تعا تفرج
ماكرون خَبّر دولتك
خطيب بدلة
ثمة إجماع شعبي على أننا نحن السوريين قومٌ مناحيس، وأن نَحْسَنا أصلي (وكالة)، لا يكشّ، ولا تتحلل صبغتُه في أثناء الغسيل، وهو ليس طارئًا؛ بل ينطبق عليه المثل القائل: طولْ عمركْ يا زبيبة في طيزكْ عودْ! أو كما قال زَجَّالُنا المنحوس الشهير:
نحسي مرافق حياتي للأبد يحيون
تاجرت بالأكفانْ، بَطَّلْ حدا يموتْ
واللي كانوا مْوَاتْ بَلَّشُوا يحيون!
ولكن، وللحقيقة والتاريخ، فإن نسبة النحس عندنا تنخفض في بعض الأحيان، وتستمر بالانخفاض حتى نصبحَ أناسًا محظوظين، تغردُ بلابلُ الأفراح في ديارنا العامرة، ونمسك التراب بأيدينا فيتحول إلى ذهب؛ فنستطيع حينئذ، ونحن شعب دولة صغيرة، أن نكون أندادًا لدولة عظمى، مثل فرنسا، ويقول قائلُنا: يا أخي صحيح فرنسا احتلتنا، وتقاسمت بلادنا مع بريطانيا الشمطاء، إلا أننا، في أيام صعودنا، تَشَاوَفْنا عليها، وما عدنا نراها بالعين المجردة، وصرنا ننزل إلى الشوارع والأزقة ونهتف:
بعثية نزلوا عَ الشارعْ- الله أكبر عَ اللي يمانعْ- هيّ لنا هيّ لنا- ضرب السيف طاع لنا- ديجول خَبِّرْ دولتكْ- باريس مربط خيلنا..
واليوم، وبعد أن وقفت فرنسا بكامل جبروتها ضد قيادتنا الحكيمة، وطالبت شركاءها الأمريكيين والبريطانيين بالعمل على إزاحة ابن حافظ الأسد بالقوة العسكرية، بَرَمَ دولاب الحظ، واتفقت القوى الكبرى في العالم على إبقاء ابن حافظ رئيسًا على سوريا طالما بقي فيها حجر راكبًا على حجر، وأما الفرنسيون فقد حل عليهم النحس، إذ طلع لهم أصحابُ السترات الصفر بالألوف، وها هو رئيسهم “ماكرون” يلقي خطابًا موجزًا على الشعب الفرنسي لإرضائهم.
عند نقطة إلقاء الخطاب على الشعب الفرنسي، يبدأ ميزان المقارنة يميل لصالحنا، ومن مختلف الجهات، فماكرون ألقى خطابه منكسَ الرأس مثل مَن ارتكب جرمًا ذا طبيعة أخلاقية، عابسًا، قمطريرًا، بينما ذهب ابنُ حافظ الأسد ليخطب في مجلس الشعب (30 من آذار 2011) مرفوع الرأس، مبتهجًا، مشقرقًا، وفي حين زمق ماكرون ودخل إلى مكان الخطاب مثل النسناس، فإن نقيب الفنانين ومجموعة من أعضاء المجلس السوري استقبلوا ابنَ حافظ بالدبكة، والنخ، وحينما تمكن من تجاوزهم اتجه إلى مدخل مجلس الشعب فعَلِقْ عند الباب علقة البدوي بصلاة التراويح، فعضو يبوس رأسه، وثان يلحمس عليه غير مصدق أن هذا الكائن الفضائي متجسد أمامه على الأرض، وثالث يزيد عمره عن عمر حافظ الأسد الأب بسنوات يخاطب ابن حافظ بقوله: أيها الأبُ القائد! ورابع يحلف بشرفه أن قيادة دولة صغيرة مثل سوريا قليلة على هذا الإنسان العظيم.
قبل إلقاء الرئيس الفرنسي خطابه صرح رئيس الجمعية الفرنسية “فيران” بأن الهدف من تقديم الموعد هو تجنب صب الزيت على النار (انظر: عنب بلدي 7 من كانون الأول 2018)، وهذه نقطة ضعف أخرى لدى الرئيس الفرنسي، فابن حافظ، يوم خطب، صب عشرات البراميل من البنزين على النار، وبعد أن ضحك وتسهسك أعلنها صراحة: إذا فُرضت علينا المعركة فأهلًا وسهلًا..
ستبقى المقارنة لصالحنا حتى النهاية.. ففي المآل سيمشي ماكرون من الحكم، مع أنه منتخب، ويبقى ابن حافظ في الحكم، رغم أنه غير منتخب!
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :