د. أكرم خولاني
يُعتبر الداء السكري Diabetes Mellitus أحد الأمراض المزمنة الشائعة بين البشر، وهو يصيب البالغين والأطفال، ويتمثل هذا الداء بعدم قدرة الجسم على إنتاج هرمون الإنسولين، أو مقاومة خلايا الجسم للإنسولين المُفرز وعدم استجابتها له، وهذا ما يتسبب بارتفاع مستويات سكر الغلوكوز في الدم بشكل يفوق الحد الطبيعي.
وللداء السكري نوعان:
- الداء السكري من النمط الأول، أو ما يسمى بالنمط المعتمد على الإنسولين، وكان يسمى سابقًا بالنمط الشبابي.
- الداء السكري من النمط الثاني، أو ما يسمى بالنمط غير المعتمد على الإنسولين، وكان يسمى سابقًا بالنمط الكهلي.
ما أنواع الداء السكري التي تصيب الأطفال
يمكن لنمطي مرض السكري أن يُصيبا الأطفال:
النمط الأول: يُعد أكثر شيوعًا بين الأطفال من النمط الثاني، إذ يُسجل 90% من حالات الإصابة تقريبًا، وأغلب الحالات يتم تشخيصها في الفترة العمرية التي تتراوح بين 4-6 أعوام، أو 12-14 عامًا.
ويتمثل هذا النوع من مرض السكري بعدم قدرة خلايا البنكرياس على إنتاج هرمون الإنسولين المسؤول عن التحكم بمستويات السكر في الدم بسبب تعرض خلايا البنكرياس لمهاجمة الجهاز المناعي في الجسم ذاته عن طريق الخطأ، ولهذا يُعد مرض السكر من النمط الأول من أمراض المناعة الذاتية.
ويعزو بعض الناس حدوث هذا الاضطراب نتيجة تعرض الطفل لبعض العوامل البيئية كالإصابة ببعض الفيروسات مثل فيروس كوكساكي، الحصبة الألمانية، ابيشتاين بار، الفيروس المضخم للخلايا، إضافة إلى حمله لبعض المورثات المسؤولة عن زيادة فرصة الإصابة بمرض السكري، ولكن الأسباب الحقيقية لمرض السكري من النمط الأول غير مفهومة، فكثير من الأطفال المصابين ليس لديهم مرض السكري في أسرهم، ويبقى السبب الدقيق لإصابتهم غير معروف.
النمط الثاني: يندر حدوث هذا النوع من مرض السكري بين الأطفال، ويتمثل مرض السكري من النمط الثاني بعدم استجابة خلايا الجسم للإنسولين المفرز، بالإضافة إلى قلة إنتاج الإنسولين مع مرور الوقت، ويُعزى حدوث هذا النوع من مرض السكري لتفاعل عدد من العوامل البيئية والوراثية مثل قلة الحركة، والسمنة، والتاريخ العائلي للإصابة بالمرض، والعِرق.
ما أعراض السكري عند الأطفال؟
هناك عدد من الأعراض التي تتشابه بين نمطي مرض السكري، وتشمل:
أعراض مرض السكري من النمط الأول: غالبًا ما تتطور أعراض الإصابة بهذا النوع خلال فترة قصيرة قد تكون عدة أسابيع.
وأكثر هذه الأعراض شيوعًا، الشعور بالعطش، زيادة الحاجة للتبول، الشعور بالجوع أكثر من الطبيعي، الشعور بالتعب والإعياء العام، التهيج وعدم الاستقرار، ظهور رائحة تشبه رائحة الفواكه من النفَس، الإصابة بعدوى فطرية، وخاصة لدى الإناث.
أعراض مرض السكري من النمط الثاني: عادة ما تتطور أعراض هذا النمط بشكلٍ تدريجي، لذلك قد لا يُشخص إلا بعد مرور أشهر أو سنوات على الإصابة.
وأكثر الأعراض شيوعًا: الشعور بالعطش، زيادة الحاجة للتبول وخاصة خلال الليل، الشعور بالتعب والإرهاق، زوغان النظر، فقدان الوزن بشكل غير مبرر، الشعور بحكة حول الأعضاء التناسلية، وعادة ما يُعزى ذلك لنمو فطري، بطء التئام الجروح والقروح، الإصابة بمتلازمة المبيض متعددة الكيسات لدى الإناث، ظهور الشواك الأسود الذي يتمثل بظهور بقع سوداء اللون على الجلد نتيجة مقاومة الخلايا للإنسولين.
كيف يتم تشخيص إصابة الطفل بالسكري؟
يتم تشخيص إصابة الطفل بالسكري إذا استوفى أحد المعايير الآتية:
- سكر الدم بعد الصيام > 126 ميلليغرام / ديسيليتر في اختبارين منفصلين.
- سكر الدم العشوائي > 200 ميلليغرام / ديسيليتر إلى جانب أعراض مرض السكري.
- نسبة الخضاب السكري A1C > 6.5 في اختبارين منفصلين (يعطي هذا التحليل مؤشرًا لنسبة السكر في الدم لمدة شهرين سابقين) .
بعد تأكيد التشخيص يقوم الطبيب بإجراء بعض الفحوصات الأخرى وتشمل: فحص نسبة الكوليسترول في الدم، وفحص وظائف الغدة الدرقية، ووظائف الكلية، ووظائف الكبد.
كيف يتم علاج سكري الأطفال؟
مرض السكري من النمط الأول: يعتمد علاج حالات الإصابة بهذا النوع من السكر على إعطاء الطفل حقن الإنسولين تحت الجلد لتعويض النقص الحاصل في الجسم، إضافة إلى ضرورة وضع خطة غذائية للطفل بحيث يتناول حاجته من الكربوهيدرات والأطعمة اللازمة لنموه وفي الوقت ذاته دون تسببها برفع مستويات السكر في الدم بشكلٍ يفوق الهدف المطلوب، كذلك لا بد من وضع خطة لممارسة الطفل التمارين الرياضية لما لها من تأثير في مستويات السكر في الدم.
مرض السكري من النمط الثاني: يعتمد علاج هذا النوع بشكلٍ رئيسي على تغيير نمط الحياة، كتحفيز الطفل على ممارسة الأنشطة الرياضية، وإنقاص الوزن، وتناول الطعام الصحي، وقد يحتاج المصاب في مرحلة من عمره إلى تناول الأدوية الخافضة للسكر الفموية، وربما يحتاج إلى الإنسولين.
ما المضاعفات المحتملة للإصابة بالداء السكري؟
يممكن أن تتضمن المضاعفات ما يلي:
أمراض القلب والأوعية الدموية: يزيد الداء السكري بشكل كبير من خطر الإصابة بحالات مثل الذبحة الصدرية، والسكتة الدماغية، وتصلب الشرايين، وارتفاع ضغط الدم، وذلك في وقت لاحق من الحياة.
اعتلال الأعصاب: تؤدي نسبة السكر الزائدة في الدم على مدار فترة طويلة إلى إصابة جدران الأوعية الدموية الصغيرة التي تغذي الأعصاب، وخاصة في الساقين، وقد يتسبب ذلك في الشعور بوخز أو خدر أو حرق أو ألم.
تلف الكلى: يمكن أن تؤدي نسبة السكر المرتفعة في الدم إلى تلف العديد من مجموعات الأوعية الدموية الصغيرة المسؤولة عن تصفية الفضلات من دم الطفل، وهذا يمكن أن يؤدي إلى الفشل الكلوي.
اعتلال العين: يمكن أن يؤدي الداء السكري إلى تلف الأوعية الدموية في شبكية العين (اعتلال شبكية سكري)، وهذا يؤدي إلى ضعف الرؤية وقد يسبب العمى، كما قد يؤدي الداء السكري إلى إعتام عدسة العين وارتفاع خطر الإصابة بالمياه الزرقاء.
اضطرابات جلدية: قد يجعل الداء السكري الطفل أكثر عرضة للإصابة بمشاكل في الجلد، بما في ذلك الالتهابات البكتيرية والالتهابات الفطرية والحكة والشواك الأسود.
هشاشة العظام: قد يؤدي الداء السكري إلى انخفاض كثافة المعادن في العظام عن المعدل الطبيعي، ما يزيد من خطر إصابة الطفل بهشاشة العظام مثل الأشخاص البالغين.
وقد تبين أن الأطفال المصابين بمرض السكري من النمط الأول يكونون أكثر عرضة للمعاناة من بعض اضطرابات المناعة الذاتية الأخرى، مثل الداء البطني المعروف بين عامة الناس بحساسية القمح، وكذلك أمراض الغدة الدرقية.
ما الذي يمكن أن يفعله أهالي الأطفال المصابين بالسكري؟
- متابعة مستويات الغلوكوز في دم الطفل.
- التعرف على كل ما يتعلق بالمرض من حيث الحمية الغذائية ونمط الحياة.
- التعرف على أعراض انخفاض مستوى السكر في الدم.
- التأكد من أن المحيطين يعرفون أن الطفل مصاب بمرض السكري ليتعاملوا معه بالشكل الصحيح، وأنهم يعرفون أيضًا ما يجب فعله إذا ظهرت أعراض انخفاض مستوى الغلوكوز في الدم.
- معرفة كيفية إعطاء حقن الإنسولين تحت الجلد، وأماكن الحقن، فهناك موقعان رئيسيان للحقن في البطن وفي الفخذ.
هل يمكن الوقاية من مرض السكري عند الأطفال؟
يعتقد المتخصصون أن الداء السكري من النوع الأول لا يمكن منعه، ولكن هناك خطوات يمكن أن تحد من احتمالية الإصابة بالسكري من النمط الثاني وهي:
الحفاظ على وزن صحي: الأطفال ذوو الوزن الزائد معرضون لخطر الإصابة بالنمط الثاني من السكري لأنهم أكثر عرضة للإصابة بالمقاومة للإنسولين.
البقاء نشطًا وتجنب الكسل: إن الحفاظ على النشاط البدني يقلل من مقاومة الإنسولين ويساعد في السيطرة على ضغط الدم.
الحد من المأكولات والمشروبات السكرية: فتناول نظام غذائي متوازن غني بالمغذيات، مع الكثير من الفيتامينات والألياف والبروتينات الخالية من الدهون، سيقلل من فرص الإصابة بداء السكري من النوع الثاني.