلدي، إن المركز يقدم خدماته لأكثر من عشر قرى تتوزع ما بين قليدين شمالًا والحويز جنوبًا بالإضافة لعدد من قرى جبل شحشبو القريبة جغرافيًا من المركز والتي تمتد من البدرية وشير مغار غربًا حتى قرى شولين وشهرناز شرقًا، ويتراوح عدد سكان هذه القرى المستفيدة من خدمات المركز ما بين 10 و15 ألف نسمة.

وبالنسبة للحلول المطروحة حاليًا أمام المراكز، أشار العيس إلى أنه لا يوجد سوى التواصل مع الجهات والمنظمات العاملة في هذا المجال لتأمين الدعم اللازم، وإن لم يستطع المركز تأمين الدعم فقد نعتمد الخدمة المأجورة رمزيًا.

أما عن الأدوية فقال العيس، “لا شك أننا لن نستطيع تأمين كل ما نحتاج منها، وهذا سينعكس سلبًا على جودة الخدمة المقدمة للمواطنين الذين لا يملك معظمهم ثمن الأدوية”.

حلول أخرى “بعيدة”

محمود الغابي، أب لأربعة أطفال مصابين بمرض التلاسيميا، يتوجه في كل أسبوعين إلى بنك الدم في قرية باب الطاقة شمال حماة، لتبديل دم لأطفاله، لكن عدم توفر الدم في المركز رتّب عليه تكاليف جديدة للحصول عليه من مكان آخر.

وقال الغابي لعنب بلدي إنه عند توقف الدعم أصبحت عملية نقل الدم على حسابه الخاص من مدينة كفرنبل التي تبعد عنه قرابة 70 كيلومترًا، ليجلبه إلى المركز وهذا يرتب عليه مصاريف مالية فوق طاقته تقدر بعشرة آلاف ليرة سورية (كل دولار يقدر بـ 500 ليرة).

قضية الغابي تنطبق على المئات من السكان ممن يتلقون العلاج في تلك المراكز، إلى جانب الدواء المقدم في معظم الأحيان بشكل مجاني، لكن غيابه زاد أعباء الأهالي وأرهق المرضى.

العمل تطوعًا.. ريثما يأتي الفرج

وكانت “مديرية صحة إدلب”، نشرت الأربعاء الماضي، بيانًا أعلنت فيه بدء العمل التطوعي لجميع العاملين فيها والمنشآت المدعومة من قبلها وأبرزها: مشفى الداخلية التخصصي، مشفى الحكمة في تفتناز، بنك دم إدلب، المخبر الوبائي في حارم.

بينما أصدرت مديريتا صحة حماة وحلب بيانًا أكدتا فيه على العمل المدني الذي تقوم به المشافي والمراكز الصحية، بعيدًا عن التغيرات العسكرية والسياسية في المنطقة.

ودعت الجهات الدولية والمحلية إلى تحييد القطاع الطبي الذي يخدم حوالي ثلاثة ملايين ونصف المليون مدني في الشمال السوري ثلثهم من الأطفال.

وطالب فريق “منسقي الاستجابة”، الخميس 17 من كانون الثاني، بعودة الدعم الطبي من قبل تلك المنظمات وقال في بيان “نعبر عن أسفنا الشديد لتوقف الدعم من قبل الجهات المانحة والذي سيؤدي إلى إيقاف العمل في أكثر من 179 مركزًا طبيًا ومشفى وبنك دم في المنطقة”، محذرًا من العواقب الكارثية المترتبة على إيقاف الدعم المقدم للقطاع الطبي من انتشار الأمراض والأوبئة وغيرها.

مقالات متعلقة

  1. مجلس إدلب يحذر من توقف دعم المشاريع الإنسانية في المحافظة
  2. منظمات أوروبية تستأنف دعمها للقطاع الطبي في إدلب
  3. بعد توسع "تحرير الشام".. منظمات أوروبية تعلق دعم مديريات الصحة في الشمال
  4. "منسقو الاستجابة" يطالب بعودة الدعم الطبي للشمال السوري

منظمات مجتمع مدني

المزيد من منظمات مجتمع مدني