جمال ابراهيم – درعا
تعاني المنطقة الجنوبية من صعوبة إيجاد حل للتعامل مع الملف الطبي للجرحى، وخاصة مبتوري الأطراف، بسبب العقبات التي يواجهونها في الحصول على إذن بالدخول إلى الأردن لتلقي العلاج، وصعوبة الوصول إلى إحدى المنظمات الطبية الداعمة لتحمّل جزء من التكاليف، في ظل معاناة المشافي الميدانية في درعا، التي تتمثل بنقص حاد في الأطباء وخاصة أطباء الأوعية والعصبية.
وتفرض المشافي الأردنية قوانين صارمة على الجرحى السوريين لتلقي العلاج فيها، إن سمحت لهم السلطات الأردنية بدخول أراضيها، إذ تمتنع عن استقبال أي جريح دون دفع مبلغ 5000 دينار أردني على شكل تأمين، وهو مبلغ لا يستطيع معظم الجرحى دفعه، بحسب المصاب أحمد علي حمد، أحد مقاتلي جماعة أنصار الهدى.
أحمد، وهو جندي منشق عن جيش النظام في الحسكة من مواليد 1986، أصيب بعد عودته إلى درعا أثناء اقتحام حاجز البنايات في 27 آب 2013 بعد سقوط قذيفة بالقرب منه أدت إلى بتر ساقه من فوق الركبة
بـ 20 سم. يقول أحمد في لقائه مع عنب بلدي «نقلت إلى الأردن نتيجة عدم توفر العلاج في المشافي الميدانية في درعا، هناك تلقيت العلاج الإسعافي، إلا أن كافة محاولاتي للوصول إلى جهة أو منظمة إنسانية لتركيب طرف اصطناعي باءت بالفشل، فأنا بحاجة لطرف من نوع 3R60 لأتمكن من السير من جديد وكلفته تتجاوز 5000 دينار أردني».
أحمد ليس الوحيد، فعدد الجرحى السوريين يزداد كل يوم مع تصاعد وتيرة المعارك في درعا واستمرار قصف النظام للمنطقة بأسلحة لها تأثير تدميري كبير، إضافة إلى قصف الطيران الحربي والمروحي، حيث قدرت طاقة المشافي الميدانية في درعا بالاستيعاب بـ 300 إلى 500 جريح شهريًا.
أبو شادي، وهو مقاتل من منطقة القدم في جنوب العاصمة دمشق، أصيب أثناء تصديه لاقتحام حي القدم في ساقه مما اضطره إلى بترها العام الماضي، وبسبب نقص العلاج أجبر على المجازفة بحياته والهرب إلى درعا رغم صعوبة الطريق ووجود كمائن لقوات النظام. حاول أبو شادي العبور إلى الأردن لتلقي العلاج، إلا أن السلطات الأردنية رفضت إدخاله، فاضطر لتلقي العلاج في إحدى المشافي الميدانية في درعا وتركيب طرف اصطناعي.
من جهته ذكر الدكتور محمد أبو سلام لعنب بلدي أن معظم المشافي الميدانية في درعا لا تقوم بتركيب الأطراف الاصطناعية بسبب التكاليف العالية وعدم توفر جهات حتى اليوم تتبنى ملف مبتوري الأطراف، وأضاف «هناك مشفى وحيد وهو مشفى الشجرة مخدم جزئيًا فيما يتعلق بزراعة الأطراف، إلا أن التكاليف المرتفعة لتركيب الأطراف تجعل الأمر مستحيلًا على معظم الجرحى ضمن ظروف الحرب في سوريا إذ يبلغ سعر الطرف البلاستيكي ما يقارب ألف دولار أمريكي».
والجدير بالذكر، وبحسب إحصائية نشرها موقع الجزيرة أونلاين، أن عدد مبتوري الأطراف في سوريا تجاوز 20 ألفًا، معظمهم من الأطفال والشباب. وتسهم عدة جمعيات خيرية سورية ودولية في مساعدة عدد منهم للحصول على أطراف اصطناعية، إلا أنها لا تغطي العدد الكبير والمتزايد لمن يفقدون أطرافهم بشكل يومي بسبب القصف والاشتباكات الدائرة، إذ يقبع آلاف من مبتوري الأطراف بانتظار جهة تدعمهم في مشوارهم المكلف جدًا للحصول على طرف بديل وخاصة المصابين الموجودين داخل سوريا.