جريدة عنب بلدي – العدد 26 – الأحد – 29-7-2012
يومًا بعد يومٍ يشعر رأس النظام أن أجله قد دنا وأن الخناق حوله يضيقُ أكثر فأكثر، فـ «العاصمتان» اللتان كانتا أمله بالنجاة والبقاء انتفضتا وتتجهان بتسارعٍ ملحوظ لتكونا نهايته المحتمة. فدمشقُ بعد طول صمتٍ بدأت تغلي ولا يدري كيف يطفئ نارها، وحلبُ التي راهن كثيرًا على ولائها له باتت شبه محررةٍ ومهيأةً لتكون «بنغازي» سوريا لاسيما بعد سيطرة الثوار على عددٍ من المعابر الحدودية. فإذا به وقد أدرك أن أيامه قد باتت معدودةً، ينتفض انتفاضة ما قبل الموت فيزيد من وتيرة بطشه وقمعه وإجرامه ويهدد باستخدام السلاح الكيماوي، وإذا بقواته وشبيحته يرتكبون المجزرة تلو المجزرة ويدمرون المدينة تلو المدينة، ورغم ذلك تبقى الثورة مشتعلة براقة ترويها دماء الشهداء لتزهر سوريا بالحرية والكرامة.
وكما أدرك السفاح مصيره، فقد أدرك العالم أجمع بما فيه أصدقاؤه الروس – رغم الفيتو الأخير- أن الأسد إلى زوالٍ وأن النصر للثورة. فهاهو سفير روسيا لدى باريس يعلن أن الأسد وافق على «الخروج بطريقة حضارية» فيما تتجدد الدعوة العربية للأسد للتنحي. حتى أن رئيس بعثة مراقبي الأمم المتحدة السابق الجنرال «روبرت مود» يؤكد أن «سقوط الأسد ليس إلا مسألة وقت».
ولأن العالم كله يدرك ماالذي يعنيه انتصار الثورة السورية، تراهم – ولكل منهم أسبابه ومصالحه- متفقين على الالتفاف على الثورة وتكسير أغصانها بعد أن عجزوا عن اقتلاعها من جذورها. فإذا بهم يحاولون وضع مجسمات لـ «سوريا ما بعد الأسد» بما يتناسب مع مصالحهم من خلال التلميح والتصريح بأسماء «قادرة» على قيادة المرحلة الانتقالية في سوريا.
ورغم التآمر، يدرك الشعب السوري أن ثورته ستنتصر وأنها لن تكون إلا كما أرادها ثورة حتى النهاية، فلن تكون نصف ثورة يتسلقها المتسلقون وتضيع فيها دماء الشهداء وتضحيات الثوار. لن تكون ثورة الشعب إلا ثورة حقيقية يقطف ثماَرها كاملةً فيحاكم المجرمين ويعيد الحق لأصحابه ويخرج بسوريا جديدة مثالًا في الكرامة والعدالة والحضارة.