على مدى سنوات شهدت مناطق سورية عدة حصارًا خانقًا لم تخيم ظلاله على السوريين فقط، بل طالت معاناة الحصار عائلات عربية وأجنبية تواجدت قبل عام 2011 في تلك المناطق، بحكم الظروف المختلفة.
برعاية تركية وأخرى دبلوماسية رسمية، تم إجلاء العديد من العائلات الأجنبية التي كانت تعيش في قرى وبلدات سورية محاصرة، حيث جاء الإجلاء بعد مناشدات عدة من قبل تلك العائلات وضمن وساطات ومبادرات أشرفت عليها أطراف النزاع نفسها، دون الحديث عن صفقات مالية أسست لعمليات الإجلاء.
مواطنة سودانية عالقة في إدلب
آخر تلك العمليات كان أمس، الأربعاء 16 من كانون الثاني، حين أعلنت الحكومة التركية عن نجاح عملية إجلاء مواطنة سودانية وأطفالها من محافظة إدلب، بإشراف “هيئة الإغاثة التركية” (IHH).
وكانت السودانية يسرية عبد الكريم دخلت عام 2011 إلى محافظة إدلب لزيارة عائلة زوجها، إلا أنها علقت في المحافظة مدة ثماني سنوات بسبب العمليات العسكرية التي شهدتها المنطقة، بالإضافة إلى منع المدنيين من الخروج من المحافظة إلى مناطق النظام أو عبر الحدود التركية.
ودخلت يسرية إلى الأراضي التركية، أمس، واستقبلتها السفارة السودانية في أنقرة، على أن يتم نقلها إلى بلادها.
عائلة باكستانية في الغوطة
شغلت معاناة عجوزين باكستانيين، كانا يقيمان في الغوطة الشرقية، منظمات المجتمع المدني، بسبب تدهور وضعهما خلال سنوات الحصار التي شهدتها الغوطة قبيل سيطرة النظام السوري عليها في نيسان 2018.
إذ تم إجلاء عائلة باكستانية، مكونة من الزوج محمود فاضل أكرم (72 عامًا) وزوجته صغرال بي بي (62 عامًا)، من الغوطة إلى دمشق في شباط 2018، عن طريق منظمة “الهلال الأحمر السوري”، وذلك بعد أن تواصلت الحكومة الباكستانية مع النظام السوري من أجل السماح لمواطنيها بالخروج من الغوطة.
ووصل المواطنان الباكستانيان إلى دمشق، منذ 24 عامًا، بهدف تأمين فرصة عمل لتحسين وضعهم المعيشي، وتنقل الزوجان في المدينة وريفها ليستقرا في بلدة بيت سوى بالغوطة الشرقية.
وتمت عملية الإجلاء بعد اتفاق بين النظام السوري و”جيش الإسلام” آنذاك، حيث تم إخراجهما خلال “هدنة إنسانية” أعلنتها روسيا في الغوطة لمدة خمس ساعات.
إجلاء عائلة مصرية بجهود دبلوماسية
نجحت البعثة المصرية في دمشق بإخراج عائلة مصرية من الغوطة الشرقية، في تموز 2016، بعد حصار دام أربع سنوات.
العائلة مكونة من أب وأم وطفلين، وحاولت أكثر من مرة الخروج من مكان وجودهم في قرية بيت سوا قرب مدينة دوما في الغوطة الشرقية دون جدوى.
وتواصلت عائلة محمد عبد الله شنشن مرارًا مع السفارة المصرية في دمشق، لتصل إلى ممر آمن لخروج أفرادها سالمين والعودة إلى مصر، لكنهم فشلوا في البداية.
إلا أنه ومع اشتداد المعارك في الغوطة خلال عام 2016 نسقت البعثة المصرية في دمشق مع النظام السوري من أجل السماح للعائلة بالخروج، حيث تم نقل العائلة إلى دمشق ومنها إلى مصر.
الطفلة الفرنسية ياسمين
في تشرين الثاني الماضي، أعلنت “حكومة الإنقاذ” في إدلب، تسليم طفلة فرنسية الأصل إلى سفارة بلادها في تركيا، وذلك بعد سنوات من اختطافها على يد مقاتلين فرنسيين في المحافظة.
وتبلغ الطفلة من العمر أربع سنوات، ويعود تاريخ خطفها من قبل مقاتلين فرنسيين “جهاديين” في إدلب إلى عام 2017، إذ أقدمت مجموعة مقاتلة يقودها القيادي الفرنسي “عمر أومسن” المعروف بـ”عمر ديابي” والقيادي “أبو وقاص الفرنسي” على احتجازها بعد مقتل أبيها الفرنسي الذي كان يقاتل إلى جانبهم في إحدى معارك إدلب.
وعقب احتجاز الطفلة قام “عمر ديابي” بمفاوضة والدة الطفلة للإفراج عنها مقابل فدية ماديّة، ما دفع الأم إلى توجيه نداء إلى السلطات البلجيكية من سان جوسيه في بروكسل لإنقاذ طفلتها ياسمين، حيث تم الأمر بعد اتفاق بين الفصائل في المنطقة وبوساطة تركية.