إدلب – يوسف غريبي
تعصف حالة من الفلتان الأمني في محافظة إدلب شمالي سوريا، وسط حالات خطف واغتيال طالت عددًا من رموز العمل السلمي في الثورة السورية، ما زاد مخاوف ناشطين يعملون في المجال الإعلامي والإنساني، واضطرهم لاتخاذ إجراءات احترازية لحماية أنفسهم.
لا يكاد يخلو أسبوع دون وقوع حادثة خطف في إدلب وريفها تستهدف أحد الناشطين من قبل ملثمين مجهولين، كما تكررت حالات الاغتيال لناشطين بارزين، آخرها كان في 23 من الشهر الماضي، عندما اغتيل رائد الفارس وحمود جنيد، بإطلاق النار عليهما من قبل ملثمين كانوا يستقلون سيارة “فان” وسط مدينة كفرنبل بريف إدلب.
وردًا على تساؤلات كثيرة حول أسباب تركيز الخطف والاغتيال على الناشطين، قال الناشط الإعلامي عبيدة أبو البراء، إن نشاط الإعلاميين في إدلب “لا يقتصر فقط على توثيق الحراك السلمي وجرائم النظام بحق الشعب السوري، وإنما لهم تأثير على الرأي العام للناس، وتوجيه المجتمع وكشف الملفات المجهولة”.
واعتبر “أبو البراء” أن استهداف الناشطين يهدف إلى إخماد صوت الثورة، مشيرًا إلى أنهم محاربون منذ بداية الثورة من قبل قوات النظام، وحاليًا من قبل فصائل المعارضة المسيطرة على الشمال السوري.
بينما أرجع الناشط في المجال الإنساني قصي الخطيب، السبب في استهداف الناشطين إلى أنهم “أسهموا في إفشال مشروع فصائل متطرفة مثل تنظيم الدولة”، معتبرًا أن الناشطين لهم دور مهم وأساسي في سوريا إضافة إلى تأثيرهم على المجتمع وعلى الرأي العام في المنطقة.
وكان فريق “منسقي الاستجابة” في الشمال السوري حذر من توقف عمل المنظمات الإنسانية في محافظة إدلب، على خلفية حوادث الخطف التي تطال العاملين في المجال الإغاثي.
وفي تقرير نشره الفريق، في 21 من تشرين الثاني الماضي، قال إن العديد من الجهات الموجودة في الشمال تستمر بممارسة الضغوط على العاملين في المجال الإغاثي والإنساني، وكان آخرهم المسؤول في منظمة “بنفسج”، عبد الرزاق عوض، الذي اعتقلته “حكومة الإنقاذ” وأفرج عنه فيما بعد.
تأثير سلبي على حياة الناشطين
حوادث الخطف والاغتيالات الأخيرة أثرت سلبًا على حياة الناشطين في إدلب، بحسب عبيدة، الذي أجبر على إلغاء الكثير من الجولات في المنطقة بسبب الوضع الأمني المتردي، محملًا النظام السوري المسؤولية لأن إدلب وريفها هي المنطقة الوحيدة خارج سيطرته ومن مصلحته نشر الرعب في المنطقة.
في حين اعتبر الناشط الإعلامي خالد إدلبي، أن الوضع الأمني المتردي لم يؤثر على الناشطين فقط، بل على جميع فئات المجتمع في الشمال “ناشطين وتجار وعناصر الفصائل العسكرية”، واصفًا الحالة بالقول، “من الصعب أن تخرج من منزلك، ولا تعلم إن كنت ستعود أم لا”.
وحول الجهة التي تقف وراء الاغتيالات، أوضح إدلبي أن هناك حلقة مفقودة دائمًا حول المسؤول عن هذه الاغتيالات، مشيرًا إلى أن هنالك وجهات نظر كثيرة، فبعض العسكريين والناطقين باسم الفصائل يقولون إنها خلايا تابعة لتنظيم “الدولة الإسلامية”، وآخرون يرجعون الحالة إلى وجود لصوص وقطاع طرق، في حين تسجل دائمًا ضد مجهول.
تقديرات نسبية
الوضع القائم دفع كثير من الناشطين إلى اتخاذ إجراءات أمنية، لا تحمي بشكل كامل وإنما نسبيًا، كأن تكون المواعيد سرية وغير مرتبة بشكل دوري، وعدم التجول في المناطق العامة كثيرًا، وعدم الظهور بشكل مستمر، بحسب خطيب، الذي قال، “كناشطين إعلاميين جمدنا عملنا بمناطق مختلفة، حسب شعور كل ناشط بمستوى أمان المنطقة، وهو مؤشر نسبي طبعًا”.
أما عبيدة فتحدث عن تقليل ظهور الناشطين في أماكن عامة، وعدم الخروج لمناطق بعيدة ليلًا، وإن كان الناشط خارج منزله ليلًا فيجب عليه المبيت في مكان وجوده، إضافة إلى تجنب المناطق التي تنتشر فيها حوادث الاغتيال.
وكانت عنب بلدي سلطت الضوء على ظاهرة اللثام التي انتشرت في المنطقة بشكل واسع خلال الأشهر الماضية، إذ كان الأشخاص الملثمون وراء حالات الاغتيال التي عصفت بالمنطقة.