خطف “ع المكشوف” في دمشق

  • 2019/01/06
  • 12:27 م

شارع في دمشق القديمة - 2 كانون الثاني 2019 (عنب بلدي)

ماري العمر – دمشق

لم يشفع لأحمد، وهو شاب يعيش في حي جرمانا بدمشق، وجوده وسط الناس، وبالقرب من منزله، من أن يصبح ضحية اعتداء وسلب من قبل مجموعة من المسلحين، الذين هاجموه على مرأى ومسمع من الجيران.

يقول أحمد لعنب بلدي، “منذ أيام وفي أثناء عودتي من عملي إلى البيت في جرمانا وأنا أقود دراجتي النارية، اعترضت طريقي سيارة فيها أشخاص أجبروني على التوقف، ثم تجمعوا حولي وأوسعوني ضربًا وسلبوا مني النقود التي كنت أحملها بالإضافة إلى هاتفي النقال”.

ما أثار استغراب أحمد هو وجود الناس في الشارع، من دون أن يتدخل أحد لإنقاذه أو حتى لاستدعاء الشرطة، على حد قوله.

لم تكن الحرب لعنة على أهالي المناطق الخارجة عن سيطرة النظام فحسب، بل كان الناس في دمشق يعانون الكثير من المشاكل، خاصة بعد فقدانهم الشعور بالأمن والأمان الذي دائمًا ما يتحدث عنه أهالي دمشق.

فبعد العام الأول من الثورة السورية، تشكلت مجموعات في مناطق سيطرة النظام سميت بـ “اللجان الشعبية” والتي كان لها دور كبير في الخطف والسلب والقتل، بغية تحصيل أموال من الضحايا.

يعتقد أحمد أن هؤلاء هم عصابة لطلب فدية مالية وفي حال لم يستطيع الأهل دفع الفدية يتم قتل الضحية وبيع أعضائها.

فدية مالية كبيرة.. وإلا

كانت حادثة اختطاف سامي، وهو شاب يبلغ 20 عامًا، سببًا رئيسيًا في مغادرة عائلته إلى خارج سوريا، من دون التفكير برجوع قريب.

وتقول راما، وهي شقيقة سامي، “منذ عام أقدمت عصابة على خطف شقيقي في منطقة قريبة من شارع بغداد، وسط دمشق، ولم ندرِ ماذا حل به إلا بعد أن بدأت العصابة الاتصال بأهلي، ومطالبتهم بفدية قيمتها ثلاثة ملايين ليرة سورية، (حوالي ستة آلاف دولار أمريكي)، وتهديدهم بقتل أخي ورمي جثته أمام منزلنا في حال لم يدفعوا المبلغ المطلوب”.

“لحسن الحظ كان عمل والدي جيدًا فهو يعمل بتجارة السيارات، وأعتقد أن المختطفين يعلمون بوضعنا المادي، لذلك استطاع أن يؤمّن المبلغ لإطلاق سراح أخي”، تضيف راما، وبعدها غادر كل من والدها ووالدتها وأخواتها الشباب إلى خارج سوريا خوفًا من تكرار الحادثة.

لكن حال عائلة سامي تخالف حال عائلات أخرى لا تملك المبلغ المطلوب، كحال “أم مؤيد” التي طلب خاطفو ابنها الأكبر مبلغ مليون ليرة سورية (ما يعادل ألفي دولار أمريكي)، وهي لا تملك شيئًا منه خاصة بعد أن قتل زوجها الذي كان متطوعًا في مجموعات تابعة للنظام السوري.

تقول أم مؤيد، “بعد أن توفي زوجي صرنا نعيش على التعويض المالي الذي خصصته الحكومة لذوي الشهداء والجرحى في الجيش، وهو مبلغ قليل لا يكاد يغطي حاجاتنا الضرورية”.

قبل أشهر كانت “أم مؤيد” تنتظر عودة ابنها الأكبر إلى منزلها في حي الدويلعة، وبعد أن تجاوز الوقت منتصف الليل، حاولت الاتصال به لكن هاتفه النقال كان مغلقًا.

ورغم تقديم شكوى لدى الشرطة إلا أن الأم لم تستفد شيئًا، وبعد أيام من اختفائه جاءتها اتصالات من أشخاص يطلبون دفع فدية قدرها مليون ليرة، ولكونها لا تملك المال لا يزال مصير ابنها مجهولًا حتى الآن.

إحصائيات رسمية تعاكس الواقع

في إحصائية صادرة عن إدارة الأمن الجنائي في دمشق، نشرت صحيفة “الوطن” المحلية تفاصيلها، في 3 من كانون الثاني الحالي، احتلت جريمة السرقة المركز الأول بين الجرائم المسجلة في دمشق، خلال عام 2018 وبلغت 458 ضبطًا.

فيما جاءت جريمة الهجرة غير الشرعية في المرتبة الثانية بعدد ضبوط وصل إلى 386 ضبطًا عام 2018.

أما جرائم القتل فوصلت إلى 21 ضبطًا منظمًا و36 موقوفًا، مسجلة بذلك ازديادًا عن عام 2017 الذي بلغ فيه عدد ضبوط القتل 12 ضبطًا.

وبقيت جرائم الخطف المسجلة والتي نظمت فيها ضبوط في نفس النسبة قياسًا بعام 2017، إذ بلغت عشرة ضبوط.

ونقلت “الوطن” عن مصدر من وزارة الداخلية في حكومة النظام السوري، أن الجرائم في دمشق في تناقص، مشيرًا إلى أن معظم مرتكبي الجرائم تم القبض عليهم.

مصدر قضائي بمرتبة قاض في قصر العدل بدمشق (تحفظ على اسمه لأسباب أمنية)، قال لعنب بلدي إن “جرائم القتل قد ارتفعت منذ بداية الحرب بنسبة 20%، وهذه تعتبر نسبة عالية بالنسبة لمدينة يعم فيها الأمان كدمشق، فقد أصبح العديد من الناس ينتحلون شخصيات ضباط في الجيش وبحجة المداهمات يقومون بأعمال السرقة من المنازل”.

ويضيف، “مؤخرًا قامت الجهات الأمنية بملاحقة هذه العصابات التي تشكلت في ظل الحرب، وعند القبض على عدد منهم كانت الأغلبية من الدفاع الوطني واللجان الشعبية، الذين قد تسلموا السلاح لحماية مناطقهم وقاموا باستخدامه لأغراضهم الشخصية”.

مقالات متعلقة

مجتمع

المزيد من مجتمع