درعا- خاص
بعد خمسة أشهر على اتفاق التسوية الذي أنهى فترة سيطرة المعارضة في درعا جنوبي سوريا، عادت المظاهرات مجددًا إلى مركز المدينة لتنادي بتنفيذ بنود الاتفاق ووعود النظام.
وشهدت ساحة الجامع العمري في درعا البلد، الجمعة 22 من كانون الأول، مظاهرة شعبية طالبت بالإفراج عن المعتقلين من سجون النظام السوري، وهتفت ضد المتطوعين من أبنائها في صفوف قوات الأسد.
ورفع المتظاهرون علم الثورة السورية إلى جانب هتافات تندد بعدم تنفيذ الاتفاق المبرم مع النظام وحلفائه الروس في تموز الماضي، إلى جانب كتابات مناهضة للنظام السوري على جدران بعض البلدات في ريف المحافظة.
وكانت أبرز الهتافات التي وثقتها عدسات الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، “ما عاد بدنا تسويات.. طلعوا طلعوا المعتقلات”، إضافة لـ “يا خونة يا متطوعين.. هانت عليكم السنين”.
وتعتبر المظاهرة الثانية من نوعها منذ سيطرة قوات الأسد وحلفائها الروس على المحافظة في تموز الماضي، مقابل تسوية أوضاع الآلاف وخروج الرافضين من المعارضة للتسوية إلى محافظة إدلب.
كيف يستطيعون التظاهر؟
من أبرز ما دفع أهالي درعا للتظاهر مجددًا، عدم تنفيذ النظام والروس بنود الاتفاق المبرم مع فصائل المعارضة، والذي يقضي بإخراج المعتقلين وعدم ملاحقة أصحاب التسويات ورفع القبضة الأمنية عن المدنيين، إلا أن ذلك لم ينفذ، إضافة إلى حملات اعتقال تتزايد ضد أبناء المحافظة.
ولخروج المظاهرة في ساحة الجامع العمري وسط المدنية دلالات عديدة لأنه ذات المكان الذي خرجت منه المظاهرات الأولى عام 2011.
أما عن إمكانية التظاهر في درعا، فقال مصدر مطلع على بنود الاتفاقية لعنب بلدي إن السكان خرجوا لتوجيه رسالة إلى النظام والروس مستغلين ما ورد في الاتفاق بأن النظام لا يستطيع الدخول إلى أحياء درعا البلد، حتى كانون الثاني المقبل، أي بعد شهر.
وأضاف أن ذلك الشرط وضعه الروس في أثناء توقيع الاتفاق، إلى جانب تطمينات للأهالي بأن النظام سينفذ كل البنود الواردة وأهمها إخراج المعتقلين، بضمانة الجانب الروسي، لكن المحافظة شهدت حالات اعتقالات متكررة، بعد سيطرة قوات الأسد، ما يعد خرقًا لبنود التسوية.
وتتزايد ظاهرة الاعتقالات في المحافظة، إذ ذكر تقرير لقسم المعتقلين والمختطفين في “مكتب توثيق الشهداء في درعا”، أن 72 معتقلًا أوقفتهم الأجهزة الأمنية، في تشرين الثاني الماضي فقط، أطلق سراح ستة منهم، بينما لا يزال 66 منهم قيد الاعتقال.
وأوضح المصدر، “كانت الوعود من الروس أن تنشر شرطة محلية خلال ستة أشهر، وتنفيذ بنود لصالح السكان، أو التوصل لحل سياسي، لكن المهلة على وشك الانتهاء دون أن يتم ذلك”.
غير أن تلك التظاهرات لا تحمل وراءها مؤشرات بالتوسع والاستمرار، وذلك للقبضة الأمنية التي يفرضها النظام في داخل المحافظة من ناحية، وإحكام السيطرة على حدودها ومفاصلها الرئيسية من ناحية أخرى وهو الأهم، بحسب المصدر.
الاتفاق المبرم بين الطرفين
تمكنت قوات الأسد والحليف الروسي من السيطرة على محافظتي درعا والقنيطرة، في تموز الماضي، بموجب اتفاقيات تسوية، بعد أيام من قصف وتعزيزات عسكرية.
وعقب ذلك، فرض النظام السوري على الراغبين بتسوية أوضاعهم في محافظة درعا وثيقة تعهد من 11 بندًا، أرفق معها ورقة ضبط للحصول على معلومات تخص فصائل المعارضة ومصادر تمويلها.
وفي أيلول الماضي، شهدت المحافظة اجتماعًا بين وجهاء عشائر وفعاليات أهلية مع وفد روسي، بُحثت فيه مطالب التسوية مع النظام السوري، وتناول الاجتماع بشكل رئيسي ملف المعتقلين، وتطرق إلى “حسن النية” من جانب النظام والبدء بالإفراج عنهم.
كما شمل الاجتماع ملف المفصولين من وظائفهم، وسط وعود بتسهيل عودتهم للعمل من جديد، كما نوقشت مسألة الحواجز والحد منها وعدم التضييق على المواطنين.
ورفض وجهاء درعا أي صيغة للاعتقال خلال الاجتماع مع الجانب الروسي باعتبار أنه ضامن للتسوية ولتنفيذ البنود لصالح السكان.