تنويه:
نشرت صحيفة عنب بلدي هذه المقالة، التي قدمتها المتدربة “فائزة الكدرو”، كمادة تدريبية ضمن برنامج “مارس2” بتاريخ 16 كانون الأول 2018، وتبين لاحقًا أن قسمًا كبيرًا منها هو تفريغ لتحقيق مرئي أعده الصحفي “أيمن مكية” بعنوان “زوجة ثانية“، ونشر قبل ثلاثة أشهر من قبل شبكة أريج.
وتؤكد عنب بلدي أن غالبية اللقاءات المجراة في سياق هذه المادة مأخوذة من تقرير الزميل الصحفي، وليست من إعداد المتدربة، التي اعتذرت للمحرر عن قيامها بتفريغ المقابلة وتقديمها كمادة للنشر، عازية الأمر إلى قلة خبرتها.
فائزة الكدرو – برنامج مارِس التدريبي
على يد مأذون شرعي عُقد قران فاطمة (اسم مستعار) التي رحلت من بلادها هربًا من الحرب والحصار، لتواجه حربًا من نوع مختلف في تركيا.
“عمري 26 عامًا، أتيت من حلب إلى تركيا وعملت في مرسين (جنوبي تركيا) لفترة، بعد ذلك تعرفت على زوجي التركي وبقيت معه مدة سنتين ونصف تقريبًا”، تقول فاطمة (رفضت نشر اسمها الحقيقي لأسباب اجتماعية).
لكن زواج فاطمة، الذي جرى بشكل غير قانوني (عبر كتاب شيخ) انتهى بالطلاق إثر مشاكل عدة بين الطرفين، كان محورها رفض الزوج الالتزام بعلاقة زوجية ذات شكل طبيعي.
فاطمة ليست الوحيدة التي عانت من تبعات إجراء عقد قران غير قانوني في تركيا، حالها كحال الكثير من السوريات اللاتي يتزوجن من أتراك متزوجين بالأصل، وبالرغم من عدم وجود أرقام رسمية تحصي عدد هذه الحالات، أكدت اختصاصية اجتماعية ومحامون سوريون وأتراك لعنب بلدي انتشارها.
نهايات غير سعيدة
المستشارة الاجتماعية، نورا النحاس، ترى أن زواج سوريات من أتراك بـ “عقد شيخ” ظاهرة منتشرة في تركيا، وتضيف في لقاء مع عنب بلدي، أن السبب الرئيسي هو “استسهال الأمر، إذ تعيش السورية بوضع مختلف، فإمّا أن تكون مطلقة أو أرملة أو لاجئة فتقبل دون شروط مادية كثيرة، مقابل الزوجة التركية التي لا تقبل بالتنازل عن شيء أبدًا”.
وتضيف، “هنا يشعر الزوج التركي أن الأمور مبسطة، حتى وإن حصل طلاق سيكون بأقل الخسائر”.
لكن فاطمة رفضت التنازل عن حقها في الإنجاب تحت ضغط الزوج، حسبما أكدته لعنب بلدي، مؤكدة أن زوجها التركي كان رافضًا لفكرة إنجاب أطفال منها بعد مرور عام على زواجهما، حتى انتهى الأمر بالطلاق.
وتصنف المستشارة الاجتماعية، نورا النحاس، غالبية حالات زواج الأتراك بسوريات على أنها “فاشلة”، بسبب اختلاف البيئة والعادات والتقاليد، وأيضًا التوجه الفكري واللغة التي تُعتبر العائق الأكبر بين الطرفين.
وأوضحت أن هناك سببًا في اختلاف الشخصيات، فالمرأة السورية تعتبر أن رعاية زوجها وأولادها أولوية في حياتها، ما يجعلها زوجة مرغوبة للأتراك، وأيضًا تتقبل بفكرة إمساك الزوج بزمام الأسرة بينما ترفض التركية ذلك حفاظًا على شخصيتها.
وتشكّل حالات زواج الأتراك من سوريات نحو 11.7% من مجمل حالات الزواج في تركيا، وفق إحصائية عام 2016، ما يجعل المرأة السورية تتصدّر النساء الأجنبيات المرغوب بهن للزواج في تركيا، وفق إحصائية صادرة عن مؤسسة الإحصاء التركية، العام الماضي.
تحت ضغط الحالة الاقتصادية
هبة لاجئة سورية مقيمة في تركيا، تزوجت من رجل تركي متزوج، ودون عقد قانوني، وعن هذا الزواج تحدثت لعنب بلدي، “كنت في إدلب ثم انتقلت إلى مدينة كلس (جنوبي تركيا) مع عائلتي، بعد ذلك تعرفنا على زوجي من خلال قريبة لنا قالت عن العريس إنه ذو خلقٍ ودين وصاحب أموال، وعلى هذا الأساس تمّت الموافقة”.
الإغراء بالمال وتأمين الحياة الكريمة كانا الدافع الأساسي والمبرر الكافي لزواج هبة (اسم مستعار اختارته صاحبة القصة لاعتبارات اجتماعية)، خارج إطار القانون التركي الذي يمنع تعدد الزوجات.
وتقول هبة (22 عامًا) لعنب بلدي، إن زوجها لم يكن يأتي إلى منزلها سوى ساعة أو ساعتين يوميًا، وذلك ما أنهى العلاقة بينهما، وتضيف، “تم الطلاق في الشهر الخامس من حملي، وبمساعدة من معارف زوجي استطعت أن أضع مولودتي في أحد المشافي”.
المستشار القانوني التركي من أصلٍ فلسطيني، أنس زين الدين، اعتبر في لقاء مع عنب بلدي أن العامل المادي يلعب دورًا كبيرًا في إتمام الزواج بين سوريات وأتراك عبر “كتاب الشيخ”، لافتًا إلى “انخفاض تكاليف الزواج من المرأة السورية مقارنةً بالمرأة التركية، نتيجة الوضع المادي الصعب الذي تعاني منه أغلب العائلات السورية، إضافةً الى شعور المرأة السورية بأن زواجها من تركي سيوفر لها الحماية والاستقرار”.
وأضاف المستشار أن “هذه الظاهرة سببت مشكلات اجتماعية عميقة، منها لجوء الزوجات التركيات إلى الطلاق من رجالهن الذين يتزوجون سوريات خارج إطار القانون”.
السوريون وقانون الزواج التركي
لم تنته معاناة هبة بالطلاق، بل تفاقمت مشاكلها عندما علمت بوجود قوانين تركية تمنع تسجيل المولود لوالدين تزوجا بعقدٍ غير مسجل بالدوائر المدنية، وأن الطلاق في هذه الحالة يحرم المرأة من الحصول على أي حقوق لها.
غزوان قرنفل، عضو “تجمع المحامين السوريين الأحرار”، تحدث لعنب بلدي عن الإطار القانوني لزواج السوريات بالأتراك والبدائل التي يتم فيها التحايل على القانون.
إذ يتم عقد القران بطريقتين، إما قانونية تضمن حقوق المرأة، أو عقد زواج عرفي (كتاب شيخ)، غير معترف به قانونيًا في تركيا، بحسب قرنفل، “ولا تعتبر المرأة السورية في هذه الحالة زوجة ثانية، إنما هي في نظر القانون خليلة، وبالتالي لا يترتب على هذا الزواج أي أثر قانوني. بالنسبة للزوجة فليست لديها أي حقوق لأنها في نظر القانون ليست زوجة، حتى الأولاد لا يُنسبوا إليها بل إلى الأب”.
ويشير قرنفل إلى جهل أغلب النساء السوريات اللاتي يتزوجن بشكل عرفي من أتراك بالقوانين التي تمنع تعدد الزوجات في تركيا، مضيفًا أن أغلبهن “لا يعلمن بمخالفة القانون التركي وما يترتب عليها من آثار وعقوبات، فيما لو حُرّكت الدعوى العامة بحقهما كزوج وزوجة”.
وينبه قرنفل إلى أنه في حال تم الزواج العرفي تترتب العقوبات على الزوجين وكاتب عقد الزواج بالسجن لمدة تتراوح بين ثلاثة إلى ستة أشهر، وفي حال وجود أطفال من هذا الزواج لا يحق للمرأة السورية الوصاية عليهم إنما الوصاية للأب.
ووفق ذلك تواجه هبة اليوم إمكانية تجريدها من ولدها، خاصة بعد أن تمكنت من تسجيله على اسم والده التركي، إذ أكدت في حديثها لعنب بلدي أن المشفى تواصل مع الزوج كشرط لمنح الطفل شهادة ولادة.