عندما تعتقل الرتبة العسكرية رياضة البلد

  • 2018/12/30
  • 11:06 ص

رئيس النظام السوري بشار الأسد مع المنتخب السوري في القصر الرئاسي (سانا)

عروة قنواتي

قديمًا وفي أرشيف الرياضة السورية، لا بد لك من أن تجد إنجازًا هنا وتألقًا هناك بفعل الطفرة في المناسبة أو التوقيت أو العناد الذي يبقى سمة بعض الأبطال في بلدنا، ولا بد للباحث أن يقلب الصفحات والصور والأجزاء عابرًا النكبات والنكسات والتراجع والفوضى والتخدير والتآمر والتزوير وألف باب وباب من فصول التعاسة للرياضة السورية عامة وللكرة على أخضر ملاعبها خاصة.

عندما تعتقل الرتبة العسكرية رياضة البلاد وتنخر في مكاتبها وأروقتها بدس المخبرين وكاتبي التقارير ستكون النتيجة كما نراها اليوم الطبل بدوما والعرس بحرستا.

عندما تغتال الرتبة العسكرية والأمنية قرار الرياضة والكرة السورية اختيارًا وولاءً وطاعة وامتيازًا وتغطيةً على الجرائم، سيكون الانقسام سيد الموقف وسيستمر حتى سنوات طويلة.

سيقول البعض هذا حال البلاد ومؤسساتها منذ زمن طويل، ولكني أعتبر هذا المنتخب لكل السوريين، وهو يمثلني بتاريخه وحاضره.

هنا لا ننكر على أي سوري تشجيع المنتخب أو رفضه، ولي أسبابي في رفض تمثيله لكل السوريين بارتباطه الأعمى مؤخرًا لخدمة النظام السوري أمنيًا ببعض لاعبيه، وتشبيحيًا بالكثير من مسؤوليه، وعسكريًا وحزبيًا برضا القيادة العليا على الأسماء التي تستدعى وتنال الموافقة، ومن حق أي إنسان أن يرى ما لا أراه وأن يعترف ويشجع كما يشاء، لكن فعلًا أود أن أتساءل بعيدًا عن أي توجه سياسي، هل هذا المنتخب يختلف عمن سبقه؟

ألم يرافق التزوير بأيدي الجنرال بوظو فئاته العمرية، أليس الإهمال هو ما أصابه، والشح وانقطاع الاهتمام هو المرض العضال منذ عقود؟ ألم تفشل الأسماء التي تنصبت زعامة اتحاد الكرة في إدارة المنتخب لأنها تعتبر جولاته ومبارياته الودية والبطولات الرسمية نزهة وسمسرة وتجارة وزيادة في المعارف بين الأشقاء والأصدقاء لكسب الود والدعم أكثر من نتائج المنتخب؟

هذا المنتخب دار بين أيادي المدربين العابثين والمسؤولين المجانين والضباط المتسلطين سنوات وسنوات ليرفع التحية ويرسل أسمى آيات الاحترام لعظيم الأمة، ليكسب بعض الامتيازات في إنجازات الطفرة بين ذهبية المتوسط وبطولة وحيدة لغرب آسيا وفضية العرب وأربع مرات وصول إلى كأس آسيا، بنتائج تخجل أي مشاهد ومتابع وقارئ.

ومن ثم يتم صبغه بالحرب على المؤامرة وتنزل أخباره وتدعى الجماهير لتحيته ومؤازرته أسوة بجرائم الجيش والميليشيات، في أسقط وأنذل صورة عرفتها سوريا منذ عقود طويلة، فيكون السلاح الأبرز للنظام السوري في تصفيات كأس العالم وفي التأهل إلى كأس آسيا للتغطية على مايحدث في سوريا، ولكسب شعور الجماهير العربية وجماهير دول العالم بأن “النسر سيحلق فوق الركام ويصنع الفرحة”، علمًا بأن هذا النظام قتل من لاعبي ومدربي كرة القدم حتى يومنا هذا مايقارب الـ 100 رياضي ودمر أجزاء من صالات الرياضة السورية، متخذًا من بعض الملاعب في المدن متراسًا عسكريًا وأماكن للاعتقال والتصفية ، وكل لاعبي المنتخب على علم بما يجري وما جرى، وأن زملاء لهم في المعتقلات وفي القبور.

أين الموقف الأخلاقي؟ لا حياة لمن تنادي.

يحق لك أن تشجع المنتخب وأن ترفض كل ما ذكر، وما خطه كل شهيد رياضي بدمه على تراب سوريا، ويحق لي أن أهاجم هذه الكتيبة العسكرية بالزي الرياضي، ويحق لي أن أعتبر المنتخب طرفًا لصالح النظام السوري، وجنديًا في معركة استبداده وإجرامه المستمر على البلاد منذ سنوات.

مقالات متعلقة

مقالات الرأي

المزيد من مقالات الرأي