عنب بلدي – وكالات
تتراوح التصريحات الأمريكية حول خطة الانسحاب العسكري من سوريا، بين التناقض في مواقف مسؤولي البيت الأبيض، والتصريحات المسربة حول جدية الانسحاب وجدوله الزمني.
تظهر التصريحات المتضاربة تخبطًا واضحًا في الخطة الأمريكية حول الانسحاب من سوريا، وذلك لاعتبارات متعددة، أولها ملء الفراغ الذي يخلفه الانسحاب، إلى جانب القضاء على تنظيم “الدولة الإسلامية” شرق الفرات.
وكان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، أعلن بشكل مفاجئ، في 19 من كانون الأول الماضي، سحب القوات الأمريكية الموجودة شرق الفرات، والبالغ عددها 2600 جندي أمريكي بحسب “CNN”.
وسبّب قرار واشنطن بالانسحاب جدلًا ورفضًا على الصعيدين المحلي والدولي، ومخاوف أخرى في واشنطن من عودة التنظيم لتجميع صفوفه، كما أنه خلط الأوراق في المنطقة إثر النزاع على ملء الفراغ الذي يتركه الجيش الأمريكي شرق الفرات، وكان سببًا باستقالة وزير الدفاع الأمريكي، جيم ماتيس.
غموض في التصريحات العسكرية
بعد ثلاثة أسابيع على إعلان الرئيس ترامب سحب قواته من سوريا، وردت تقارير في 11 من كانون الثاني الحالي، من مسؤولين في وزارة الدفاع الأمريكية، تفيد ببدء سحب المعدات العسكرية.
ونقلت وكالة “رويترز” عن المتحدث باسم التحالف الدولي، شون رايان، قوله، “التحالف بدأ عملية الانسحاب المدروس من سوريا. حرصًا على أمن العمليات، لن نعلن جداول زمنية أو مواقع أو تحركات محددة للقوات”.
لكن سرعان ما عادت وزارة الدفاع الأمريكية، الجمعة 12 من كانون الثاني، لتنفي تقارير تفيد بسحب جنود أمريكيين من سوريا، وتؤكد على أن المعركة التي ترعاها واشنطن، ضد تنظيم “الدولة”، مستمرة مع حلفائها من “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد).
وقال المتحدث باسم البنتاغون، شين روبرتسون، “نؤكد عدم حدوث سحب لعسكريين من سوريا حتى الآن”، وأضاف، “الانسحاب يعتمد على ظروف العمليات على الأرض بما في ذلك الحوار مع حلفائنا وشركائنا ولا يخضع لجدول زمني عشوائي”.
وأضاف روبرتسون أن التحالف الدولي الذي تقوده بلاده، نفذ ما وصفه بـ “إجراءات لوجستية لدعم عملية الانسحاب من سوريا”.
خلافات وتناقضات
وكان السيناتور الجمهوري الأمريكي البارز لينزي جراهام، قال في نهاية كانون الأول الماضي، إن الرئيس، دونالد ترامب، حدد ثلاثة أهداف يجب التأكد من تحقيقها قبل الانسحاب الكامل من سوريا، أولها ضمان تدمير تنظيم “الدولة الإسلامية” بشكل كامل، وثانيها أن إيران لن تملأ الفراغ في سوريا، إلى جانب التأكد من حماية الكرد.
جراهام، وهو أحد حلفاء ترامب، قال حينها، “لا تزال لدينا بعض الخلافات، لكني سأخبركم بأن الرئيس يفكر مليًا وبجدية بشأن سوريا في كيفية سحب قواتنا ولكن في نفس الوقت بما يحقق مصالح أمننا القومي”.
تتضح الخلافات التي أشار إليها جراهام في تصريحات مستشار الأمن القومي، جون بولتون، والتي كان أبرزها ربط الانسحاب بحماية الحلفاء الكرد، ما دفع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، لوصف تصريحاته بأنها “خطأ فادح”.
ونقلت “رويترز”، عن مسؤول أمريكي، الثلاثاء 8 من كانون الأول، أن المستشار بولتون أبلغ الأتراك خلال زيارته لتركيا، بأن الانسحاب الأمريكي من سوريا سيتم بطريقة منظمة، كما أن القوات الأمريكية ليست لديها أي خطط في هذه المرحلة بشأن الانسحاب من قاعدة التنف جنوب شرقي سوريا.
لكن وزير الخارجية، مايك بومبيو، نفى خلال زيارته لمصر، الخميس الماضي، وجود أي تناقض بشأن الانسحاب من سوريا، متهمًا الإعلام باختلاق هذه الاتهامات، قائلًا إن بلاده ستواصل محاربة تنظيم “الدولة” شرق الفرات بطريقة مختلفة.
سبقت ذلك تصريحات لبومبيو، لموقع “نيوزماكس” قال فيها إن “الأهمية هي لضمان ألا يقتل الأتراك الكرد، ولحماية الأقليات الدينية في سوريا، كل هذه الأمور لا تزال جزءًا من المهمة الأمريكية”.
لكن الوزير الذي قام بجولة في الشرق الأوسط، الأسبوع الماضي، لطمأنة الحلفاء بشأن التزام واشنطن بأمن المنطقة، أردف أن الانسحاب لن يتوقف برغم التهديدات التركية.
وفي إطار الخلافات التي تختبئ وراء التصريحات الأمريكية المتناقضة، فإن تقلب الرئيس ترامب في مواقفه، منذ التغريدة الأولى في 19 من كانون الأول الماضي حتى اليوم، يظهر تخبطًا في الموقف الأمريكي بين تحديد الفترة الزمنية للانسحاب “السريع”، وبين المخاوف على المصالح في المنطقة.
وكانت “رويترز” نقلت عن مسؤول مقرب من جون بولتون، في 5 من كانون الثاني الحالي، قال إن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، تلقى تأكيدات من قادته العسكريين تفيد بأن مهمتهم “يمكن إنجازها في غضون أسابيع”.