بعد العبودية .. عنب بلدي تكشف «مزاجية» الأمن اللبناني في نقطة المصنع الحدودية

  • 2015/02/01
  • 2:16 م

حنين النقري – عنب بلدي

زرنا في تقريرنا الماضي نقطة العبودية-الدبوسية على الحدود السورية اللبنانية، في محاولة من عنب بلدي لاستجلاء الصورة كما هي على أرض الواقع؛ ولاستكمال ما بدأه فريقنا قصدنا نقطة المصنع-جديدة يابوس لنستكشف وضع المسافرين عبرها، منطلقين صبيحة الثلاثاء 27 كانون الثاني نحو هدفنا في جوّ من الحذر.

وعلى الرغم من «ازدحام» المعبر مقارنة بالدبوسية، إلا أن عدد قاصديه لم يتجاوز ألف مسافر تقريبًا، وهو ما يعتبر رقمًا متواضعًا بالنظر إلى الفترات السابقة، وحركة المرور بطيئة ورتيبة حدّ الشلل.

«هنا لا أستطيع التدخل بشيء ولا يمكنني توقع ما سيفعله الأمن اللبناني… انتهى دوري»، هكذا أخبرنا المرافق فور وصولنا إلى الجانب اللبناني من الحدود، ليهيّئنا بذلك لرحلة غير متوقعة.

كحال جميع المسافرين وقفنا على طابور طويل يزداد ولا يتقدم، يتحكم بنا مزاج الضباط والحرس على باب اللواء الذي سيقرر مصير كلّ مسافر، «يا بنتي إنهم يلعبون بنا، كل ضابط يصرخ ويعطينا أوامر مختلفة عن الآخر» أسرّت لنا الحاجة وزّة خوف أن يسمعها أحد، مردفةً «أنا هنا من السادسة صباحًا.. صارت الساعة 9 مساءً وما تحرك الطابور إلا لمعارف العساكر».

الحاجة وزّة تقصد لبنان بغرض العلاج، ووفقًا لحالتها يفترض أن يسهّل الجانب اللبناني مرورها باعتبارها إحدى الحالات الثلاث التي أعلن الضابط أن مرورها قانوني ومؤكد، فتبعًا للقانون الجديد (الذي ألغي نظريًا) يقسم السوريون إلى فئات عدة: أولها القاصدون بغرض السياحة ويتم ذلك عن طريق حجز فندقي مدفوع الأجر سلفًا لدى أحد الفنادق اللبنانية، بالإضافة إلى حيازة مبلغ 1000 دولار على الأقل للشخص الواحد، قد يستفسر الضابط عنها أو عن مصدرها.

أما الفئة الثانية فتشمل المدعوين من قبل إحدى السفارات في لبنان للمقابلة خلال 24 ساعة من توقيت الوصول للحدود، وفي حال كانت المقابلة مع السفارة خلال يومين مثلًا، فيتوجب هنا الدخول بموجب حجز فندقي.

وتتيح الفئة الثالثة الحصول على موافقة ضباط الحدود حين يملك المسافر تقريرًا طبيًا من طبيب لبناني موجود في لبنان بحالة صحية تحتاج لعلاج.

ويشترط في جميع الحالات حيازة جواز سفر صالح، وعدم المخالفة في بنود القانون، كحالة الآنسة دينا التي رفض الضابط ختم جوازها لأن حجزها الفندقي «وهمي»، وتخبرنا «كنت ضحية للنصب ودفعت 150 دولارًا لقاء حجز فندقي أكّد لي المكتب صلاحيته… كان يتوجب علي الاتصال بالفندق للتأكد».

وليست دينا الحالة الوحيدة التي رفض مرورها عبر الحدود نتيجة لخلل ما في حالتها القانونية ظاهريًا، إذ واجهت الحاجة وزّة نفس المصير بعد ساعات الانتظار والتعب والبرد القارص لأن تقريرها الطبي موقع من جهة سورية «يا حجة: لا يمكن أن تدخلي بهذا التقرير أحضري لي آخر من طبيب لبناني مقيمٍ في لبنان» بهذه الكلمات أخرجها الجندي من الطابور ليبحث في حالات أخرى.

حكاية الحاجة أم سعيد تختلف بالتفاصيل لكنها تروي ذات الألم «مسافرةٌ إلى ابنتي المقيمة في اسطنبول ومعي تذكرة طيارة لكن الضابط رفض ختم الجواز»، وعند سؤالنا الضابط عن طريقة دخول حالة مشابهة أجاب «يجب أن تحمل موافقة مسبقة من الأمن العام أو تأشيرة على الجواز من الجهة المقصودة، أو بوجود حجز فندقي وهنا ليست بحاجة إلى تذكرة طيران».

ورغم أنها تضع الكثير من العوائق في طريق السوريين لدخول لبنان، إلا أن القواعد آنفة الذكر تقلل من احتمالية «مزاجية الضباط» في دراسة كل حالة ورفضها ما دامت قانونية 100بالمئة، لكن هذه المزاجية تبقى موجودة بوضوح في عدد الواصلين إلى الضابط المفوض بختم الجوازات نتيجة عبثية العساكر المسؤولين عن تنظيم طابور المسافرين واستهزائهم بهم بشتى الطرق، ليتمكن اليأس من قلوب الكثيرين الذين يقررون مغادرة دورهم وعلى آذانهم تتردد عبارة جندي لبناني «أنا أختار الذي يعجبني… أنت عد إلى الوراء».

مقالات متعلقة

مجتمع

المزيد من مجتمع