إبان الحملة العسكرية على الغوطة الشرقية، في 18 من شباط الماضي، تصدرت شبكة “دمشق الآن” ومديرها وسام الطير، الساحة الإعلامية والدعائية من جانب النظام السوري في الإعداد النفسي للمعركة، بالإضافة للتنسيق والتوفيق بين الراغبين بالتسوية من طرف المعارضة مع قوات الأسد وروسيا.
وسام الطير الذي اعتقلته أجهزة الأمن، في 15 من كانون الأول، لسبب غير واضح، لعب دورًا محوريًا في عمليات النظام السوري العسكرية لا سيما في محيط دمشق، وكان له دور كبير في الحملة على شرق العاصمة دمشق، من خلال التنسيق لمسيرات مع متعاونين معه في المنطقة وتغطيتها إعلاميًا، في مناطق سقبا وحمورية وكفربطنا، بعد ما عانت تلك المناطق من القصف، لتخرج بوفدين واحد من سقبا والآخر من حمورية لتفاوض على تسليم المنطقة.
وفي واحد من منشوراته الأخيرة، عبر صفحته على “فيس بوك”، تحدث عن مشهدٍ أحدث جدل كبير في الساحة السورية ومواقع التواصل الاجتماعي، بعد أن نقلت قوات الأسد مجموعة من الشباب مقيدين بالسلاسل ليتم سحبهم إلى الخدمة الإلزامية أو الاحتياطية.
انتقد الطير المشهد وقال إنه شاهد الصورة و”حزن” لأن “هؤلاء الشبان هم فقراء مثلنا بسطاء مثلنا، هذا المشهد ليس من الجيد أن يكون في بلادنا”، قبل أن يعود لامتداح المؤسسة العسكرية التي وصفها بـ”المقدسة”، مضيفًا أن “هذه الصورة لا تمثل المؤسسة… ومن يحاول التصويب بهذا الاتجاه يكون جاحدًا ومسيئًا وظالمًا لأنه يرى من زاوية واحدة فقط ويبحث عن نقطة سوداء ضمن صفحة بيضاء”.
هذا التصريح لم يشفع لوسام الطير، في حال كان ما تم تداوله ناشطون موالون للنظام السوري عن سبب اعتقاله صحيحًا، وهو آخر استطلاع قام به حول الأوضاع في دمشق وندرة المحروقات وأزمة الغاز، وتهديده بالعمل على ملفات فساد في الحكومة التي تدعي أساسًا محاربة الفساد.
وسام الطير من سكان منطقة قدسيا جنوبي العاصمة دمشق وتعود أصوله إلى الجولان المحتل، حمل الشهادة الثانوية في عام 2010 قبل أن يلتحق بالخدمة العسكرية في صفوف الحرس الجمهوري لمدة سبع سنوات، ويتم تسريحه في مطلع عام 2018 الحالي.
وبالعودة إلى المعارك في محيط دمشق، كان مدير مكتب “دمشق الآن”، من السباقين إلى الخوض في غمار الحملة الإعلامية التي تعلن عنها وسائل إعلام النظام السوري كافة، ولكن كان له أسلوبه الخاص من ناحيتي التواصل، واللعب على العامل النفسي.
تواصل وسام الطير مع معظم الناشطين الإعلاميين اللذين كانوا في مناطق سيطرة المعارضة، وحاول التقرب منهم على مواقع التواصل الاجتماعي، وتعدى ذلك إلى وعدهم بـ”الأمن والأمان” في حال رغبوا بترك مناطقهم والتوجه إلى مناطق سيطرة النظام السوري واتمام إجراءات المصالحة.
ووفق ما ذكر مصدر مقرب من مراسل قناة “الأورينت” السابق في الغوطة الشرقية، هادي المنجد، لعنب بلدي، فإن الطير هو من سهل خروج الصحفي إلى دمشق واقناعة بالمصالحة مع قوات الأسد، كون المنجد والطير كانا صديقين على مواقع التواصل الاجتماعي.
ولكن مع كل الخدمات التي كان الطير يقدمها للنظام السوري، وعلى الرغم من كل الجوائز التي حملها وكرم بها سواء من زوجة رئيس النظام السوري بشار الأسد، والتي كان مقربًا منها، فإن السبب الرئيسي لاختفاء مدير واحدة من أكبر الشبكات المحلية ما زال غير واضح، في الوقت ذاته تعمل حكومة النظام على تقييد عدد من الشبكات المحلية والمراسلين المحليين اللذين ذاع سيطهم خلال السنوات الماضية، لا سيما صفحة “يوميات قذيفة هاون” التي كانت مصدرًا رئيسيًا للأخبار المحلية والتي انتقلت من الأخبار المحلية إلى الدعاية والإعلان، وكذلك الحال بالنسبة للصحفي شادي حلوة.
وبعد اعتقال الطير بيومين توقفت “دمشق الآن” التي يتابعها أكثر من مليون ونصف مليون شخص عبر “فيس بوك”، والمؤسسة منذ نهاية عام 2012 عن النشر.
وتعتبر هذه المرة الثانية التي تتوقف فيها الشبكة، إذ أعلن الطير، في آذار الماضي، اعتزاله العمل الإعلامي وإغلاق صفحته.
وتشير آخر المعلومات الواردة عن قضية الشبكة إلى مداهمة حدثت، الخميس 20 من كانون الثاني، لمكتب “دمشق الآن” في حي الشعلان وسط دمشق، ومصادرة وحدة أمنية لمعدات المكتب، وفق ما ذكرت شبكة “مراسل سوري” المحلية.