أجرى رئيس تيار “الغد السوري”، أحمد الجربا، زيارة إلى العاصمة التركية أنقرة، مطلع الأسبوع الحالي، أعاد فيها العلاقات والتنسيق من جديد مع تركيا بعد قطيعة لسنوات.
وقال مصدر مطلع على زيارة الجربا لعنب بلدي اليوم، الخميس 13 من كانون الأول، إن الزيارة كانت مطلع الأسبوع الحالي، واتفق فيها الجربا مع الجانب التركي على إعادة العلاقات من جديد، وتوصلا إلى عمل وتنسيق مشترك بشأن مناطق شرق الفرات.
وأضاف المصدر أن لقاء الجربا مع الأتراك لم يكن الأول، بل سبقته لقاءات “دون وسيط” في عدة دول، مشيرًا إلى “علاقات جديدة وقوية بين الطرفين تم التوصل إليها في الوقت الحالي”.
وأوضح أن اللقاء هو الخامس بين الجانبين، على أن يعقد لقاء آخر قبل نهاية العام الحالي.
وتحدث موقع “عربي 21″، أمس، عن مقترح تقدم به أحمد الجربا يبحث فيه انتشار “قوات النخبة” الذراع العسكري لـ”تيار الغد” على طول الشريط الحدودي السورية- التركية.
وأكد الموقع الزيارة، وأشار إلى أن المباحثات بين الطرفين لا تزال مستمرة حتى اليوم.
التعويل على العشائر
ويتزامن ما سبق مع إعلان تركيا بدء عملية عسكرية ضد “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) شرق الفرات خلال أيام قليلة، بحسب ما قال الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أمس الأربعاء.
وأضاف أردوغان أن تركيا أكملت الاستعدادات اللازمة للعملية، في الوقت الذي كانت تصدر التحذيرات حول شرق الفرات.
وكان “تيار الغد السوري” قد أعلن، في 6 من كانون الأول، زيارة الجربا إلى كردستان العراق والتقى مستشار مجلس أمن الإقلیم، مسرور بارازاني.
وأوضح المصدر أن الجربا دخل إلى سوريا في أثناء زيارته إلى كردستان العراق، واجتمع مع وجهاء عشائر المنطقة الشرقية لسوريا.
وقال إن تركيا تعوّل على الجربا في الوقت الحالي بإعادة هيكلة المنطقة الشرقية التي تتصدرها “وحدات حماية الشعب” (الكردية)، لافتًا إلى أن “الجربا تحدث خلال زيارته عن المشاكل التي قامت بها الوحدات الكردية والغلط الذي قامت به قوات النخبة بانتسابها لها”.
وتركزت زيارة أحمد الجربا، بحسب المصدر، لقريته تل غزال في ريف بلده اليعربية في سوريا، وكان ناشطون قد نشروا تسجيلًا مصورًا في أثناء الزيارة وظهر فيه الجربا في مجلس يضم عدد من وجهاء العشائر العربية شرق سوريا.
وفي حديث سابق لعنب بلدي، قالت عضو الأمانة العامة للتيار، بهية مارديني، إن موقف “تيار الغد السوري” من شرق الفرات واضح، ويتجسد برفض الحالة الراهنة في المنطقة الشرقية من سوريا، مطالبة بالتغيير عبر الحوار والمفاوضات.
وأضافت مارديني أن سياسة التيار هي إبعاد المنطقة الشرقية من سوريا عن التجاذبات والاستفزازات وطمأنة كل الأطراف وخاصة دول الجوار.
وأشارت مارديني إلى أنه لا بد من تنفيذ الحل السياسي الدائم في سوريا، والعمل على تحسين الظروف المعيشية والإنسانية للسوريين، لافتة إلى أن التيار يدعم الحل السياسي عبر المسار التفاوضي بحسب بياني جنيف وفيينا وقرارات مجلس الأمن الدولية ذات الصلة.
مواجهات سابقة
وتقود التطورات السابقة إلى شهر أيار الماضي، إذ اندلعت مواجهات بين عناصر من “قسد” و”قوات النخبة” التي يرأسها الجربا في قرية أبو حمام بريف دير الزور، على خلفية رفض الأخيرة تسليم سلاحها.
وفي تفاصيل الحادثة، تقدمت وحدة مسلحة من 50 عنصرًا من “قسد” إلى أبو حمام، وطلبت من “أبو عماد”، القيادي في “قوات النخبة”، تسليم السلاح، لكنه رفض الأمر، ليحدث إطلاق للنار جرح فيه عنصران من القوات الكردية وزوجة القيادي في “النخبة”.
ونقلت صحيفة “الشرق الأوسط” عن مصادر لم تسمها، حينها، أن المبعوث الأمريكي إلى التحالف الدولي لقتال تنظيم “الدولة”، بريت ماكغورك، توسط لوقف اقتتال بين الطرفين في بلدة أبو حمام شرق الفرات.
وأشارت الصحيفة إلى أن أحد القياديين في “قسد” هدد الوسيط مع “قوات النخبة” بأنه سيبلغ الأمريكيين بقصف معقل القيادي “أبو عماد”، باعتباره محسوبًا على تنظيم “الدولة”.
وفي أثناء المواجهات، خرجت بعض الاتصالات رفيعة المستوى، وتدخل “المجلس العربي للجزيرة والفرات”، وهو تشكيل سياسي من المحافظات الشرقية الثلاث، دير الزور والرقة والحسكة، وأصدر بيانًا طالب فيه أمريكا وروسيا بالتدخل لوقف القتال بين الطرفين.
وقال في البيان “قسد نفذت تهديداتها بشن هجوم عنيف، تصدت له قوات النخبة، فجر الرابع من الشهر الحالي، ونحملها مسؤولية هذا العمل الخطير الذي يهدد بفتنة عربية- كردية، وينذر بالمزيد من إراقة الدم السوري، ويترك منطقة الجزيرة والفرات مفتوحة على جميع الاحتمالات”.
وتزامنت المواجهات آنذاك مع الحديث عن نية أمريكا نشر قوات عربية في المناطق التي تسيطر عليها شرق الفرات، لتحل محلها عسكريًا وإدرايًا وفق ما أعلن عنه مسؤولون أمريكيون، آذار الماضي.
من هو الجربا؟
أحمد العاصي الجربا من مواليد مدينة القامشلي 1969، وأحد شيوخ عشيرة “شمر” في منطقة الجزيرة السورية.
ترأس الجربا الائتلاف الوطني المعارض لدورتين متتاليتين على التوالي الأولى في تموز 2013، والثانية مطلع 2014.
وشارك في المحادثات الدولية بالشأن السوري في “جنيف 1” و”جنيف 2″، التي لم تقدم أي شيء على الوضع الإنساني في سوريا.
وبعد رحيله عن الائتلاف، أسّس تيار الغد السوري في آذار 2016 في مصر، وافتتح اجتماعه التأسيسي بنشيد “حماة الديار”، بحضور عدد من الشخصيات المصرية، أبرزها وزير الخارجية سامح شكري، والقيادي الفلسطيني في حركة “فتح” محمد دحلان، المقرب من الإمارات العربية المتحدة.
بعد تأسيس تيار الغد وقع الجربا اتفاقًا مع “الإدارة الذاتية” الكردية في العاصمة المصرية القاهرة، لرسم الاستراتييجيات والعمليات العسكرية المشتركة.
وشكّل الجربا ما يسمى بـ “النخبة السورية”، وهي تشكيل جديد أتبعه لتياره، وأعلن سيطرته على قرى ومناطق في ريفي الحسكة ودير الزور.