يكبر وينشأ بعض الأطفال في بيئات غير آمنة ومولدة للخوف والقلق، السبب الذي يعمل على تطوير بعض المشاكل العاطفية والنفسية التي قد تساهم في إعاقة تطور ونمو الطفل في الصورة الطبيعية، لذلك وجب أن نكون حذرين بنوعية البيئة التي نربي أطفالنا فيها. والبيئة هنا تشمل الوالدين، العائلة، المعلم، المدرسة، الأصدقاء، وسائل الإعلام، الشارع، وكل من له دور في رعاية الطفل وتلبية حاجاته.
بصرف النظر عن الغذاء والمآوى، التي تشكل الحاجات المادية الأولية، والتي قد تعيق تطور الطفل بحال اختلالها، هناك الكثير من الاحتياجات الأخرى التي يتطلبها الطفل لكي يتمكن من النمو بشكل متكامل. وإذا لم تلبى هذه الاحتياجات للطفل فإن ذلك سيولد شعورًا لديه بأنه شخص غير محبوب، وقد يلجأ إلى ممارسة العنف والعدوانية لتلبيتها كردة فعل هجومية على المحيط الأسري.
من هذه الاحتياجات الأساسية:
الحب والمودة:
يحتاج كل طفل بأن يشعر بأنه محبوب من قبل أسرته وخاصة من قبل الوالدين. هذا سوف يساعد على تطوره كشخص واثق بنفسه وذو شخصية قوية وله مكانة في هذا العالم، لذلك فإن الأطفال الذين يتم التخلي عنهم في سن مبكرة فإن الشعور الغالب لديهم هو التهديد وعدم الأمان، وينمون غير قادرين على تكوين علاقات صحية مع الآخرين بسبب عدم ثقتهم بهم، لذلك يفضل للطفل أن ينمو في كنف أحد الوالدين (الطرف القادر على إشباع حاجة الحب لطفله) من أن يعيش في جو يسوده الشجار والمشاكل والخلافات طيلة الوقت بدافع البقاء من أجل حياة أطفالهم.
الإحساس بالاستقرار:
عندما يتعلق الأمر بالاستقرار فإن الطفل هو الطرف الأكثر حساسية في هذا الموضوع. فهو بحاجة إلى أن يشعر بأن هناك مكان في هذا العالم يمكن أن يعتبره منزلًا ونادرًا ما يمكن تغييره، الأمر الذي يساعد هذا الطفل على تكوين صداقات مستقرة مع الأطفال الآخرين في الحي ويكون قادرًا على اللعب معهم. فاللعب هو الأداة التي تعمل على تطوير كافة المهارات لكل طفل على كافة مستويات. على سبيل المثال، الآباء في ظل الظروف الراهنة لا يتوقفون عن كلمة «بدنا نرجع على سوريا» عند كل موقف قد يواجههم، عالرغم من عدم نيتهم للقيام بهذا السلوك، هذا النوع من عدم الاستقرار يؤثر على الطفل على حد سواء عاطفيًا أو نفسيًا
توافر بيئة تعليمية جيدة:
كل ما كبر وتطور الطفل، فإنه بحاجة إلى أن يوضع في بيئة تساعده على تعلم المزيد من المهارات في الحياة وتمكنه من اكتساب خبرات جديدة خاصة بيئة الأصدقاء وأبناء الحي، فالطفل أقدر على التعلم من أصدقائه كيفية اللعب واللغة والمفردات والأحرف بطرق أسرع من تعلمها من أهله، وهذا بالضرورة ينعكس عليه بشكل إيجابي من حيث تمكنه تعلم الكثير منذ عمر مبكر.
هناك الكثير من الحاجات غير المذكورة أعلاه، والتي يقع على عاتق الوالدين تلبيتها واكتشافها انطلاقًا من اختلاف طبيعة كل طفل وظروفه وعمره، إلا أن معرفة الحاجات الأساسية للطفل، وخصائص مراحل نموه تمكن الوالدين من فهم طفلهم، وتساعدهم على تنمية قدراته ومهاراته بدلًا من إطفائها وقمعها جهلًا منهم، وهذا ما سوف يتم تناوله في مقالات قادمة.