توقع مركز “عمران” للدراسات الاستراتيجية الخريطة المتوقعة التي سترسم في المشهد السوري بعد القرار الأمريكي بالانسحاب من سوريا.
وفي دراسة نشرها، الجمعة 28 من كانون الأول، حصر مركز الدراسات العناصر الرئيسية المتحكمة في الخطوط العامة المتوقعة في المشهد السوري بعد القرار بخمسة وهي منطقة منبج، والنفط السوري في شمالي شرق سوريا، وطرق المواصلات، وقاعدة التنف، والضمانات المقدمة الإسرائيل.
الخطوط الأولية للمرحلة المقبلة
وتوقع المركز أن تبدأ تركيا المواجهات في منبج التي شهدت في وقت سابق اتفاقًا بين تركيا ووشنطن ولكنه لم ينفذ، في حين تشهد حاليًا حشودًا لقوات النظام، مشيرًا إلى أن هذا الحشد قد يكون للضغط والدخول في سباق المفاوضات المتعلقة بملء الفراغ بعد الانسحاب الأمريكي.
ورجح المركز انتقال ملف منبج إلى مسار “أستانة”، وتوجه تركيا نحو تأمين الشريط الحدودي الذي قد يستلزم الدخول إلى تل أبيض.
ولا تمنع تلك المواجهة، وفق المركز، من التعاطي الإيجابي التركي مع خط مفاوضات بشكل مباشر أو غير مباشر مع “قوات سوريا الديموقراطية” (قسد).
وأوضح المركز أن تلك المفاوضات ستكون، إن حصلت، ضمن ثلاث طرق، أولها إبعاد مقاتلي “حزب العمال الكردستاني” (PKK)، وتعزيز الدور العربي ضمن هيكيلية ومراكز القوى لدى “قسد”، وانتفاء الدور العسكري والأمني لها لا سيما على الحدود، ومناقشة الأدوار المدنية والتنموية ضمن مبدأ توزيع الأدوار وعدم احتكارها.
وفي الخط الثاني، سيسعى النظام السوري ومعه روسيا لمحاولة السيطرة على موارد الطاقة ومراكز المدن شرق الفرات، وخاصة مدينة الرقة والطبقة ومدينة الحسكة والقامشلي، ريثما تتضح مدلولات القرار وكيفية تنفيذ عملية الانسحاب، وفق الدراسة.
وستطرح موسكو على “القوات” خيارًا شبيهًا بنهج المصالحة الذي اتبعته في الغوطة الشرقية ودرعا، مع توقع مناقشة المستقبل السياسي والإداري لـ”قسد” ضمن ترتيبات اللجنة الدستورية.
وحول الخط الثالث، فإن خطوط الفصل في المنطقة العازلة ستبدو أكثر وضوحًا في حال تم الانسحاب العسكري وألحق بمؤشرات الانسحاب السياسي، وتخسر أنقرة بذلك الثقل الأمريكي في توازناتها التحالفية مع دول أستانة وهذا من شأنه إعادة نقاش ملف إدلب باعتبارها جزءًا مهمًا في الخريطة السورية والمشهد العام في الطموح الروسي.
ووفقًا للمؤشرات السائدة في الوقت الراهن فإن المرحلة ستشهد تنفيذًا لمرحلة سيطرة النظام على الطرق الدولية.
مع قرار الانسحاب وازدياد الحديث عن مستقبل قاعدة التنف التي تؤكدها المؤشرات الأولية، فإن واشنطن تدفع المعارضة الموجودة في المنطقة إلى تبني خيار الانسحاب نحو الشمال السوري، وفق الدراسة.
وفي الوقت ذاته أنشأت القوات الأمريكية قاعدتين عسكريتين في محافظة الأنبار العراقية، الأولى شمالي ناحية الرمانة والثانية إلى الشرق من مدينة الرطبة غربي الرمادي، في نقطة التقاء طرق رئيسية قادمة من ثلاثة معابر حدودية وهي عرعر مع السعودية وطربيل مع الأردن والوليد مع سوريا، في إشارة لعدم الانتهاء من تنظيم “الدولة” من جهة، ومن جهة ثانية استمرار استهداف المشروع الإيراني.
ملامح الانسحاب الأمريكي من سوريا.. إعادة التموضع
حدد المركز في الدراسة عدة نقاط لملء الفراغ الناجم عن الانسحاب الأمريكي وتبعاته على تحركات أنقرة ومصير “قسد”، وحول أبرز تلك النقاط، كان التموضع الروسي واستيعاب موسكو لمواجهة هذا القرار الذي أتى دون أي صفقة ترغبها موسكو، بل سيزيد عليها أعباء كواجهة التمدد الإيراني.
وفي النقطة الثانية وجدت أنقرة نفسها أمام فرصة مواتية لإنهاء ما تعتبره مهددات لأمنها القومي، لكن ذلك سيترافق مع الخطة التي رسمها الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في ضرب تركيا لبقايا “التنظيم”.
وفي نقطة ملء الفراغ ذاتها وتعزيز شروط التفاوض بدأ روسيا النظام بالترتيب لذلك في المدن والموارد الطبيعية، وعقد اجتماعات مع قيادة “قسد” لبحث تسليم آبار النفط والغاز إلى النظام مقابل إرسال قوات لحماية منبج.
ولكن “قسد” تجد نفسها حاليًا أكثر القوى تضررًا من الانسحاب بعد أن كشف ظهرها، الأمر الذي سيجعلها منفتحة أمام التفاوضات المحتملة مع النظام والروس أو حتى المعارضة وتركيا.
ومن أبرز النقاط في إعادة التموضع للقوة الفاعلة هي تقويض طهران في المنطقة كقاسم مشترك بين تلك القوى.
ولكن تلك الخطوط الأولية والنقاط للمرحلة المقبلة لإعادة ترتيب المشهد ستكون ضمن الأطر المؤقتة، ريثما يتضح التعريف التنفيذي لقرار الانسحاب والتماس مدى ارتباطه بمؤشرات انسحاب سياسي لم تتبلور بعد.
–