“هل انتهى دورنا كنشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي بانتهاء الحرب، هل ستقوم الحكومة بتوقيفنا عن العمل بدل أن تقوم بتكريمنا على الجهد الذي بذلناه”.
هكذا كتب أيهم غانم، وهو مراسل لأكثر من وسيلة إعلام موالية للنظام السوري، في اللاذقية، عبر صفحته في “فيس بوك” في 21 من كانون الأول، على خلفية أنباء عن اعتقال وسام الطير، الإعلامي الموالي للنظام ومدير شبكة “دمشق الآن”.
بعد أن واكبوا معارك قوات الأسد وأسهموا في نقل روايات النظام عما يجري على الأرض، بدأت الطاولة تنقلب عليهم، بين اعتقال وإيقاف وتهميشىوإهانة، ومن هؤلاء الإعلاميين:
وسام الطير
اعتقلت أجهزة الأمن التابعة للنظام السوري الإعلامي وسام الطير مدير شبكة “دمشق الآن”، في 15 من كانون الأول الحالي، مع زميله الصحفي سونيل علي، لسبب غير واضح.
وكان الطير في واحد من منشوراته الأخيرة، عبر صفحته على “فيس بوك”، تحدث عن مشهدٍ أحدث جدلًا كبيرًا في الساحة السورية ومواقع التواصل الاجتماعي، بعد أن نقلت قوات الأسد مجموعة من الشباب مقيدين بالسلاسل ليتم سحبهم إلى الخدمة الإلزامية أو الاحتياطية.
انتقد الطير المشهد، وقال إنه شاهد الصورة و”حزن” لأن “هؤلاء الشبان هم فقراء مثلنا بسطاء مثلنا، هذا المشهد ليس من الجيد أن يكون في بلادنا”، قبل أن يعود لامتداح المؤسسة العسكرية التي وصفها بـ”المقدسة”، مضيفًا أن “هذه الصورة لا تمثل المؤسسة… ومن يحاول التصويب بهذا الاتجاه يكون جاحدًا ومسيئًا وظالمًا لأنه يرى من زاوية واحدة فقط ويبحث عن نقطة سوداء ضمن صفحة بيضاء”.
هذا التصريح لم يشفع لوسام الطير، في حال كان ما تم تداوله ناشطون موالون للنظام السوري عن سبب اعتقاله صحيحًا، وهو آخر استطلاع قام به حول الأوضاع في دمشق وندرة المحروقات وأزمة الغاز، وتهديده بالعمل على ملفات فساد في الحكومة التي تدعي أساسًا محاربة الفساد.
وسام الطير من سكان منطقة قدسيا جنوبي العاصمة دمشق، وتعود أصوله إلى الجولان المحتل، حصل على الشهادة الثانوية في عام 2010 قبل أن يلتحق بالخدمة العسكرية في صفوف الحرس الجمهوري لمدة سبع سنوات، ويتم تسريحه في مطلع عام 2018 الحالي.
وبالعودة إلى المعارك في محيط دمشق، كان مدير مكتب “دمشق الآن”، من السباقين إلى الخوض في غمار الحملة الإعلامية التي تعلن عنها وسائل إعلام النظام السوري كافة، ولكن كان له أسلوبه الخاص من ناحيتي التواصل، واللعب على العامل النفسي.
تواصل وسام الطير مع معظم الناشطين الإعلاميين الذين كانوا في مناطق سيطرة المعارضة، وحاول التقرب منهم على مواقع التواصل الاجتماعي، وتعدى ذلك إلى وعدهم بـ ”الأمن والأمان” في حال رغبوا بترك مناطقهم والتوجه إلى مناطق سيطرة النظام السوري واتمام إجراءات المصالحة.
شادي حلوة
اشتهر مراسل التلفزيون الرسمي في حلب، شادي حلوة، بإثارته للجدل عبر صفحته في “فيس بوك”، سواء من حيث حرصه على تغطية كل ما يظهر النظام بمظهر المنتصر، وانتقاده لما يصفه بـ “الفساد”.
وكان آخر ما أثاره حلوة عبر صفحته في “فيس بوك” في 24 من كانون الأول، هو قرار محافظ حلب حسين دياب، بمنعه من تغطية “احتفالات” النظام بالسيطرة على حلب.
وقال الإعلامي الموالي للنظام السوري، إنه تقدم بمعروض للنائب العام بحلب ضد المحافظ.
وتضمن المعروض الذي قدمه حلوة الادعاء بإساءة استعمال السلطة، واستخدام نفوذه من أجل عرقلة عمله كمراسل للتلفزيون الرسمي، إضافة إلى بث الإشاعات.
وهذه ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها شادي حلوة للمنع أو الإيقاف، على الرغم من ولائه للنظام السوري، وتغطيته لكثير من معارك قوات الأسد في حلب خلال السنوات الماضية.
ففي مطلع العام 2018 تمت إقالة حلوة من برنامج “هنا حلب” الذي كان يقدمه، عبر التلفزيون الرسمي، ليحل محله المذيع فؤاد إزمرلي، بناء على طلب الشركة الراعية للبرنامج وهي مجموعة “القاطرجي”.
واتهم حلوة وقتها بشكل ضمني وزير الإعلام الجديد، عماد سارة، بوقوفه وراء إقالته من البرنامج، كون الإيقاف يصدر عن مدير الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، وهو عماد سارة قبل أن يكلف كوزير الإعلام، مشيرًا إلى أن القرار صدر في يوم استلام سارة رئاسة الوزارة.
كما تم إغلاق مقر إذاعة “صدى حلب” في تموز الماضي، بعد مداهمته من قبل الشرطة، والتي يشغل حلوة منصب مديرها المسؤول.
وكان حلوة من أوائل الإعلاميين الذين سارعوا إلى الظهور في الأحياء التي سيطرت عليها “قوات الأسد” في حلب، وبثّ مقطع فيديو من جسر حيّ الصاخور، مستخدمًا كاميرا أمامية لهاتف محمول، سجّل من خلالها تعليقاته باللغة العامية على مشاهداته، وأرفقها بألفاظ ساخرة وابتسامات عريضة، وبالتأكيد على “إرادة نمور الجيش السوري”.
وجاء ذلك بعد نحو أقل من شهر على انتشار المقطع الذي ظهر فيه العقيد سهيل الحسن، القائد العسكري في “قوات الأسد”، والملقب بـ “النمر”، وهو يوبّخ شادي حلوة، الذي وجّه تحية لسوريا، بدلًا من بشار الأسد.
رضا الباشا
أصدر المحامي العام بحلب في تشرين الثاني الماضي، مذكرة توقيف بحق مراسل قناة “الميادين” اللبنانية في حلب، رضا الباشا، الذي قال إنه بعد محاولات لمعرفة مصدر المذكرة، أخبره رئيس فرع الأمن الجنائي بحلب، أن المعروض مقدم بحقه من قبل أمين فرع “حزب البعث العربي الاشتراكي” بحلب، فاضل نجار، وذلك على خلفية موقف الباشا من الانتخابات البلدية ومجالس المدن.
وأضاف الباشا أن أمين فرع الحزب، الذي يعلم أن الباشا ممنوع من ممارسة العمل في سوريا، استفاد من خبرته بالقانون كقاض، واستغل منصبه كمسؤول، لإصدار هذا النوع من المذكرات، بجرم الإساءة للحزب، وبناء عليه نفذ الأمن الجنائي في حلب ما أوكل إليه من النيابة وداهم المنزل.
وكان الباشا دعا لمقاطعة الانتخابات البلدية ومجالس المدن، التي تمت في أيلول الماضي، وطالب بحل أفرع الحزب، بسبب إعلانها قوائم مغلقة، واصفًا ذلك بمصادرة رأي الناخب السوري عامة والحلبي خاصة، ومشيرًا إلى “سياسة تمييز” بين أبناء المدينة والريف.
وليست المرة الأولى التي يلاحق بها الأمن السوري المراسل، إذ أوقفته وزارة الإعلام عن العمل في سوريا بسبب “مخالفته لقانون الإعلام”.
وجاء ذلك بعد تسليطه الضوء عبر منشوراته على الميليشيات المحلية التي مارست أعمال السرقة والسلب والاختطاف بغية الابتزاز المالي في حلب، بعد سيطرة قوات الأسد على الأحياء الشرقية مطلع 2016.
وتضامن مع الباشا حينها بعض متابعي القناة الذين أطلقوا وسم “متضامن مع رضا الباشا”، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، معتبرين أن عصابات “التعفيش” هي من أقصته عن المشهد الحلبي بعدما فضحهم بالأسماء.
ورضا الباشا (35 عامًا) وهو صحفي من مواليد بلدة نبل في ريف حلب الشمالي، ويشغل مراسل قناة الميادين في سوريا.
وناشد عبر صفحته في “فيس بوك” رئيس النظام السوري، بشار الأسد، لـ ”إنصاف الصحفيين في سوريا وكف يد سلطة المسؤول عن التلاعب بهم وسحقهم بسطوة القانون”، بحسب قوله.
كنانة علوش
تعرضت مراسلة قناة “سما” الموالية للنظام السوري، كنانة علوش، في تشرين الثاني 2016، إلى الإهانة في حلب على يد عناصر أمين فرع حلب لـ “حزب البعث العربي الاشتراكي”، أحمد صالح الإبراهيم.
وتناقلت صفحات على موقع التواصل الاجتماعي أن علوش تعرضت للضرب على أيدي عناصر أمين فرع الحزب، إضافة إلى بعض الكلمات مثل “انقلعي لبرا يا حيوانة”.
علوش أوضحت، عبر صفحتها في “فيس بوك”، أن عناصر صالح الإبراهيم منعوها من دخول مبنى الفرع، لتصوير الأسر التي خرجت من الأحياء الشرقية في حلب، مشيرةً إلى أنها تعرضت لإهانة لفظية فقط بكلمة “وليك”.
وقالت علوش “كلمة وليك، هي كلمة بتقولها ببيتك ولمرتك أو للـ…. يلي عم يدخلوا لمكتبك، هي ما بتنقال لألي”.
وأكدت علوش أنها تبلغت قرار منعها بالدخول لكنها أصرّت، قائلة “عندما أذهب إلى بيته، فليمنعني من الدخول، أنا هنا في بيت القائد الخالد حافظ الأسد، وبيت السيد الرئيس بشار الأسد”.
وبعد إصرار المراسلة على الدخول، “أبلغ إبراهيم حاشيته أمام الجميع بطردي من القاعة، ولكنني أصريت على البقاء ولم أرد على أي أحد وخرجت بعد أن أتممت عملي”.
وأرجعت سبب منعها إلى عدم إجراء مقابلة مع أمين فرع الحزب في “يوم تعزية أسر الشهداء”، وهو “تقرير إنساني يعني بين قوسيين متل ما بيقولوا مو ضروري نبروظ المسؤولين بكل تقرير”.
وعملت علوش مذيعة في الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون قبل نحو 10 أعوام، وتحولت منذ مطلع الثورة إلى “مراسل حربي” تحاول أن تنافس زميلها شادي حلوة في تغطية الأعمال العسكرية لقوات الأسد في حلب.
وتعرف بصاحبة “سلفي الجثث” في سوريا، بعدما نشرت صورًا لها مع جثث مقاتلين من المعارضة السورية في نيسان الماضي، الأمر الذي لاقى موجة من الغضب عليها في مواقع التواصل الاجتماعي.