العمل لصالح إيران

  • 2019/01/06
  • 12:00 ص
محمد رشدي شربجي

محمد رشدي شربجي

محمد رشدي شربجي

لا يحتاج المرء لكثير بداهة وذكاء ليكتشف أن السياسة العربية -على فرض وجودها أساسًا- في مواجهة إيران على مر العقود السابقة منيت بالفشل الذريع، وأن الجمهورية الإسلامية المنهكة من الحرب العراقية في عام 1988، والحصار الاقتصادي الخانق بعده، باتت ذات نفوذ لا يستهان به في عدة دول في المشرق العربي.

والحقيقة أن النظام العربي المهووس بالبقاء، مهما كان الثمن، هو من فتح باب العالم العربي لإيران على مصراعيه، فقد ظن العرب أنهم بتخليهم عن القضية الفلسطينية في كامب ديفيد عام 1978 سيريحون أنفسهم من عناء قضية مستحيلة الحل، ولكن القضية التي أخرجها العرب من الباب اقتحمت عليهم البيت من الشباك.

أدرك الخميني منذ بداية الثورة الإسلامية أن القضية الفلسطينية هي مفتاح العالم العربي، وبتبنيه لها استطاع اختراقه من أقصاه إلى أقصاه، وهو ما فهمه حافظ الأسد أيضًا، الذي رأى أن حالة “لا حرب ولا سلام” هي أنجع من حالة السلام، وبطبيعة الحال من حالة الحرب غير محمودة العواقب.

وقد جنى الأسد ومعه إيران ثمار هذه السياسة، فستجد اليوم مؤيدين لبشار الأسد برغم جرائمه من كل العالم العربي أكثر من أي حاكم عربي آخر، ولا يهم الممانعون هنا أن الأسد قتل من السوريين والفلسطينيين أضعاف ما فعلت إسرائيل، ولا أن الفلسطينيين أحسن حالًا من السوريين تحت حكم الأسد، فالشعارات هي الأهم، وهو ما فهمه نظام الأسد.

قضية ثانية استفادت منها إيران للسيطرة على العالم العربي هي استغلال مظلومية الشيعة العرب لصالحها، وهذا ناجم عن غياب الديمقراطية عدو الأنظمة العربية اللدود، وبدل أن تعالج الأنظمة مشاكلها الداخلية بحوار مجتمعي سياسي حقيقي، قررت تجاهل القضية والمضي قدمًا في غيها وظلمها وهو ما أفاد إيران بنهاية المطاف.

كانت الثورات العربية ضد كل هذا، ضد بيع القضية وضد المتاجرة بها، ضد الاستبداد وضد إيران وأمريكا، ولكن حصل ما حصل، واليوم يعود النظام العربي سيرته الأولى، ويهرع العرب بمبادرة إماراتية لإعادة العلاقات مع الأسد، وتنسيق أكثر مع إسرائيل، وإيغال في الظلم، وهو ما لن يفيد في نهاية المطاف إلا إيران ونظامًا عربيًا في غرفة الإنعاش.

مقالات متعلقة

مقالات الرأي

المزيد من مقالات الرأي