الكيماوي… قنبلة موقوتة فجرها مقدسي
جريدة عنب بلدي – العدد 26 – الأحد – 29-7-2012
يبدو أن الأسد، والدول العربية والغربية والهيئات الأممية التي تدعم نظامه، قد استنفذوا كل الوسائل الممكنة لمنح الأسد المزيد من ضربات الإنعاش ليستمر في الحياة، وباتوا لا يمتلكون أيةَ وسيلةٍ جديدة لخلق الأعذار لإطالة عمر الأسد، فقرر الأخير اختلاق مسرحيةٍ جديدةٍ وإطلاق فقاعات إعلامية يضج بها المجتمع الدولي لاكتساب المزيد من الوقت، فكان أن خرج جهاد مقدسي، الوجه الأبرز للنظام في الآونة الأخيرة، وصرح علانيةً وبملء فيه بأن سوريا تمتلك أسلحةً كيماويةً وجرثوميةً!! بعد أن أمضى الأسد الأب عمره وهو ينفي ويخفي أمام المجتمع الدولي امتلاكه لمثل هذه الأسلحة التي طورتها روسيا وإيران وينكر أية اتهاماتٍ أو مجرد شكوك بوجودها. واستمر مسلسل الإنكار في عهد الأسد الابن إلى أن أُسقط في يده، فأوعز للناطق الرسمي باسم الخارجية للخروج على الملأ والإدلاء بهكذا تصريحاتٍ «طنانة» أن سوريا مستعدةٌ لاستخدام الأسلحة الكيماوية والجرثومية، المخزّنة جيدًا لدى القوات المسلحة، فقط في حالة التدخل الخارجي وأكد أنه لم يتم استخدام هذه الأسلحة خلال الأزمة السورية بعد!!
ولا يخفى على أحد تخبط الحكومة في تصريحاتها، إذ لم تنفِ الخارجية السورية لاحقًا كلام مقدسي لكنها تؤكده أيضًا. وكان جهاد مقدسي قد ذكر في تصريحه أن العصابات الإرهابية المسلحة تعتزم استخدام قنابلَ كيماوية زوّدتها بها دولٌ خارجية لتتهم الحكومة «المسكينة» بذلك، ليعود ويؤكد على الملأ أن «حكومته» تمتلك ذاك النوع من الأسلحة، في تصعيدٍ إعلامي لا أكثر، إما لاستدعاء تدخلٍ خارجي يثير بلبلةً في المنطقة ويستدعي تدخلًا إيرانيًا وروسيًا فوريًا ولتخوض دولُ المحور الأوروبي-الأميركي الحربَ ضدهم في صراعٍ على المصالح، ولا أرى أي طرفٍ من هذه الأطراف على استعدادٍ لخوض حربٍ في المنطقة، وما هذه الفقاعة الإعلامية إلا محاولةٌ من نظام الأسد لكسب المزيد من الوقت لا أكثر. وما كان من وزارة الخارجية والمغتربين إلا أن زادت الطين بلةً حينما زعمت أن تصريحات جهاد مقدسي أُخرِجت عن سياقها معللةً أن التصريحات لم تكن للإعلان بل للرد على حملة إعلامية «مبرمجة» تستهدف سوريا لتحضير الرأي العام الدولي لإمكانية تدخل عسكري تحت شعار أكذوبة أسلحة الدمار الشامل». بينما تم تعديل التصريح لاحقًا والتخفيف من صراحة كلماته!!
وأثارت هذه التصريحات «المجنونة» موجة من ردود الفعل الدولية التي سارعت لإدانة هذه التصريحات حيث ذكر الرئيس الأميركي باراك أوباما أن الأسد سيُحاسَب إن ارتكب الخطأ الكارثي واستخدم السلاح الكيماوي وبأن المجتمع الدولي سيحاسبه إن فعل. وأبدى البيت الأبيض قلقه من إمكانية استخدام هذه الأسلحة مع تصاعد وتيرة العنف في البلاد فيما ذهبت بعض الدول لاعتبارها تهديدًا مباشرًا لأمنها «المزعوم» مثل إسرائيل، وبتصريح على لسان شيمون بيريز، رئيس الكيان الإسرئيلي، أن إسرائيل لا يمكنها أن تبقى مكتوفة الأيدي متفرجةً في حال قيام سوريا بنقل الصواريخ ذات الرؤوس الحربية الكيماوية إلى «حزب الله»!!
فهل تراها تكون تصريحات الأسد والتلويح باستخدام أسلحةٍ كيماويةٍ مماثلةٍ لتصريحات صدام حسين حين هدد باستخدام أسلحة كيماوية لتأليب الرأي العالمي وللظهور بمظهر القوي مرهوب الجانب وهو في أشد حالات ضعفه؟!
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :