انتشار الولادات القيصرية في إدلب.. خيار لسيدات وإجبار لأخريات

  • 2019/01/13
  • 12:00 ص

نساء مع أطفالهم في بلدة المسطومة بريف إدلب - 13 كانون الثاني 2018 (عنب بلدي)

عنب بلدي- شادية التعتاع

باتت الولادات القيصرية الخيار المفضّل، وأحيانًا الأوحد، بالنسبة للنساء الحوامل في محافظة إدلب، بعد عقود شاعت فيها قناعة الولادة بشكل طبيعي وتجنب التعرض لعمل جراحي، فيما اقتصرت الولادة القيصرية على النساء اللواتي يعانين من مشكلات صحية فقط.

خلال السنوات الأخيرة انتشرت الولادات القيصرية في إدلب بشكل كبير، واللافت أنها أصبحت خيارًا وليست إجبارًا لدى الكثيرات من النساء اللواتي فضلن العمليات الجراحية في أثناء الولادة، تجنبًا لآلام المخاض، أو لأسباب أخرى مرتبطة بالظروف الأمنية التي فرضتها الحرب.

وتسبب ذلك بأعباء إضافية على العوائل نظرًا لارتفاع تكلفة الولادة القيصرية، خاصة أن أغلبية النساء الحوامل يفضلن المستشفيات الخاصة عوضًا عن تلك التابعة للمنظمات الخيرية في المنطقة.

إحدى السيدات، تحفظت على ذكر اسمها، تقول لعنب بلدي، “أجريت عملية قيصرية ثلاث مرات، الأولى كان عمري فيها 18 سنة وكانت كلفتها بسيطة 50 دولارًا فقط، أما الثانية والثالثة فكانت كلفتهما أعلى ووصلت إلى 100 دولار”.

وتنوه السيدة (28 عامًا) إلى أن توفير هذا المبلغ ليس بالأمر السهل وخاصة في ظل الأوضاع الراهنة.

أما عن سبب خضوعها للعملية القيصرية فتقول السيدة إن وضعها الصحي لم يساعدها أن تضع مولودها الأول بشكل طبيعي لإصابتها بارتفاع ضغط الدم في أثناء الحمل، وبالتالي أجبرت على الخضوع للقيصرية في ولاداتها اللاحقة.

أسباب قيّدت أم أراحت الأطباء؟

الطبيبة أمية، اختصاصية أمراض النساء والتوليد في مدينة كفرنبل بريف إدلب، توضح لعنب بلدي عدة أسباب قد يلجأ إليها الطبيب لإجراء عملية قيصرية، ومن بينها ضيق الحوض، أو إتمام المرأة للشهر التاسع وعدم قدرتها على الولادة بشكل طبيعي، أو تعرض السيدة للولادة القيصرية سابقًا، أو انفصال المشيمة عن الطفل بشكل كامل.

وتوضح، “هنا تصبح القيصرية هي الحل لتجنب تعريض حياة المرأة أو الطفل للخطر”، فضلًا عن وجود مشكلات صحية أخرى يطول الحديث عنها.

لكن الطبيبة أمية تحدثت عن أسباب “خارجة عن المألوف” وعلى رأسها اختيار الحامل الولادة بشكل قيصري رغم عدم معاناتها من مشكلات صحية، وعدم اضطرارها لذلك.

وتضيف أن هناك بعض السيدات يفضلن العملية القيصرية، وخاصة “البكرية” (الحامل لأول مرة) التي تتوهم من آلام المخاض، فضلًا عن المخاوف الأمنية لدى أخريات توجسن من حدوث الولادة ليلًا، الأمر الذي لا تسمح به الظروف في إدلب بسبب انتشار الحواجز أو القصف أحيانًا وصعوبة الوصول إلى المشافي.

كما تحدثت الطبيبة عن أسباب أخرى تعود لتصرفات “خاطئة” من قبل بعض الأطباء في إدلب، وليس فقط السيدات الحوامل، إذ يلجأ الأطباء في الأشهر الأخيرة إلى العمليات القيصرية كونها “أسهل” و”أكثر ربحًا” من الولادات الطبيعية التي تتطلب صبرًا كبيرًا من الطبيب، على حد تعبيرها.

ازدياد بنسبة 50%

الدكتور زهير قراط، مدير مستشفى التوليد في بلدة شنان بريف إدلب، يقول “للأسف ازدادت ظاهرة العمليات القيصرية بشكل كبير نظرًا لاختيار الأطباء لها بسبب مردودها المادي”.

ويضيف قراط، في حديث إلى عنب بلدي، أن نسبة الولادات القيصرية في إدلب وصلت إلى 50%، بعضها كان من اختيار السيدات اللواتي يخفن من آلام المخاض، وبعضها بسبب عدم صبر الأطباء على الحامل، خاصة في أثناء الولادة الأولى لها.

الشابة ريم، التي فضلت العمل الجراحي على الولادة الطبيعية في ولادتها الأولى، تقول لعنب بلدي إنها هي من اختارت الولادة القيصرية لخوفها من آلام المخاض.

وتضيف ريم (32 عامًا)، “كانت النية منذ البداية أن أخضع لعملية قيصرية، إلا أنني عند ولادتي تعرضت لألم شديد فقدت معه الوعي، هنا اضطرت الطبيبة المشرفة لإجراء عملية قيصرية، إذ أجبرت على الأمر رغم اختياري له”.

والآن لدى ريم أربعة أطفال جميعهم ولدوا بشكل قيصري، نظرًا لقناعة والدتهم أن الولادة القيصرية أفضل من الطبيعية، على حد قولها.

الطبيبة أمية تحدثت عن مخاطر العمل الجراحي للحامل التي لا تعاني بالأساس من مشكلات صحية تجبرها على ذلك، وتتلخص تلك المخاطر باحتمال حدوث أخطاء طبية أو عضوية.

وفي هذا السياق تنوه الطبيبة لوجود مضاعفات من بينها حدوث اختلاطات تخديرية أو جراحية، مثل النزف والعطالة الرحمية والحد من الولادات، إذ لا يمكن للمرأة الخضوع لعمليات قيصرية أكثر من خمس مرات، كون ذلك “يشكل خطرًا على حياتها”، بحسب الطبيبة.

ورغم شيوع الولادات القيصرية في إدلب، هناك نسبة كبيرة من الأطباء يفضلون إجراء الولادات الطبيعية لأنها الأسلم على صحة المرأة، فضلًا عن انتشار الوعي لدى بعض السيدات بضرورة الولادة بشكل طبيعي، في حال لم يضطررن للعمليات القيصرية.

مقالات متعلقة

مجتمع

المزيد من مجتمع