أقرت وزارة الخارجية الأمريكية بصفقة صواريخ “باتريوت” لتركيا بقيمة 3.5 مليار دولار، في خطوة تترجم بمناورة لإجبار تركيا على وقف شراء منظومة “S400” الروسية.
وقالت الخارجية في بيان نشرته وسائل إعلام أمريكية اليوم، الأربعاء 19 من كانون الأول، إنها أخطرت الكونغرس بموافقتها على صفقة محتملة لبيع أنظمة “باتريوت” للدفاع الجوي والصاروخي إلى تركيا بقيمة 3.5 مليار دولار.
وأوضحت وكالة التعاون الأمني والدفاعي أن وزارة الخارجية وافقت على بيع 80 صاروخ باتريوت موجهًا و60 صاروخًا آخر لأنقرة ومعدات أخرى ذات صلة بينها أجهزة رادار ومراكز تحكم ومحطات إطلاق.
مناورة أمريكية
وتعتبر الصفقة الأكبر من نوعها بين أمريكا وتركيا، ويتزامن الإعلان عنها مع توتر تعيشه الحدود الجنوبية لسوريا، بعد استقدام تعزيزات عسكرية من قبل الجيش التركي لبدء عملية عسكرية ضد القوات الكردية التي تدعمها أمريكا.
ولا يمكن فصلها عن صفقة “S400” التي تنوي تركيا شراءها، والتي تم توقيع عقد شرائها العام الماضي.
وتعتبر تركيا عضوًا في حلف الأطلسي الذي انضمت له عام 1952.
وشهدت الأشهر الأولى من العام الحالي توترًا في علاقاتها داخله، على خلفية عدة تطورات، بينها تصوير قادة تركيا كأعداء في تدريبات عسكرية مشتركة، فضلًا عن أنها أول دولة في الحلف تشتري منظومة صواريخ روسية للدفاع الجوي.
وتطرح السياسة التركية المتوازنة مع أمريكا وروسيا، خاصة بصفقات السلاح، عدة تساؤلات عن الأهداف التي تريدها من ذلك، والاستراتيجية التي تعتمد عليها في هذه العلاقة، والتي تكاد أن تنسحب على مشاريعها وخططها الدولية الإقليمية.
وكان مسؤولون في الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي حذروا أنقرة من أن النظام الروسي لا يمكن دمجه في أنظمة الدفاع الجوي والصاروخي لحلف شمال الأطلسي.
وكانت تركيا أعلنت، في حزيران الماضي، تسلم الدفعة الأولى من مقاتلات “F-35” أمريكية الصنع، رغم تصويت مجلس الشيوخ الأمريكي على حظر تنفيذ الصفقة.
ما أسباب التخوف؟
وقالت وكالة “بلومبيرغ” الأمريكية في تقرير لها ترجمته عنب بلدي، اليوم، إن المسؤولين الأمريكيين يشعرون بالقلق من أن تكنولوجيا “F-35” الحساسة يمكن أن تتعرض للضرر من منظومة “S400” أو تستخدم في تحسين نظام الدفاع الجوي الروسي إذا استولت تركيا على كلا النظامين (باتريوت، S400).
وكان وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو قال في تصريحات سابقة إن بلاده أرادت شراء صواريخ “باتريوت” لكنها لم تكن قادرة على الحصول على التزام من واشنطن.
وأضاف أنه لم يعد هناك أي عودة عن صفقة “S 400” مع موسكو، لكنه ترك الباب مفتوحًا لشراء أجهزة أمريكية في المستقبل.
وبحسب الوكالة رفض البيت الأبيض التعليق على اقتراح الخارجية الأمريكية.
ولم تعط تركيا أي مؤشر حتى الآن على استعدادها للتخلي عن “S 400”.
ولا تسعى الحكومة التركية أبدًا لخسارة تحالفها التاريخي والاستراتيجي مع الولايات المتحدة في حلف “الناتو”، ومن جانب آخر تتمسك بقوة بتحالفها التكتيكي مع روسيا.
وفي حديث مع الصحفي والمحلل السياسي التركي، إسماعيل كايا، قال إن أنقرة نجحت إلى حد ما في خلق توازن معين مستغلة رغبة الجانبين الأمريكي والروسي في عدم خسارة دولة محورية تتمتع بقوة سياسية واقتصادية وموقع جغرافي محوري في المنطقة.
ورأى كايا أن أنقرة أمام تحد كبير، وتسعى لفرض نفسها كحليف استراتيجي تخشى القوى الكبرى خسارته، بعد أن كانت حليفًا ضعيفًا يخشى التخلي عنه، وهذه معادلة كبيرة وتحول جوهري والنجاح به يحتاج لفترة طويلة من العمل الدقيق ستكشفه السنوات المقبلة.
–