محمد حمص | نور عبد النور | رهام الأسعد
حين اكتشفت مرضها قبل عام تقريبًا، كان الورم “الخبيث” قد انتشر في ثديها، لتعلن حربًا ليست سهلة مع السرطان، زاد من سوئها وجودها في مدينة فُرض عليها واقع عسكري متوتر، وتدهور في المنظومة الطبية، ما جعل مرضى السرطان في أسفل قائمة الاهتمامات، كما تقول الشابة رهف.
تعاني رهف، ابنة مدينة جبل الزاوية في ريف إدلب الجنوبي، من سرطان الثدي، اكتشفته بعد آلام ورحلة “صعبة” من التحاليل الطبية والصور الشعاعية التي أكدت إصابتها بالمرض، لكن في وقت متأخر وبمكان غير مناسب.
وعلى اعتبار أن محافظة إدلب لم تكن تحظى، حتى فترة قريبة، بمستشفيات متخصصة بالكشف المبكر عن الأورام ومزودة بالجرعات الكيماوية اللازمة للعلاج، اضطرت رهف إلى قطع مسافة “خطيرة”، تمامًا كخطر المرض على صحتها، حين كان لزامًا عليها السفر إلى مناطق سيطرة النظام السوري وتلقي العلاج في مستشفياته، ثم العودة إلى مدينتها.
حاولت رهف (28 عامًا) السفر إلى تركيا لتلقي العلاج، عبر عيادات معبر باب الهوى الحدودي، إلا أن رفض طلبها وتفشي مرضها جعلاها أمام خيارات ضيقة، إما أن تستسلم وتستغني عن العلاج، أو أن تسافر إلى دمشق واللاذقية وحماة الخاضعة لسيطرة النظام، من أجل إجراء الفحوصات والحصول على الجرعات الكيماوية اللازمة.
تصف رهف لعنب بلدي، وهي أم لابنتين، رحلة علاجها إلى دمشق واللاذقية بـ “الحمْل الثقيل”، متحدثة عن تضييق أمني على حواجز النظام السوري فرضته عليها كلمة “إدلب” المكتوبة في بطاقتها الشخصية، ضمن خانة “مكان الولادة”، على حد تعبيرها.
“ربما لو كان الوضع الطبي في إدلب أكثر تطورًا لكنت تخلصت من عناء السفر واكتشفت مرضي في وقت مبكر، وازدادت فرص الشفاء”، تقولها رهف بنظرة تشاؤم ممزوجة بالقليل من الأمل حين علمت أن علاجها أصبح متوفرًا ضمن محافظتها، وبالتحديد في مستشفى مدينة إدلب المركزي التي استحدثت مركزًا لمعالجة أورام الثدي، في تشرين الثاني الماضي.
المركز، الذي افتتح بإشراف مديرية صحة إدلب وجمعية “SAMS” الطبية، ربما قطع أشواطًا في تطوير المنظومة الطبية في إدلب، حين وفّر جهاز “ماموغرافيا” مهمته الكشف المبكر عن الإصابة بسرطان الثدي، بالإضافة إلى توفير جرعات كيماوية للمصابين بأورام الثدي وأورام “الليمفوما”، التي تصيب الأنسجة والعقد الليمفاوية في الجسم.
وبحسب ما قال معاون مدير صحة إدلب، مصطفى العيدو، لعنب بلدي، فإن المركز يقدم خدماته العلاجية تحت إشراف أطباء مختصين في مجال تدبير الأورام، مشيرًا إلى أن المركز متخصص بالعلاج الكيماوي فقط، بالإضافة إلى تقديم استشارات طبية لمرضى الأورام الخبيثة على اختلاف أنواعها.
ويأتي توفير العلاجات الكيماوية في وقت يصارع فيه القطاع الطبي في الشمال السوري لكسب المزيد من الخطوات إلى الأمام على مستويات عدة رغم ضعف الإمكانيات، والانتهاكات المتكررة.
ومع ذلك تظل مشكلة عدم توفر العلاج بالأشعة في محافظة إدلب عائقًا أمام مصابي السرطان هناك، إذ لا تزال رهف بحاجة للسفر إلى مناطق سيطرة النظام لإجراء الفحوصات الشعاعية في مستشفياته، رغم تخلصها من عبء تلقي الجرعات الكيماوية في تلك المستشفيات، لتوفرها حديثًا في إدلب.
ويؤكد معاون مدير صحة إدلب لعنب بلدي أن المركز سيوفر العلاج بالأشعة وليس فقط العلاج الكيماوي، “ولكن في مراحل لاحقة”.
حالات مماثلة كحالة رهف دفعت أصحاب المسؤولية إلى التنبه لوضع مرضى السرطان في الشمال السوري الخاضع لسيطرة المعارضة، ورغم أن التجربة الطبية في هذا المجال لا تزال في باكورة التطور وفي بداية الانتعاش بعد التدهور إلا أنها تعطي أملًا بواقع قد يزداد فيه الاهتمام بأصحاب الأمراض المستعصية، وليس فقط مرضى السرطان.
الطب في إدلب
بين الاستجابة الطارئة والرعاية الصحية
كما هو الحال بالنسبة لباقي القطاعات الخدمية التي نمت تدريجيًا وفق الحاجة والمصلحة والأولوية في إدلب، كان نمو القطاع الطبي في المدينة طبيعيًا، بدءًا من نقاط طبية ميدانية، وصولًا إلى مستشفيات ومراكز صحية، تخضع لتنظيم وهيكليات إدارية متماسكة.
هذا الانتقال بين الاستجابة الطارئة (الإجراءات الإسعافية) والرعاية المنظمة، يتم وفقًا لاحتياجات المنطقة، ففي أيام القصف والاستهداف العسكري تصبح الاستجابة الطبية محصورة بمعالجة أضرار الأعمال العسكرية على الأرض من جرحى ومصابين.
أما عندما تعيش المنطقة حالة من التهدئة فإن المنظمات والمؤسسات المعنية تصبح قادرة على المضي قدمًا للتوسع بالخدمات الصحية المقدمة، من خدمات نوعية وخدمات صحية ثانوية.
وتتجه محافظة إدلب حاليًا نحو تحسين الأداء الطبي عمومًا، سواء على مستوى نوع الخدمات الطبية، وعددها، والمراكز والمنشآت التي تقدمها، الأمر المرتبط بتراجع العمليات العسكرية في المنطقة إلى حد كبير، لكن تحديات من نوع آخر لا تزال تواجه القطاع الطبي.
الموارد البشرية والدعم.. أبرز التحديات
يرى مسؤول المناصرة في الجمعية الطبية السورية الأمريكية (SAMS)، محمد كتوب، أن “الاستقرار”، من أهم تحديات التطور الطبي، كونه يساعد في توجه المنظمات نحو تقديم خدمات نوعية.
ويضيف كتوب في لقاء مع عنب بلدي، “التحدي الثاني هو توفير الموارد البشرية التي تشمل كل أنواع الخدمات”، خاصة في ظل وجود أكثر من ثلاثة ملايين ونصف المليون شخص في المحافظة، يحتاجون إلى مختلف أنواع الخدمات.
ويتابع، “عندما نتكلم عن حاجة سكانية كبيرة فهذا يعني أن تغطية الخدمات الطبية التي يحتاجونها ليست سهلة، كاللقاحات والولادات والاستجابة للأمراض المزمنة والأمراض المعدية، والعمليات الجراحية، ولا ننسى أن لدينا جزءًا كبيرًا من الإصابات الدائمة التي أدت إلى إعاقات جسدية وأبعد من ذلك”.
بينما يشير عميد كلية الطب في جامعة إدلب، الدكتور محمد العمر، في لقاء مع عنب بلدي، إلى أن بعض المجالات الطبية تشهد نقص اختصاصيين في الشمال السوري، كأمراض الدم والكلى والجراحة العصبية.
مسؤول المناصرة في “SAMS” يقول أيضًا “إن نقص الموارد البشرية في بعض الاختصاصات يسبب عقبة رئيسية، وبالتحديد في اختصاصات كجراحة الأعصاب، إذ يوجد أقل من خمسة اختصاصيين في كل المنطقة، والجراحة القلبية، إذ يوجد طبيبان فقط، وليست لديهم كل الأدوات المطلوبة والكافية”.
إلى جانب ذلك، يؤكد معاون مدير صحة إدلب، مصطفى عيدو، لعنب بلدي أن عوائق لوجستية تقف في وجه استقرار وتطور القطاع الطبي بشكل كبير، ويضرب مثالًا على ذلك المستهلكات الطبية التي تقدم عبر المنظمات المانحة، ويقول إن توفرها يتوقف على كمية الدعم واستمراريته.
ويضيف، “منذ فترة شهدنا نقصًا كبيرًا في جلسات غسيل الكلى، وكان مئات المرضى مهددين بانقطاعها، واليوم استطعنا تأمين 16 ألف جلسة عن طريق منظمة شفق، وهذه الجلسات تكفي لستة أشهر، أي بعد ستة أشهر سنعود لذات المشكلة”.
ورغم التحديات الكثيرة التي تقف في وجه التطور الطبي في إدلب، يرى عيدو أن ما وصل إليه الوضع الطبي في المنطقة هو “إنجاز”، مؤكدًا أنه “متطور بشكل كبير بالمقارنة مع مناطق النظام، ومع ما كان الوضع عليه سابقًا في المنطقة”.
المنظمات ومديرية الصحة.. دور تكاملي
تقدم مجموعة من المنظمات الدولية دعمًا للقطاع الطبي في الشمال السوري، ويعد الدعم الأمريكي عبر “الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية” (OFDA) هو الأبرز.
ورغم توقف هذا الدعم في أيلول الماضي، استأنفت الوكالة خلال الشهر الحالي دعمها لـ “الجمعية الطبية السورية الأمريكية” (SAMS) ومنظمة “ريليف إنترناشيونال”، ومستشفيات بينها مستشفى معرة النعمان ومستشفى الأمومة الوطني في إدلب ومستشفى عقربات.
وبحسب ما ترجمت عنب بلدي عن موقع “أوفدا”، قدمت الوكالة الأمريكية ما يقارب 26.1 مليون دولار أمريكي في السنة المالية 2018 إلى “يونيسف” لدعم تدخلات المياه والصرف الصحي الأساسية في سوريا.
اتحاد منظمات الإغاثة والرعاية الطبية “UOSSM” يعد أيضًا من أبرز داعمي القطاع الطبي في الشمال السوري، ويوفر مراكز رعاية صحية أولية وعيادات متنقلة وخدمات طبية لآلاف السوريين.
وبحسب تقرير “UOSSM” السنوي، لعام 2017، فإن الاتحاد قدّم أكثر من 24 مليون دولار أمريكي كمصاريف نقدية وعينية لدعم العملية الطبية في سوريا عمومًا، فيما يتركز الدعم اليوم في الشمال السوري، حيث تسيطر فصائل المعارضة.
وتقدم هذه المنظمات، ومنظمات أخرى مثل “شفق” و”عطاء” و”SRD” وغيرها، الدعم عبر تمويل مشاريع طبية ومستشفيات قائمة، وتنسق العمل مع مديرية الصحة في إدلب.
معاون مدير الصحة، مصطفى عيدو، قال لعنب بلدي إن المديرية لعبت دور القيادة في كل المراحل ولكن دورها يختلف من منطقة إلى أخرى.
واعتبر أن المنظمات شريك أساسي لمديرية الصحة، بينما المديرية هي قاعدة البيانات والموجه للقطاع الصحي بشكل كامل، وهي الجهة الوحيدة التي لديها البيانات الكاملة للقطاع الصحي فهي توجه والمنظمات تساعد في التنظيم.
مسؤول المناصرة في “SAMS”، محمد كتوب، أشار إلى أهمية دور مديرية الصحة، على اعتبارها البنية الحوكمية التي تقود القطاع، وبدونها لا يمكن أن يتطور.
وأضاف “في الوقت الحالي تعمل المنظمات على الالتزام نوعًا ما لسد الاحتياج وترتيب الأولويات بتوافق مع مديرية الصحة التي تضع الإجراءات والسياسات”.
واعتبر أن المنظمات هي رديف، ولا يجب أن تعمل كل شيء “فهي هنا للمساعدة وليست للقيادة”.
ريف حلب.. تقدم طبي بتوقيع تركي
نتيجة للاستقرار النسبي الذي تشهده أرياف حلب الخاضعة لسيطرة فصائل الجيش الحر المدعومة تركيًا، يعيش القطاع الطبي حالة من الانتعاش والعمل “بنفس طويل” على تطوير عمل القطاع على إطاري الاستجابة والرعاية الصحية، لا سيما مع وجود دعم تركي يعطيه دفعة إلى الأمام وقدرة على الاستفادة من الخبرة التركية والتخطيط لعمل أكثر تكاملًا.
إذ تعمل وزارة الصحة التركية إلى جانب المنظمات (ذات المنظمات التي تدعم القطاع الطبي في إدلب) التي تنسق معها في سبيل دعم وتمكين القطاع الطبي في المنطقة، عبر إصلاح وتوسيع المستشفيات في المنطقة وترميم عدة مراكز صحية، منها مركز احتيملات وصوران ومركز بلدتي دابق والراعي، كما افتتحت مستشفى في مدينة الباب تحت إدارتها وتنظيمها، ويعتبر الأكبر والأكثر تطورًا في المنطقة حاليًا.
ووفق أحمد العابو، مسؤول المكتب الطبي في مجلس الباب المحلي، فإن المستشفى يضم 200 سرير و40 غرفة معاينات وعيادات، بالإضافة إلى جهاز طبقي محوري وجهازي أشعة وأجهزة إيكو وأربعة أجهزة سنية، كما يضم المستشفى ثماني غرف للعمليات وقسمًا خاصًا للتوليد وحاضنات ومراكز غسيل الكلى.
وفي مدينتي الراعي ومارع في ريف حلب شيدت الحكومة التركية مستشفيين بإمكانيات مشابهة، على أن يتم افتتاحهما قريبًا.
ومن شأن تلك المستشفيات تسهيل الإجراءات على المرضى الذين كانوا في الغالب يضطرون للخروج إلى مستشفيات المعابر والمناطق الأخرى لتلقي العلاج.
منظمات مشغّلة.. وتنسيق مزدوج
تعمل المنظمات المعنية بدعم القطاع الطبي على تأمين الخدمات الصحية المتنوعة في ريف حلب، عبر توفير مراكز الرعاية الصحية الأولية والثانوية ومنظومات للإحالة، بحسب الدكتور عقبة الدغيم، وهو مدير منظمة SRD” “.
الدغيم أكد لعنب بلدي أن عمل تلك المنظمات يرتكز على تشغيل مراكز الرعاية الصحية وتزويدها بالأدوية اللازمة وتأمين اللقاحات وعلاج اللشمانيا، إضافة إلى رفع سوية الكوادر العاملة عبر دعم المنشآت التعليمية وإقامة الدورات التدريبية الأساسية والتخصصية، ما يرقى بمستوى الكوادر.
وتنسق المنظمات التي تدعم القطاع الطبي مع وزارة الصحة التركية، التي تشرف على العملية الطبية، وفق الدغيم.
لكن مصدرًا مطلعًا على الدعم الطبي في المنطقة، رفض الكشف عن اسمه، قال لعنب بلدي إن التنسيق لا يقتصر على الكومة التركية، بل يتم بمستويين، الأول عن طريق مديرية صحة حلب فيما يخص مناطق ريفي حلب الجنوبي والغربي.
أما المستوى الثاني فيتم عن طريق مجمع الصحة في مدينة غازي عنتاب التركية، الذي تقوده منظمة الصحة العالمية، فيما يخص ريف حلب الشمالي وعفرين.
علاجات نوعية متوفرة.. وأخرى غائبة
تتوفر في ريف حلب الشمالي اختصاصات طبية نوعية كالجراحة الفكية وجراحة الأوعية والجراحة العصبية، وفق أحمد العابو، الذي أكد حاجتها للتطوير في المستقبل.
وأضاف العابو، وهو مسؤول المكتب الطبي في مجلس الباب المحلي، أن وجود هذه الاختصاصات قلل بشكل كبير عدد الإحالات إلى تركيا، التي باتت تقتصر اليوم على الحالات المعقدة فقط.
بينما ينقص المنطقة، وفق العابو، العلاج الشعاعي والكيماوي، وأجهزة نوعية كأجهزة الرنين المغناطيسي وتفتيت الحصيات.
وتوقع مدير مكتب منظمة ” SRD” في سوريا، عقبة الدغيم، تقدمًا بطيئًا في تأمين تلك الخدمات النوعية، مشيرًا إلى أن العمل ما زال جاريًا لتأمين تلك الخدمات والأجهزة لأن هذا النوع من الصعب توفيره من قبل المانحين في ظروف الطوارئ.
كلّيتان للطب في الشمال..
هل توفران كوادر مؤهلة؟
خلال عام 2015 رأت كلّيتا الطب في جامعة حلب الحرة وجامعة إدلب النور، لينضم إليهما آلاف الطلاب في بداية مشوارهم الجامعي، أو الطلاب الذين انقطعوا عن كليات الطب التابعة لوزارة التعليم العالي في حكومة النظام.
وعلى اعتبار أن دراسة الطب البشري العام تحتاج إلى ست سنوات أساسية، يعني ذلك أن الدفعات النظامية لم يتم تخريجها بعد، بينما تخرج من الكلّيتين بعض طلّاب الاستكمال.
الطب في “حلب الحرّة”.. ستة خريجين و260 طالبًا “فاعلًا”
تتخذ كلية الطب البشري التابع لجامعة حلب الحرة من مدينة مارع مقرًا لها، منذ افتتاحها قبل ثلاثة أعوام، وتستقبل منذ ذلك الحين 260 طالبًا وطالبة، وفق ما أكده عميدها، الأستاذ الدكتور عثمان حجاوي، لعنب بلدي.
ومنذ ذلك الحين، خرّجت الكلّية ستة أطباء، بحسب الحجّاوي، وهم من طلّاب الاستكمال.
وبحسب العميد فإن طلاب الكلية “فاعلون في المجال الطبي في المناطق المحررة، ومشاركاتهم الطبية ذات بصمة في الشمال السوري، فحملات اللقاح والمراكز الطبية تشهد بكفاءة طلابنا، والكثير من المنظمات تعتمد عليهم في مشاريعها الطبية كمساعدين للأطباء”.
الحجاوي اعتبر أن إنشاء كلية الطب التابعة لجامعة حلب الحرة جاء استجابة لقلة الكوادر وضعف الإمكانيات الطبية المتاحة، وشح الدعم من المنظمات والهيئات الدولية، بالإضافة إلى وجود عدد كبير ممن يحتاجون للرعاية الصحية والطبية نتيجة الإصابات الناجمة عن القصف.
كلية الطب في إدلب.. “عامان للتخرج”
بلغ عدد طلاب كلية الطب البشري نحو 600 طالب وطالبة حتى العام الدراسي 2016 -2017.
وبحسب العميد، الدكتور محمد العمر، فإن كلية الطب أصبح لديها طلاب سنة أولى وثانية وثالثة ورابعة، وهم من تم قبولهم بالمفاضلة السنوية، ولم يتخرج منهم بعد سوى بضعة طلاب وهم على نظام الاستكمال الدراسي.
العمر أكد لعنب بلدي ان العدد القليل من الطلاب الذين تخرجوا يعملون الآن في القطاع الطبي، لكنه اعتبر أن رفد المنشآت الطبية والعيادات بالأطباء من خريجي الكلية سيبدأ بعد عامين.
وبالنسبة للتخصصات التي تعقب التخرج، قال العمر إن العمل جارٍ حاليًا بهدف إعداد نظام إقامة وتخصص في المستشفيات على مستوى مناطق سيطرة فصائل المعارضة.
وتحظى كلية الطب في جامعة إدلب باعتراف “الاتحاد الدولي للتعليم الطبي” منذ آب الفائت، والذي يعتبر أكبر هيئة دولية متخصصة في تعليم الطب حول العالم.
قصف وخطف.. انتهاكات أخّرت القطاع الطبي في الشمال
في شهر حزيران الماضي، أعلن عدد من الأطباء والصيادلة في محافظة إدلب تعليق العمل الإسعافي والبارد لمدة ثلاثة أيام، احتجاجًا على الانتهاكات التي يتعرض لها القطاع الطبي في المحافظة.
وجاءت هذه الاحتجاجات على خلفية تكرر حوادث الاعتداء على الكوادر الطبية في إدلب، واختطاف العديد من الأطباء على يد مجموعات مجهولة طالبت بفدية مالية ضخمة وصلت إلى خمسين ألف دولار، لقاء الإفراج عن المختطفين.
وكانت عمليات الخطف بحق أفراد القطاع الطبي غزت المحافظة في وقت تراجعت فيه حدّة القصف الجوي، وبدأت المشاريع الطبية في المحافظة بالانتعاش، لتصطدم مجددًا بعقبة التوتر الأمني على الأرض.
قطاع أنهكه القصف
شهد عام 2018 معدلات قياسية في استهداف المستشفيات في سوريا، بحسب تقرير للأمم المتحدة صدر في أيار الماضي.
وقالت المنظمة إن الأشهر الأولى من عام 2018 شهدت 92 ضربة جوية على منشآت صحية في سوريا، بالمقارنة مع 112 هجومًا مشابهًا في عام 2017.
أما عدد الضحايا بعد استهداف المنشآت فبلغ في جميع أنحاء سوريا، 89 قتيلًا، و135 جريحًا، في 2018، بحسب البيان الأممي.
وكان لمحافظة إدلب نصيب كبير في تلك الإحصائية، إذ سجل العام التالي حوادث اعتداء متكررة على منشآت طبية، أخرجت مستشفى كفرنبل الجراحي (مستشفى أورينت سابقًا) والمستشفى الوطني في مدينة معرّة النعمان، ومستشفى سرجة في مدينة أريحا، والمركز الصحي في بلدة تل مرديخ، عن الخدمة.
مدير صحة إدلب الحرة، الدكتور منذر خليل، اعتبر خلال مؤتمر صحفي عقده حول التصعيد العسكري ضد المنشآت الطبية في شمال سوريا في أيار الفائت، أن استهداف المنشآت الطبية هو عملية ممنهجة من قبل الطيران الحربي والقصف المدفعي.
وقال خليل حينها إن 50% من العمل الطبي متوقف عن الخدمة، و25% من القدرة الطبية لإدلب غير متوفرة، لافتًا إلى أن المنشآت الطبية في المحافظة تخدّم حوالي 3.3 مليون نسمة بين مقيمين ونازحين.
إلى جانب المخاوف الأممية والمحلية، تكررت مناشدات المنظمات العالمية لوقف استهداف المستشفيات في سوريا، على مدى أربع سنوات مضت.
ففي أيلول من العام الفائت تعرضت المرافق الحيوية في إدلب لقصف عنيف، أثار مخاوف منظمة “أطباء بلا حدود” الدولية، التي حذّرت في بيان لها من فقدان الرعاية الصحية بالكامل في المنطقة بعد خروج عدد من المستشفيات عن الخدمة إما بسبب تعرضها للقصف، أو خوفًا منه.
بالمقابل أسهم الاستقرار النسبي في مناطق سيطرة “الجيش الوطني” المدعوم من تركيا في ريف حلب، في تقليل استهداف المنشآت الطبية، بالمقارنة مع الوضع في إدلب.
توتر أمني “يُقلق” الكوادر الطبية
سجّل الصيف الماضي حوادث اختطاف متكررة لأطباء وعاملين في القطاع الطبي في المناطق الخاضعة لسيطرة فصائل معارضة في إدلب وريف حلب، الأمر الذي استدعى قرع ناقوس الخطر مجددًا خوفًا على القطاع الطبي.
ورغم أن حوادث الخطف لم تسفر عن ضحايا عمومًا، تكبد من تعرض لها خسائر مالية كبيرة، وتسبب الأمر بمخاوف كبيرة على مستوى العاملين في هذا المجال.
ففي 9 من حزيران الفائت، اختطف الطبيب محمود مطلق على طريق إدلب- أريحا، من قبل مجهولين، وهو من أبرز الأطباء في مدينة إدلب، وتعود خبرته الطبية لأكثر من عشرين عامًا في الجراحة النسائية.
وتم الإفراج عنه في 15 من حزيران لقاء مبلغ مالي بلغ 120 ألف دولار، أي ما يعادل 50 مليون ليرة سورية، وتداول ناشطون من مدينة إدلب مؤخرًا معلومات عن بيع الطبيب لمزرعته في إدلب والتوجه إلى دمشق، بعد تعرضه للخطف والتعذيب.
أصابع الاتهام وُجهت إلى “هيئة التحرير الشام” بالمسؤولية عن العملية، والتي أُلحقت بعملية مشابهة اختطف إثرها الطبيب مازن دخان لساعات، واعترفت الهيئة بها بحجة أنها “عملية أمنية”.
نتيجة ذلك أصدرت نقابة الأطباء والصيادلة في حزيران الفائت بيانًا انتقدت فيه الانتهاكات المتزايدة التي تتعرض لها الكوادر الطبية في إدلب، والفوضى وغياب الأمن، إلى جانب “السياسات الممنهجة” لإخلاء المنطقة من الكوادر الطبية.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
English version of the article
-
تابعنا على :