عنب بلدي – القامشلي
بجهود فردية افتُتح في مدينة القامشلي مقهى الكتاب بنداروك “Bindarûk” بهدف جمع القراء والمثقفين ونشر الثقافة بين أبناء المدينة.
ويضم مقهى الكتاب كتبًا منوعة باللغات العربية والكردية والإنكليزية مخصصة للبيع والاستعارة داخليًا، إلى جانب إمكانية احتساء القهوة وشرب الشاي في المكان نفسه.
الكاتب والصحفي عباس علي موسى، أحد مؤسّسي المكتبة، قال لعنب بلدي إن فكرة المشروع، ذاتي التمويل، والذي يشاركه فيه المترجم عبد الله شيخو، جاءت في الأساس من انشغالهما بالشأن الثقافي، والهم الثقافي ككل.
أما عن معنى التسمية فـ “بنداروك” تعني باللغة الكردية اسم مكان دالّ على مكان التنزّه والتفسّح.
وعن محتوى المكتبة والتي تعد الأكثر تنوعًا من حيث نوعية الكتب وفرادتها في المنطقة، قال عباس لعنب بلدي إن “بنداروك” تضم أكثر من ألف عنوان باللغات الثلاث (الكردية والعربية والإنكليزية)، وبواقع حوالي 11 ألف كتاب في مختلف الموضوعات من فكر وتاريخ وأدب وكلاسيكيات بالإضافة إلى كتب منوعة للأطفال.
كما تضم “بنداروك” في شقّها الآخر مقهى يقدّم للزوار والقرّاء المشروبات الباردة والساخنة، مع إمكانية استعارة الكتب داخليًا وقراءتها، إضافة إلى وجود مجلات منوّعة جديدة متاحة للقراءة.
وأشار عباس إلى وجود إقبال كبير وتفاعل من قبل الزوار مع المشروع الجديد، وذلك لحداثة الفكرة بحدّ ذاتها وجاذبيتها، إلى جانب ندرة وجود مكتبات متخصّصة ببيع وإعارة الكتاب في المدينة، مضيفًا أن ما يميز المكتبة أيضًا أنها تضم بين رفوفها كتبًا كردية وأخرى عربية كانت ممنوعة من التداول على مدى عقود من الزمن.
أما عن الصعوبات التي تعترض المشروع فلفت عباس إلى أنها تنقسم إلى صعوبات مادية ولوجستية، إذ يواجه القائمون على المشروع صعوبات مادية نابعة من كون المشروع غير مموّل من جهات خارجية، وكل ما فيه يتم بجهود ذاتية محدودة.
إلى جانب صعوبات لوجستية متعلقة بجلب الكتب، فالكثير منها يتم إحضارها عن طريق تركيا إلى إقليم كردستان العراق ومنه باتجاه مدينة القامشلي، الأمر الذي يستهلك الكثير من الجهد والمال وكذلك الوقت الذي قد يستغرق مدة تتراوح بين شهر وثلاثة أشهر، وهذا كله يرتب جهودًا مضنية في التواصل وأجورًا إضافيةً في الشحن والمتابعة.
ويطمح القائمون على المشروع إلى تطويره لمنتدى أو صالون ثقافي يضم إلى جانب مقهى الكتاب مساحة لأنشطة ثقافية كدعم القراءة وفعاليات للأطفال وعروض للأفلام، وغيرها.
ويرى عباس أن تنفيذ هذه الخطط على أرض الواقع ليس بالأمر الصعب أو المستحيل، بل إنه يحتاج إلى مزيد من الوقت فقط.
وأنهى عباس حديثه بالقول إن “المغامرة الثقافية حتى وإن أتعبتك، لا ترديكَ إلى الأسفل حتمًا”.
وحُرمت المناطق الكردية من ممارسة الأنشطة الثقافية وتداول الكتب الكردية لفترات طويلة من الزمن، ولكنها شهدت في السنوات الأخيرة العديد من الأنشطة المدنية والإعلامية والثقافية.
كما حُرم الكرد السوريون من دراسة لغتهم ضمن سياسة قائمة على التهميش اعتمدها النظام السوري على مدى عقود طويلة.
وتضم منطقة القامشلي نحو 450 قريةً كردية وعربية، وعددًا من القرى السريانية، وأخرى مختلطة، الأمر الذي يشكّل حالة مميزة من التنوّع الثقافي.