جريدة عنب بلدي – العدد 26 – الأحد – 29-7-2012
أصدر برنامج الغذاء العالمي تقريره الشهري عن الوضع الغذائي في العالم تحت عنوان مراقبة السوق – اتجاهات أسعار المواد الغذائية الأساسية في البلدان المعرضة للخطر، العدد 16 – يوليو 2012.
حيث أشار التقرير بشكلٍ خاصٍ إلى الوضع الاقتصادي والغذائي في سورية، وذكر أن الحكومة السورية ماتزال تملك احتياطيًا نقديًا كافيًا لاستيراد مايلزم من المواد الغذائية والسلع غير الغذائية ولكن بتكلفةٍ أعلى بسبب إنخفاض قيمة العملة وفرض عقوبات اقتصادية. وقد جاء هذا التقرير مخالفًا لكل التقديرات والتحليلات الاقتصادية بفقدان البنك المركزي معظمَ احتياطياته من القطع الأجنبي لكن دون أن يحدد ماهو حجم الاحتياطي المتبقي. وأضاف التقرير أن هناك نقصًا في المواد الغذائية المحلية ومن المرجح أن يزداد هذا النقص بسبب تراجع الإنتاج المحلي جراءَ تزايد وتصعيد النزاع الداخلي مما ينعكس على العملية الإنتاجية وعملية توزيع المواد. ويعاني السكان المحليون من تراجعٍ حادٍ في القوة الشرائية لليرة بسبب التضخم.
/
نظرة عامة على الاقتصاد :
من المتوقع أن يزداد تدهور الأداء العام للاقتصاد السوري في عام 2012، فالناتج المحلي الإجمالي الحقيقي انكمش بنسبة 3.4٪ في عام 2011 ومن المتوقع أن يستمر تراجع الناتج المحلي بنسبة 8٪ عام 2012 بسبب الاضطرابات السياسية بالإضافة إلى العقوبات المفروضة من الاتحاد الأوروبي على صادرات النفط. ويقدر انخفاض انتاج النفط بـ 35 مليون برميل، مما أدى إلى خسائرَ تجاوزت 3 مليارات دولارٍ أمريكي من عائدات النفط، وانخفضت قيمة الليرة السورية (رسميًا بمعدل 23٪، في السوق السوداء 50٪ مقارنةً بسعر الصرف قبل بدء الأزمة). ومن المتوقع انخفاض إجمالي الاحتياطيات من العملات الأجنبية بنسبة 25٪ تقريبًا في عام 2012، من 19.5 مليار دولار عام 2010 بسبب انخفاض صادرات النفط وعائدات السياحة فضلا عن انخفاض قيمة العملة.
الأسعار والقوة الشرائية :
اعتبارًا من نيسان 2012، ارتفع المؤشر العام للأسعار بمعدل 31%، فيما ارتفع المؤشر العام لأسعار المواد الغذائية بنسبة 40% مقارنةً مع نيسان من عام 2011. وقد سجل أعلى معدلٍ للتضخم في كلٍ من مدينتي الرقة والحسكة وبنسبة (+47٪ و +46٪ على التوالي) وذلك بسبب آثار النزاع وتراجع أداء المحاصيل الزراعية المترافقة مع فرض الرسوم الجمركية والضرائب على البضائع التركية.
أما بالنسبة لمعدل البطالة فمن المتوقع أن يصل إلى 14% في العام 2012 مقارنة بمعدل 8.6% عام 2010. وفي ظل غياب تدابير التخفيف من حدة ارتفاع معدل التضخم العام ومعدل التضخم في أسعار المواد الغذائية، فمن المتوقع تدهور القوة الشرائية الغذائية بنحو الثلث للفئات والأسر الأكثر ضعفًا.
ما هي احتمالات توافر الغذاء ؟
انخفاض قيمة العملة الوطنية المترافق مع ارتفاع معدلات التضخم سيؤدي إلى نقص بالمواد الغذائية الأساسية والسلع الأخرى. حيث تراجع استيراد القمح من تركيا بنسبة 20% بسبب مضاعفة الرسوم الجمركية بالإضافة إلى فرض ضريبةٍ بنسبة 30% على البضائع التركية، وتعتبر تركيا ثالثَ أكبرِ مُصدّرِ للقمح لسورية بعد روسيا وأوكرانيا. وقد قامت الحكومة السورية بمحاولة تعويض النقص الحاصل في استيراد الحبوب من تركيا بزيادة المستوردات من أوكرانيا وروسيا، ولكن بأسعارٍ مرتفعةٍ نسبيًا بسبب تأثير الجفاف ودرجات الحرارة على محصول القمح في منطقة البحر الأحمر عام 2012. أن توقعات منظمة الأغذية والزراعة الدولية الفاو لإنتاج محاصيل الحبوب الشتوية في سورية غيرُ مؤكدةٍ بسبب الإضطرابات المتوقعة في الأنشطة الزراعية.
إن استمرار الإضرابات في سورية وإنعدام حالة الإستقرار بالتزامن مع انخفاض سعر صرف الليرة السورية مع الحصار الاقتصادي، سيؤدي كل ذلك إلى تراجعِ الإنتاج الزراعي المحلي ومع العجز وعدم القدرة على تغطية النقص من المستوردات سيعاني قسمٌ كبيرٌ من الشعب السوري في الحصول على أدنى متطلبات الحياة من الغذاء والطعام.