دمشق – ماري العمر
لا يزال إيجاد سكن مناسب للوافدين من أجل الدراسة في دمشق تحديًا كبيرًا للطلاب، إذ يقعون بين خيارين، إما اللجوء إلى السكن الجامعي على مساوئه، أو استئجار منزل قريب من الجامعة باهظ الأجرة.
تستمر معاناة راما، التي قدمت من مدينة حمص للدراسة في كلية السياحة بدمشق، في البحث عن منزل قريب من كلية الآداب في المزة أو كلية العلوم في البرامكة، متحدثة عن صعوبات تجلت في استغلال السماسرة لحاجتها وحاجة صديقتها، كما تقول.
الطالبة الجامعية قالت في حديث لعنب بلدي إنها تبحث منذ أشهر عن منزل تستأجره مع صديقتها، إلا أنها لم تجد ما يناسب إمكانياتها، مشيرة إلى ارتفاع “مبالغ به” بإيجارات المنازل في دمشق، بالإضافة إلى كون المنزل سيئًا وغير مخدّم بصورة جيدة.
وتضيف راما إلى قائمة الصعوبات، وجود تعقيدات في الإجراءات الإدارية المتمثلة باستخراج موافقة أمنية لاستئجار منزل، “غالبًا ما يتم دفع رشوة للإسراع باستخراج الموافقة الأمنية، التي تكلف من 25 إلى 100 ألف ليرة بحسب المنطقة، وتعود قيمة الرشوة إلى الموظف المسؤول أو الوسيط الذي يطلق عليه لقب المفتاح”.
حال معظم الطلاب الوافدين
لم تكن راما وحدها من يشتكي من عناء إيجاد منزل قريب من الجامعة، إذ يضطر الطالب سليم إلى قطع مسافة طويلة للوصول إلى كلية الهندسة المدنية في دمشق، كونه عجز عن إيجاد منزل قريب من الجامعة وبسعر مناسب.
فأزمة المواصلات أصبحت جزءًا من يوميات سليم، ابن مدينة الحسكة، إلا أنه يحاول تخطيها في ظل غلاء إيجارات المنازل القريبة، كما يقول لعنب بلدي.
ويضيف، “وصل إيجار المنزل القريب من كلية الهندسة إلى 150 و200 ألف ليرة سورية، في حال كان المنزل جيدًا ومناسبًا للسكن”.
كما أن بعض أصحاب المنازل يشترطون على الطالب أن تكون مدة عقد الإيجار ثلاثة أشهر فقط، من أجل رفع قيمته عند تجديد العقد، فضلًا عن اشتراطهم دفع الإيجار عن الأشهر الثلاثة سلفًا.
تأتي تلك الأزمة في ظل غياب الرقابة الحكومية عن السماسرة وأصحاب المنازل في دمشق، حيث بدت ملامح الاستغلال واضحة في سوق العقارات، رغم عودة آلاف المهجّرين والنازحين إلى منازلهم في ريف دمشق.
كيف يبرر السماسرة؟
عنب بلدي تحدثت إلى أحد السماسرة في مدينة دمشق، والذي يمتلك ثلاثة منازل يؤجرها للوافدين إلى المدينة.
يقول السمسار، الذي رفض الكشف عن اسمه، إن غلاء إيجار المنازل “أمر طبيعي” في ظل ارتفاع معدل المعيشة في دمشق، نافيًا أن يكون ذلك “جشعًا” من أصحاب المنازل.
ومع ذلك عبّر عن أسفه لحال الطلاب الجامعيين الوافدين للدراسة في دمشق، مشيرًا إلى أنه لا يستطيع تقديم المساعدة لهم، كونه يعتمد في سد مصروفه الشهري على إيجارات المنازل التي يملكها، على حد قوله.
ومع ذلك يجد الطالبان سليم وراما أن الأمر أفضل من اللجوء إلى السكن الجامعي، الذي يعاني من سوء الخدمات المقدمة، مقابل أسعار رمزية تأخذها الجامعة من الطالب الوافد المقيم في هذا السكن.
إذ يعاني الطلاب داخل السكن الجامعي من انعدام المياه والتدفئة والكهرباء، وغالبًا ما يضطرون إلى إصلاح الخدمات على نفقتهم الخاصة، بعد رفض إدارة السكن التكفل بإصلاحها تحت مبرر “قلة الإمكانيات المالية”.
ويبقى حال الطلاب في حيرة بين سكن جامعي رخيص ولكن سيئ الخدمات، وبين منزل بعيد عن الجامعة وبسعر متوسط، أو منزل قريب بسعر باهظ لا يستطيعون تغطيته.