بدأت ظاهرة خطف الأطفال وإعادتهم مقتولين دون أعضائهم الحيوية تنتشر مؤخرًا في الأحياء التي تخضع لسيطرة النظام، وسط نفيٍ رسمي من نظام الأسد وتعتيمٍ إعلامي.
وضجّت مواقع وصفحات التواصل الاجتماعي المؤيدة للأسد والمعارضة له يوم الخميس 29 كانون الثاني بقصة اختطاف الطفلة «ر» التي لا يتجاوز عمرها 13 عامًا في حي حلب الجديدة الجنوبي، عند نزولها مساءً إلى شارع بيتها «المتنبي» لرفع قاطع المولّد الكهربائي.
وتلقى أهل الفتاة اتصالًا في اليوم التالي من العصابة الخاطفة لطلب الفدية، وبعد الاتفاق على موعد الدفع وإعادتها، استلمت العصابة، التي تستقل سيارةً «غير منمّرة»، المبلغ ودلّت الوالد على مكان الطفلة، ليتفاجأ عند وصوله بأن ابنته جُمعت في كيس قمامة هناك بعد سرقة أعضائها الحيوية من جسدها.
ولم تكن الحادثة الأولى من نوعها، فقد سبقتها حادثتان مشابهتان إحداهما الشهر الماضي حين عُثر على جثة طفل يبلغ حوالي 11 سنة، مرمية بجوار قمامة في نهاية شارع النيل، اكتُشف حينها أن الجثة كانت منزوعة الأعضاء الداخلية أيضًا.
وسارعت وسائل إعلام النظام والمتحدثون باسمه لنفي حادثة الطفلة الأخيرة، بداية على لسان الإعلامي شادي حلوة، الذي نفى الحادثة نقلًا عن مصدر في قيادة شرطة حلب بتاريخ 31، كانون الثاني، مؤكدًا أن هذه الأخبار هدفها إثارة الرعب والذعر في المناطق الآمنة في حلب.
كما نفى بعدها الدكتور زاهر حجو، الطبيب الشرعي في مناطق النظام بحلب، بنفس الطريقة والتبريرات عبر صفحته في الفيسبوك يوم الاثنين 2 شباط.
تواصلت عنب بلدي مع ناشطين في مناطق النظام وأكدوا رواية الطفلة «ر» بشكل كامل بجميع تفاصيلها وبسرقة الأعضاء من جثتها، لكنهم تحفظوا على اسمها معللين عدم القدرة على إعطاء الأدلة الملموسة أو تصوير الجثة، بالقبضة الأمنية المشددة للنظام ومحاولته الشديدة لنفي الحادثة.
وتعقب الناشطة المعارضة «ل . م» في حديث إلى عنب بلدي «إن الطريقة التي هرع فيها النظام للنفي مريبة، بل ومثيرة للسخرية حين اعتبرها تهدف لإثارة الرعب والذعر بين أهالي المناطق الآمنة في حلب»، وتوضح «عن أي مناطق آمنة يتحدثون؟ ولم لم نرَ الاستماتة في النفي والتبرير في حوادث السرق والخطف والفدية بل وقتل المخطوفين أحيانًا، التي تعيشها حلب منذ سنوات».
والملفت أن بعض حالات الخطف تحدث في وضح النهار، كما حصل مؤخرًا في 29 كانون الثاني، حين اختطف شاب بعمر 17 عامًا في حي الحمدانية الساعة التاسعة صباحًا وأمام أهالي الحي.
كما نقل شاهد العيان «ت . ح» في 22 كانون الأول، أن زوجته رأت رجلًا يحاول استدراج طفل صغير بالقرب من سوق الخضار في منطقة الرازي، فخافت ولم تستطع الاقتراب منه، وحين رأى الخاطف الزوج مقبلًا حمل الطفل وركض به مسرعًا واختفى أمام أعين الناس.
ولم تتوقف حالات الخطف في مدينة حلب منذ بداية الثورة، بل تزداد وتيرتها أحيانًا، كما في الآونة الأخيرة، ثم تخبو، ولا يمكن إحصاء الظاهرة التي تنتهي أحيانًا برجوع المخطوف بعد الدفع أو تسلمه مقتولًا، لتكتم أصحابها بسبب خوفهم وسط ظروف أمنية مشددة.
ولم تتمكن عنب بلدي من متابعة تفاصيل بيع الأعضاء أو من يقف وراءها، لما يترتب على ذلك من مخاطر أمنية.
تكرار هذه الجرائم في مناطق مكتظة بالشبيحة وأجهزة الأمن والحواجز العسكرية، التي يفصل بين أحدها والآخر بضعة أمتار فقط، جعل الناشطين يتهمون أجهزة الأمن بالوقوف وراء هذه الأعمال أو مشاركة هذه العصابات على أقل تقدير، محذرين سكان مناطق النظام لأخذ الحيطة خاصة مع الأطفال في ظل ارتفاع مؤشرات هذه الجرائم.