سيرين عبد النور – دير الزور
رغم النكسات التي يتعرض لها تنظيم «الدولة الإسلامية» إلا أنه ما زال يحكم قبضته على المناطق التي يسيطر عليها محاولًا ترسيخ حكمه وإخضاع الأهالي لقراراته، كما في دير الزور، حيث بات جسر السياسية حلمًا للأهالي، وبات الخارجون من المدينة أضعاف الداخلين إليها.
لم يكن من السهل الحصول على منزل في الأحياء المحررة من دير الزور رغم نزوح أكثر من 90 بالمئة من السكان وخلو معظم المنازل، حيث شكلت ’’الهيئة الشرعية’’ السابقة، التي حلّت عقب دخول التنظيم إلى المدينة، لجانًا في كل حي بهدف الحفاظ على البيوت وممتلكاتها من السرقة والسطو.
وكان الحصول على أي بيت للسكن بعد نزوح أصحابه يستدعي الحصول على إذن من صاحب المنزل أو الوكيل عنه إضافة إلى موافقة الهيئة.
يقول أبو محمد، أحد ساكني حي الحميدية، لعنب بلدي «كانت البيوت تجرد بحضور عدد من الشهود حيث تقيّد محتويات المنزل قبل أن يسلّم للعائلة التي ترغب في شغله، بعد أخذ موافقة صاحب المنزل».
واقعٌ تغير بشكل جذري مع دخول «الدولة» التي باتت تضع يدها على الممتلكات بذريعة «الولاية العامة على جميع ممتلكات الشعب والدولة» التي يقصد بها إمكانية «التصرف بأموال المسلمين» بحسب ولاية التنظيم وسلطانه عليها.
ويوضح أبو محمد لعنب بلدي أن التنظيم سيطر على عشرات البيوت في المدينة بدعوى «حاجة المجاهدين لها تارة، وبذريعة انتماء أصحاب هذه الأملاك للنظام تارة أخرى، أو بدعوى عملهم في مؤسسات النظام أو سكنهم في المناطق الخاضعة لسيطرته»، ويعمل التنظيم على توزيع هذه الأملاك على عناصره، معتبرًا إياها غنائم أو مصادرات.
وقد سلم التنظيم عددًا من البيوت للمهاجرين الذين تتنوع جنسياتهم وتأتي في مقدمتها عربيًا التونسية والعراقية والليبية، بينما يحتل «الأدالبة» المركز الأول بين المقاتلين السوريين القادمين إلى ’’ولاية الخير’’، وهذا ما يؤكده قاسم أحد ناشطي دير الزور بالقول «يشجع التنظيم عناصره على الاستقرار والزواج محاولًا دمجهم بالمجتمع المحلي».
ويضيف قاسم مشيرًا إلى قائمة طويلة من تصرفات «الدواعش»، كما يصفهم، «بات المهاجرون يسطون بلا أي رادع على أملاك الديريين وبيوتهم»، الأمر الذي يوافقه عليه بعض الأهالي الذين ينتقدون انتهاكات العناصر التي التي تتمتع «بغطاء شرعي من الحسبة والقصر، مستخدمين سطوة التنظيم ومستغلين خوف الأهالي”.
ووثق الناشطون في دير الزور وريفها استيلاء التنظيم على أملاك المئات من الموطنين الغائبين ومنها البيوت والأراضي والسيارات وحتى الحيوانات، أمام مرأى جيرانهم.
يقول توفيق، أحد سكان الريف الغربي لمدينة دير الزور، لعنب بلدي ’’استولى التنظيم على العشرات من المزارع والبيوت والأراضي ومنها أملاك الشيخ عمار السراج وأراضي لبيت كنامة وغيرها الكثير»؛ مشيرًا بيده إلى بعض الممتلكات التي طرد منها أصحابها ليستقر فيها عناصر التنظيم؛ وواصفًا المشهد بالقول «طردت الحياة من دير الزور وبقي الظلم والخوف».