وافق مجلس الأمن الدولي بالإجماع على نشر فريق من الأمم المتحدة لمراقبة وقف إطلاق النار في محافظة الحديدة غربي اليمن.
وخلال جلسته أمس، الجمعة 21 كانون الأول، تبنى مجلس الأمن مشروع قرار بريطاني أميركي، يدعو إلى إرسال مراقبين مدنيين إلى اليمن، بهدف تأمين العمل في ميناء الحديدة الاستراتيجي.
كما صادق المجلس على ما أحرزته مباحثات السلام الأخيرة التي عقدها طرفا النزاع اليمني في السويد، يوم الثاني عشر من شهر كانون الأول الحالي.
وتوصلت الحكومة اليمنية وجماعة “الحوثي” خلال هذه المشاورات إلى اتفاق بشأن ميناء الحديدة المطل على البحر الأحمر، والذي يحوي على صوامع الغذاء التي بشأنها أن تنقذ الملايين في اليمن من خطر المجاعة، بالإضافة إلى اتفاق على تخفيف شدة التوتر في مدينة تعز، وإطلاق سراح الأسرى.
وبحثت المشاورات التي يقودها المبعوث الأممي إلى اليمن، مارتن جريفيث، إطلاق سراح الأسرى، ووقف القتال في مدينة الحديدة، وفك الحصارعن مدينة تعز، وإيصال المساعدات الإنسانية إلى المتضررين، وإعادة فتح مطار صنعاء، وسط ضغط الدول الغربية على السعودية التي تدعم الحكومة اليمنية وإيران المتحالفة مع جماعة “الحوثي”.
ويُشدد نص القرار الذي اعتمده المجلس أمس”على الاحترام الكامل من جانب جميع الأطراف لوقف إطلاق النار الذي أعلن في محافظة الحديدة، كما يجيز للأمم المتحدة أن تعد وتنشر، لفترة أولية تمتد 30 يومًا اعتبارًا من تاريخ تبني القرار، بعثة للبدء بعمل مراقبة بقيادة الجنرال الهولندي المتقاعد باتريك كامارت.
ويدعو القرار أيضًا الأمين العام إلى أن يرفع لمجلس الأمن اقتراحات في أسرع وقت بحلول 31 كانون الاول حول كيفية دعم الأمم المتحدة في شكل كامل لاتفاق ستوكهولم بناء على مطالبة الطرفين.
وتحدث دبلوماسيون عن إمكان نشر ثلاثين إلى أربعين مراقبًا في الحديدة وأنحائها، بشرط أن يكونوا مدنيين يمتعون بخبرة عسكرية، لضمان وقف العمليات القتالية وتأمين اإصال المساعدة الأنسانية.
ويقود البعثة الأممية الجنرال الهولندي المتقاعد باتريك كامارت، الذي أعلنت الأمم المتحدة أنه سيصل الجمعة إلى عمان قبل أن يتوجه إلى صنعاء والحديدة في موعد لم تحدده.
وسبق لكامارت أن تولى مهمات في العالم لحساب الأمم المتحدة، إذ قاد بين 2000 و2002 بعثة المنظمة الأممية في أثيوبيا وأريتريا، كما تولى رئاسة بعثة المنظمة في جمهورية الكونغو الديموقراطية عام 2005، وسبقها تولي مهمات في كمبوديا والبوسنة والهرسك.
وعُدل نص القرار مرارًا هذا الأسبوع قبل اعتماده، بناء على طلب الولايات المتحدة وروسيا والكويت، مما أدى إلى تأخر نتائج محادثات المجلس.
وأُضيفت بطلب من الولايات المتحدة، عبارة تتهم إيران خصوصًا بدعم هجمات الحوثيين، لكن روسيا تدخلت متوعدة باستخدام الفيتو إذا لم تشطب هذه العبارة، إلى أن قضت تسوية باستبدال كلمة “إيران” بإدانة للدعم الذي يتلقاه الحوثيون “مهما كان مصدره”.
ولكن في نص القرار الأخير الذي صدر أمس، تم شطب الفقرة بكاملها، إضافة الى فقرتين أخريين، تتصل الأولى بجوانب الوضع الإنساني في البلاد، بينما تتعلق الثانية بتحميل أطراف مسؤولية ما ارتكب من فظائع وتدمير في اليمن، واستهدفت خصوصًا القوات الحكومية والتحالف العربي بقيادة السعودية.
ويُعد القرار هو الأول الذي يُصدره مجلس الأمن منذ عام 2015 تاريخ انضمام التحالف العسكري الذي تقوده السعودية إلى الحرب.
و كانت المشاورات اليمنية انطلقت، في السادس من كانون الأول الحالي، لتشكل فرصة لإعادة السلام، بعد تأزم الأوضاع في البلد الأفقر في شبه الجزيرة العربية، والذي يعاني من أزمة إنسانية تعتبر الأسوأ في العالم، بحسب الأمم المتحدة.
وتشن القوات الحكومية اليمنية حربًا بدعم من السعودية والإمارات التي شكلت تحالفًا يدعمه الغرب على الميليشيات “الانقلابية” بقيادة عبد الملك الحوثي، لإعادة حكومة عبد ربه منصور هادي.
لكنها تتهم من منظمات حقوقية محلية ودولية بارتكاب جرائم حرب في الحرب التي حصدت أرواح الآلاف.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، وصف الشهر الماضي الوضع الإنساني في اليمن بأنه “كارثي تمامًا”، داعيًا لوقف القتال، وضبط النفس، من أجل تجنب أسوأ كارثة إنسانية قد تحدث.
كما ناشد برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة الأطراف المتصارعة في اليمن، لفتح سبل الوصول إلى مرفق تخزين رئيسي في ميناء الحديدة، الذي يخضع لسيطرة التحالف العربي.
وبحسب برنامج الأغذية العالمي، فإن المخزون البالغ أكثر من 51 ألف طن من القمح، يكفي لإطعام أكثر من 3.7 مليون شخص في شمال ووسط اليمن لمدة شهر واحد.
فيما حذرت منظمة “أنقذوا الأطفال” (سيف تشلدرن)، من أن أكثر من خمسة ملايين طفل يعانون خطر المجاعة في اليمن، وأن “جيلًا كاملًا من الأطفال” يواجهون خطر القتل، بسبب النزاع القائم في البلاد.