“الهتافات الدخيلة” قد تقتل متعة المدرجات في سوريا

camera iconجمهور نادي تشرين السوري (Ultras Eagles)

tag icon ع ع ع

يقترب نشاط المشجعين الرياضيين في سوريا من العودة إلى طبيعته، إذ بدأت روابط المشجعين بالعودة إلى المدرجات، مع ما تحمله من صخب وهتافات وموسيقا تشجع الأندية التي تحب.

وكظاهرة وحالة طبيعية في كرة القدم وما يأتي معها من صخب وحماس واندفاع، ذهبت بعض روابط المشجعين أو المشجعين بحد ذاتهم، إلى اتجاه أكثر عدائية، لحقته عبارات عنصرية وشتائم للحكام أو لمشجعي الخصم، الأمر المستهجن من قبل متابعين وجهات منظمة وراعية، إذ يعتبر هذا الأمر حالة غير صحية في كرة القدم لما له من تبعات قد تصل إلى حد الاصطدام بين الجماهير واللاعبين.

هتافات عنصرية في الملاعب السورية

وشهدت المواجهة الأخيرة التي جمعت بين ناديي الوحدة الدمشقي والاتحاد الحلبي ملاسنة وتبادلًا للشتائم بين جماهير الناديين، ما دفع الاتحاد السوري لكرة القدم إلى معاقبة نادي الوحدة بغرامة مالية.

المواجهة جرت في إطار الجولة الـ 21 من الدوري السوري الممتاز، وتخللتها حالة من الاضطراب والمناوشات بين لاعبي الفريقين، الأمر الذي انعكس على الجمهور الذي ما لبث أن بدأ بالهتاف بعبارات عنصرية وألفاظ نابية.

المشكلة لم تقف عند حدود الملعب بل امتدت حتى وصلت إلى مواقع التواصل الاجتماعي، حيث انتشرت تسجيلات مصورة للجمهور وهو يهتف بعبارات مهينة لنادي الوحدة والعاصمة دمشق، ليشعل ذلك حربًا بين المتعصبين الدمشقيين ونظرائهم من أبناء مدينة حلب وتبدأ معها موجة من التحريض وخطاب الكراهية.

وانتقلت المشكلة بدورها لإدارتي الناديين اللتين تبادلتا الاتهامات فيما بينهما، إذ اعتبرت إدارة نادي الوحدة أن الهتافات التي بدأها جمهور نادي الاتحاد “محضرةً مسبقًا” كونها رددت على شكل “أناشيد”.

هذه الظاهرة لا تتوقف على الندين، الوحدة والاتحاد، بل تشمل كل مواجهة دربي في المدن السورية كالوثبة والنواعير والوحدة والجيش وتشرين وحطين وحطين وجبلة وغيرها من المواجهات بالإضافة إلى المواجهات الكلاسيكية الأخرى.

“الألتراس”.. ظاهرة دخيلة أم موجودة سابقًا؟

تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي بين السوريين صفحات جماهيرية تصف نفسها بـ”الألتراس” أو “روابط المشجعين”، وتشكل هذه المواقع نقطة انطلاق لتنظيم وتنسيق الهتافات واللافتات والشعارات قبيل كل مواجهة كروية.

وتعمل هذه الصفحات على حشد الجماهير والدعاية للنادي ونشر شتى أنواع “الشماتة” بالخصوم، ما ينتج عنها حرب كلامية بين جماهير الأندية فيما بينها، الأمر الذي تعدى إطار الرياضة ليصبح أكثر عدائية ومناطقية بين تلك الجماهير.

ويرى الحكم الدولي السابق تمام حمدون، في حديث إلى عنب بلدي، أنه “للأسف ما نشاهده من عبارات خارج أجواء الرياضة هي دخيلة علينا وعلى مجتمعنا”، بينما يجب العمل على مبدأ “الرياضة تجمع ولا تفرق”.

ولا تعتبر التشكيلات الجماهيرية هي ظاهرة جديدة في الرياضة السورية، وفق ما قال الإعلامي الرياضي عروة قنواتي مضيفًا أن “الألتراس” هو تشكيل قديم، وكانت هناك أفكار لتشكيلات مشابهة قبل عام 2011، وكان من الممكن حينها أن تحدث مواجهات دامية بسبب التعصب الجماهيري.

ويرى قنواتي أنه وفي الوقت الحالي تلك الروابط و”الألتراسات” تحت السيطرة وتحت الضبط، مشيرًا إلى أن المواجهات التي تحدث حاليًا بسبب وجود تشكيلات جماهيرية قديمة حملت معها تعصبها إلى المواجهات الكروية الحالية.

وأضاف قنواتي أن حالة الضجر في الشارع السوري نقلت من الداخل إلى المدرجات، وهذا ما لوحظ في مواجهات الوحدة والاتحاد وحطين وجبلة وغيرها من المواجهات.

حلول للحد من حالة التعصب الجماهيري

استمرار حالة التعصب الجماهيري وبقاء العقوبات التي يفرضها الاتحاد السوري لكرة القدم في إطار العقوبات المادية قد لا تضع حلًا جذريًا للمشكلة التي تعتبر قابلة للتفاقم في أي لحظة، وتقتل ما تبقى من متعة كرة القدم مع استمراريتها.

ويرى الحكم الدولي تمام حمدون أن على الجميع وفي أي موقع الوقوف لتلافي وشطب تلك العبارات من قاموس الجماهير عن طريق حملات التوعية والندوات التي تتكلم عن الرياضة وأهدافها، وهذا ما لا تقوم به معظم إداراة الكرة السورية والمنظمة بشكل عام.

وأضاف حمدون أنه يجب على الجميع تحمل مسؤولياته ولا سيما اتحاد الكرة من خلال التحفيز والعقوبات الصارمة.

وحول دور الأندية في ضبط روابط مشجعيها وجماهيرها، قال الصحفي الرياضي عروة قنواتي إن الأندية التي لها قواعد جماهيرية كبيرة كالوحدة والاتحاد والكرامة وغيرها، كانت تعمل فيما مضى على ضبط قاعدتها الجماهيرية بشكل كبير، ما أدى إلى انتقال الصراع بين المشجعين إلى الساحة الإلكترونية والابتعاد عن الصدام المباشر في الملاعب، ولكن حاليًا لا توجد رقابة.

مواقع التواصل.. سلاح ذو حدين

تلعب مواقع التواصل الاجتماعي دورًا مهمًا في الخطاب الجماهيري، كما تلعب دورًا كبيرًا في حشد الجماهير من قبل الروابط الرياضية، وهذا ما يعتبر سلاحًا ذا حدين بحسب الخطاب المقدم من قبل تلك الروابط.

ويرى حمدون أن مواقع التواصل الاجتماعي “خطرة” إن لم يحسن استعمالها، وخاصة على المجتمع والرياضة حيث ليس هناك حسيب أو رقيب.

وتعتبر روابط التشيجع، وفق الحكم الدولي السابق، مسؤولة عن كل ما يكتب، مشيرًا إلى أن عدم توثيق الحسابات يسهل على مالك الحساب كتابة ما يشاء دون أن يحاسبه أحد.

واعتبر قنواتي أن مواقع التواصل الاجتماعي لها دور كبير في توسيع القاعدة الجماهيرية في الملاعب، وقد تكون متنفسًا للتجهيز لأي حالة من التعصب أو حملات الكراهية، وقد تؤدي إلى حوادث مؤسفة بسبب وجود هذه الحملات داخل الملاعب وخارجها.

ويرى قنواتي أن الجماهير هي التي ستُحمل المسؤولية من المسؤولين، فيما سيبقى المنظمون “بأبهى” حلة بعد نبذ ونفي تلك الأعمال والتأكيد على سلامة العمل والتنافس الرياضي في سوريا، وهذا الأمر غير صحيح لأنه “ليس هناك تنافس صحيح وحقيقي في سوريا أو حتى ما يشبه كرة القدم”.

وبين الصدامات على مواقع التواصل الاجتماعي والصدامات في الملاعب، يبقى الخطاب الرياضي بين جماهير الأندية “خطاب تفرقة وخطابًا تنافسيًا بطعمة عدائية، لا يوجد للروح الرياضية مكان فيه، الأمر الذي يقتل متعة كرة القدم التي تدفع الجماهير للتوافد إلى الملاعب مع أطفالها وعائلاتها.

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة