عفرين- معتز الحسيني
لحل جزء من معاناة النازحين من المنطقة الشرقية في سوريا، افتتح ناشطون دائرة للسجل المدني في مدينة عفرين بريف حلب مطلع العام الحالي، بهدف اعتماد أوراق رسمية خاصة بالزواج وتسجيل الأطفال الجدد وإخراج القيود العائلية.
ومع سيطرة “الجيش الوطني” المدعوم تركيًا على عفرين، في آذار 2018، ونزوح عدد من سكان المنطقة، شهدت موجة نزوح عكسي إليها من مناطق أخرى وقعت اتفاقيات تهجير بين النظام والمعارضة كمحافظات دمشق وحمص أو بسبب العمليات العسكرية ضد تنظيم “الدولة” كدير الزور.
ويبلغ عدد النازحين من المنطقة الشرقية في عفرين نحو ألف عائلة، بحسب مكتب مهجري دير الزر.
وقال مدير السجل المدني للمنطقة الشرقية في عفرين، أنس التبن، في حديث إلى عنب بلدي، “بعد خروج أهالي المنطقة الشرقية من مناطقهم ونزوحهم نحو المناطق المحررة في الشمال، تعرضت أوراقهم الثبوتية للضياع أو تركوها خلفهم أو احترقت بفعل القصف دون وجود بديل لهذه الأوراق”.
وأضاف التبن، “هناك عدد كبير من الأطفال وصلوا لمرحلة الرشد دون امتلاك هوية شخصية، وهذا ما يعقّد أمورهم من ناحية التنقل والسكن، كما أن الأزواج الجدد غير مسجلين بالمحاكم الشرعية، وأطفالهم غير مسجلين عند أي جهة”.
وبعد الاستقرار في مدينة عفرين قام ناشطون من المهجرين بمراسلة الحكومة المؤقتة ومحافظة دير الزور الحرة لإنشاء المديرية، فتمت الموافقة وتوجيه الناشطين إلى أمانة السجل المدني العام، التي زودوتهم بالأوراق الرسمية الصادرة عنها والأختام، في ظل تبرع بعض الأشخاص بالبناء والتجهيزات.
مخاتير للمهجّرين
ضمن إطار الأوراق الثبوتية التي يحتاجها السكان في جميع المناطق، كان لا بد من تعيين مخاتير يسيّرون معاملات النازحين بحسب كل منطقة، لضمان الحفاظ على الأوراق الرسمية وحفظ الأنساب وغيرها.
مختار مهجري دير الزور في عفرين، زياد مالاتي، يقول في حديث لعنب بلدي، “طالبنا مرارًا بمديرية لتسيير أمور الناس، ولكن بسبب التشتت وعدم وجود جسم واضح لأهالي دير الزور، فشلت المحاولات السابقة والآن نحن معتمدون رسميًا من قبل الحكومة المؤقتة”.
ويضيف مالاتي، “عدم وجود أوراق ثبوتية أو ضياعها عقّد من مهمة المديرية، لذلك تم تعيين ثلاثة مخاتير لمدينة دير الزور وريفها ممن لهم تجربة سابقة بهذا المجال ومعرفة قوية بالعائلات والعشائر والأنساب وكل ذلك بجهد شخصي دون مقابل لتسيير أمور الناس”.
عمل المختار يتم بالتأكد من هوية الشخص وعائلته أو هوية زوجته وأطفاله، بإرسال كتاب بجميع التفاصيل ممهور بالختم الرسمي، بالإضافة إلى شهادة شخصين يؤكدان صحة المعلومات، ليوفر ذلك جهدًا كبيرًا من عمل مديرية السجل المدني والأهالي معًا، كما يقول مالاتي.
صلاحيات المديرية الجديدة
تختص مديرية السجل المدني الجديدة باستصدار أوراق ثبوتية رسمية مثل إخراج القيد وبيانات الزواج والولادة والوفاة وغيرها، إلى جانب استخراج دفاتر العائلة.
وحول التنسيق مع المخاتير يكمل مدير السجل، “تم تعيين المخاتير بداية واعتمادهم رسميًا، ثم تواصلنا مع القصر العدلي في مدينة عفرين وجرى الاتفاق على الآلية التي سيتم بها تثبيت المئات من عقود الزواج أو الطلاق أو حل مشاكل الأحوال الشخصية العالقة”.
ورغم أن الحكومة السورية المؤقتة لم تسهم في إنشاء المديرية، وعدت بتقديم رواتب شهرية للموظفين السبعة العاملين فيها، ووفقًا للتبن، تحاول المديرية البحث عن داعم يتكفل بعملها، خاصة وأن ذلك يتطلب جهودًا كبيرة خلال الأشهر المقبلة، من أجل توثيق آلاف الأوراق الخاصة بالسكان من أفراد وعائلات نزحت خلال العام الماضي إلى عفرين.
لم تحدد أي جهة إحصائية أو مدنية عدد النازحين الذين وصلوا إلى عفرين، وحاول فريق “منسقي الاستجابة” في الشمال السوري، إحصاء التوزع السكاني في المنطقة، لكن التطورات الكبيرة التي تحدث في الشمال السوري صعبت من عملية الإحصاء بحسب ما أكده مكتب التواصل الخاص بالفريق لعنب بلدي.
ووفق الإحصائية الأخيرة التي نشرها “منسقو الاستجابة” عن التوزع السكاني في عفرين، في 9 من تموز الماضي، فإن عدد العائلات المقيمة في المنطقة بلغ 28461 عائلة، من ضمنها 21352 ألف عائلة من السكان الأصليين.
وبلغ عدد العائلات النازحة من دمشق وريفها 6863 عائلة، بينما وصل عدد المهجرين من ريف حمص 246 عائلة، بحسب أرقام “منسقي الاستجابة”، في حين يصل عدد النازحين من المنطقة الشرقية إلى ألف عائلة.