هل انتهى زمن المظاهرات؟
جريدة عنب بلدي – العدد 26 – الأحد – 29-7-2012
دخلت الثورة السورية مرحلةً بات الجميع يشعر أن الحسم سيكون عسكريًّا فيها، إمّا بعمليات نوعية كالتي استهدفت مبنى الأمن القومي، أو بزيادة سيطرة الجيش الحر على مدنٍ وقرى جديدة، وفقدان النظام السيطرة على كثيرٍ من أجزائه ومفاصله وحدوده.
يرافق ذلك وحشيةٌ مفرطةٌ في التعامل مع أي حراكٍ ثوري. فلم يعد للنظام القدرة على التعامل مع المتظاهرين فردًا فردًا، بل باتت قذائف الهاون هي الطريقة الأمثل لتفريقهم وقمعهم، وبالتالي عشرات الجرحى والقتلى مع كل قذيفة تستهدف تجمعات هؤلاء الناس، المطالبين بالحرية والكرامة.
أمام هذا التغيّر النوعي في شكل الثورة السورية وطريقة تعامل النظام معها، بات الكثير من المتظاهرين يشعرون أن شكل ثورتهم (المتمثل في التجمعات الشعبية الرافضة لدولة الأسد) قد فات وقته، ولا داعي لتكبّد كل تلك التضحيات، مقابلَ وعيٍ يزداد بقدرة الحسم المسلح. ولكن هل يستطيع السوريون ذلك؟ وهل يتناسب هذا مع طبيعة وشكل ثورتهم؟
لا يمكن للسوريين، بعد كل عمليةٍ يسقط فيها شهداء لهم، لايمكن لهم إلاّ أن يشيّعوا شهداءهم بكرنفالاتٍ مهيبة، تعبّر دائمًا عن احترامهم لتلك الأرواح التي فقدوها، ويعكس فيها هؤلاء الثوار مدى إيمانهم بقضيتهم، ومدى انتمائهم لحضارة عريقة تمتد لآلاف السنين. يعبرون عن ذلك بهتافاتهم ولوحاتهم وصورهم، وحتى بأكفانهم.
أضف إلى ذلك فإن هذا الحراك الثوري المدني يُعتبر ملجًأ لمئات الألوف من المتظاهرين الذين لم ينخرطوا في صفوف الجيش الحر، إمّا لصغر سنّهم، أو لعدم توفر السلاح أو عدم القدرة على حمله، أو لأنّ هؤلاء يريدون أن يخدموا ثورتهم في شقّها المدني والسياسي، ولايجدون أنفسهم ضمن من أراد حمل السلاح. هذه الفئة العريضة من الناس تريد أن تستمر في ثورتها حتى إسقاط النظام. لذلك فإن شكل الثورة المتمثل في المظاهرات ومهرجانات التشييع والأعمال المدنية الثورية سيستمر حتى لو تطوّر الوعي الثوري بأن الحسم سيكون عسكريًا (وهذا مانراه في الأيام القادمة على أقل تقدير).
حتى الآن وربما في المستقبل، سيكون جواب السوريين أن المظاهرات وكرنفالات الحرية هي التجلي الأهم لثورتهم.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :