كل المعارك هراء

  • 2018/12/23
  • 12:00 ص
محمد رشدي شربجي

محمد رشدي شربجي

محمد رشدي شربجي

علينا ألا نغالي ولا نكابر في الحقيقة، قوات الجيش الحر التي حكمت عفرين بعد حزب العمال، حكمتها بالحديد والنار وبكثير من العنصرية، مشاهد أفواج المقاتلين وهي تنهب محلات السوق المركزي لا تزال حاضرة في الأذهان، وطرد عوائل كردية من بيوتها وتسكين مهجرين من مناطق أخرى ثائرة هجرها النظام لا يمكن إنكاره.

والحقيقة الأخرى أن الكرد في سوريا والعراق قدموا نماذج حكم أفضل “نسبيًا” بما لا يقاس بنماذج العرب في البلدين سنة وشيعة، فلا عجب أن يكون عموم الكرد ضد أي عملية عسكرية من هذا النوع، ويبقى الكلام عن الإرهاب ومحاربته “علكة” يعلكها الجميع -بمن فيهم الكرد أنفسهم- بأي مناسبة.

من جهة أخرى، لا يستحق حزب العمال الكردستاني أي تعاطف، فالحزب المذكور -كما جبهة القاعدة- لا يرى في سوريا إلا محطة في طريق صراعه الطويل مع الدولة التركية، وقد وضع الحزب وعن سابق إصرار وترصد الكرد السوريين في وجه الثورة، وسعى منذ البداية -وهو ما فعلته الأحزاب الكردية كافة للأسف- لتمييز الكرد ومطالبهم عن الثورة ومطالبها، وباتت الثورة المثقلة ببراميل الأسد وجيوش شبيحته مسؤولة بقدرة قادر عن المشكلة الكردية في سوريا بدل النظام الحاكم منذ نصف قرن!

وبحجة المظلمة الكردية التي لا يمكن إنكارها -وإن كان يجب رؤيتها في سياق مظلمة سورية عامة يرتكبها النظام- تم تبرير ما لا يمكن تبريره، تحالف مع النظام والروس والأمريكيين بنفس الوقت، حصار لحلب، تهجير لقرى عربية، ثم عرض المساعدة على الروس بعد معركة حلب لـ “تحرير” إدلب من الإرهاب وغيرها وغيرها.

لم أشأ قاصدًا تحليل دوافع الانسحاب الأمريكي من المنقطة -إن تم- فأقرب المقربين من ترامب فاجأهم القرار ولم يكونوا يتوقعونه، وقد سبق لعدة دول أن أعلنت سحب قواتها من سوريا، التي يقول الجميع ليلًا نهارًا فقط إن وحدة أراضيها هو أسمى أهدافهم، ولم يحدث شيء بعدها، عدا عن أن الحالة السورية تحولت لأكبر مقبرة جماعية للتحليلات السياسية على مدى السنين السابقة.

لا شيء يدعو للسعادة في العملية التركية المرتقبة، اللهم إلا اعتبار البعض أن المظلوم هذه المرة ليس “عربيًا سنيًا” كما جرت العادة خلال السنوات السابقة، ولا شيء يدعو للحزن أيضًا، بالنسبة لي، وبعد أن تأكد أن هناك اتفاقًا دوليًا على بقاء الأسد فإن كل المعارك و”المكاسب” هراء.

مقالات متعلقة

مقالات الرأي

المزيد من مقالات الرأي