أطلقت وسائل الإعلام الموالية لنظام الأسد مطلع العام حملة «عيشها غير» لتلميع صورة الوزارات وحرصها على راحة المواطن السوري، الذي تحاصره هموم غلاء المعيشة والبطالة والقذائف العشوائية والمستقبل المجهول؛ مقدمةً بعض التخفيضات لأمور خدمية ومتجاهلة أسباب المعاناة والصعوبات اليومية التي يعيشها المواطنون.
وشارك في الحملة عددٌ من المؤسسات الخدمية والوظيفية الخاصة والعامة بالإضافة إلى عدد من الوزارات كان آخرها وزارة الاتصالات والتقانة، التي أعلنت أمس السبت (7 شباط) عن سلسة تخفيضات على أسعار الاتصالات المحلية والدولية والإنترنت.
وأوضح المدير التجاري في الشركة السورية للاتصالات أحمد سنبل في تصريح لوكالة سانا الرسمية، أن الشركة السورية للاتصالات تشارك بالحملة من خلال التسهيلات التي تقدمها للمواطنين، والتي تتضمن عروضًا على المكالمات الدولية إلى الدول العربية ما عدا لبنان، حيث يحصل المشترك بعد الدقيقة الخامسة على دقيقة مجانًا طيلة عام 2015 ومنحت الشركة 200 مكالمة مجانية مدة كل مكالمة 3 دقائق لكل زبون تتجاوز فاتورته الهاتفية ألفي ليرة في الدورة الواحدة.
وفي خدمة الإنترنت بيّن سنبل أن العروض تشمل رفع سرعة الانترنت لبوابات ADSL
من 256 كيلو بايت في الثانية إلى 512 كيلو بايت في الثانية مجانًا خلال عام 2015، ورفع سرعة الإنترنت للمشتركين بسرعة 512 إلى واحد ميغا بايت وبسعر 1400 ليرة سورية بدلًا من 1600 ليرة.
وضمن خطة الشركة السورية للاتصالات لـعام 2015، سيتم تركيب حوالي 500 ألف بوابة ADSL جديدة في مختلف المحافظات، وبذلك سيصل إجمالي أعداد مشتركي الإنترنت في سوريا حتى نهاية 2015 إلى حوالي مليون مشترك، بحسب الشركة.
لكن هذه الاشتراكات تعتبر وهمية، إذ تنقطع خدمة الهاتف الأرضي والإنترنت عن أغلب المناطق الخارجة عن سيطرة الأسد، كما يستمر انقطاع التيار الكهربائي الطويل حتى في المناطق التي تخضع لسيطرته ما يجعل ساعات الوصول إلى الإنترنت محدودة جدًا.
وبدورها ستقدم الخطوط الجويّة السوريّة حسمًا بنسبة 50 في المئة، بعد شراء أوّل خمس تذاكر طيران؛ كما تكفلت وزارة السياحة بتقديم إقامة لمدة يومين لمن يقيم حفل زفافه في أحد فنادق الوزارة.
ويعتبر السفر من مطار دمشق، الذي انخفضت رحلاته بصورة متسارعة منذ بداية الثورة، رحلةً شاقة مليئة بالمخاطر، حيث تنتشر قوات الأسد على مفاصله، بينما يشهد اشتباكات وقصفًا متقطعًا من قبل مقاتلي المعارضة في الغوطة الشرقية وجنوب دمشق، كما أن المسافرين عبره يقصدونه بعد انسداد الطرق أمامهم للهجرة من البلاد والخروج إلى لبنان أو غيرها من البلاد المجاورة.
أما وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، فقد بدأت منذ انطلاق الحملة بطرح العديد من العروض للمستهلكين عن طريق مؤسساتها الاستهلاكية، لكنها فاجأتهم بعد عدة أيام برفع أسعار المازوت والغاز وربطة الخبز.
ولاقت الحملة، التي حاولت وسائل إعلام الأسد الترويج لها بإعلانات طرقية ولافتات كبيرة غطت أحياء العاصمة دمشق، سخرية المواطنين من العروض التسويقية، خصوصًا من بعض العروض، كأحد المطاعم الذي يقدّم حسمًا بنسبة 15 بالمئة من قيمة فاتورته، لكن موقعه في حي المالكي، أحد أغلى أحياء العاصمة وأكثرها رفاهية، ما يعني أن المستفيدين من العرض هم الطبقات الغنّية أصلًا.
كما تناقل ناشطون معارضون صورًا تظهر لافتات الحملة وبجانبها حالات من معاناة الشعب السوري بالنزوح أو أزمة المواصلات أو جرحى القصف العشوائي والمعارك المستمرة على تخوم العاصمة.
وضجّ هاشتاغ #عيشها_غير بتعليقات الساخرة، أبرزها «ليتر العرق أرخص من ليتر المازوت، زهران علّوش ينضم إلى الحملة، حملات النظام الوردية وسط النار» في إشارة إلى الغلاء الذي يفوق دخل أرفع الموظفين عند الدولة، واستمرار المعارك اليومية بين النظام والمعارضة.
يذكر أن الحملة تأتي تزامنًا مع انخفاض الليرة إلى أدنى قيمة «رسمية» لها مقابل الدولار متخطية حاجز 217 ليرة، باعتراف البنك المركزي بينما يصل سعر الدولار في السوق السوداء إلى قرابة 240 ليرة.