استخدم السوريون عقولهم في إيجاد اقتصاد فعال لتحقيق استقلالهم، وصنعوا تجربة اقتصادية حققت لهم الأمن الاجتماعي للحواضن الشعبية للثورات السورية المتلاحقة، ويمكن القول إن تجربة إنشاء شركة أهلية لجر مياه عين الفيجة إلى دمشق هي من التجارب الاقتصادية غير المسبوقة في العالم، إذ إنها أول شركة في الدنيا قدمت عوائد اسمها منتجًا.
وترافقت الطموحات السياسية الخلاقة للسوريين بمشروعات رئيسة أسسها رجالات الكتلة الوطنية، كشركة الشرق للكونسروة، التي وضع مؤسسوها سوق الولايات المتحدة الأمريكية هدفًا تسويقيًا لهم، مما يعني أنهم التزموا ذاتيًا بأفضل منظومات جودة المنتج للحفاظ على حصتهم في سوق هو الأكثر تنافسية في العالم.
يضاف إلى ذلك تشغيل دورتي إنتاج متكاملتين في الاقتصاد السوري، أولاهما زراعية، فقد توسعت حقول المشمش من حوش بالا في الغوطة الشرقية إلى هضبة القلمون، وتوسع معها عائد الاقتصاد الزراعي الذي بنيت على أساسه صناعات غذائية متكاملة للاستفادة من كامل منافع مراحل الإنتاج.
ومع تحرك الشعب السوري لإزاحة منظومة سلطة الحرامية، التي بنت إمبراطوريتها المالية من سرقة ناتج اقتصاد السوريين على مدى أربعة عقود وسرقة جزء لا يستهان به من مدخرات اللبنانيين بعد إعطاء الأسد الأب لجيشه صلاحيات التعفيش والنهب والاستباحة لجيش «أبو شحاطة» في لبنان وحماة، وبالعودة إلى السجل العملياتي لـ «جيش التعفيش» الذي هندسه الأسد الأب على هيئته تمامًا عام 1976 ولخصته شعارات تظاهرات طلبة جامعة دمشق يومها «أرنب… أرنب… في الجولان…. أسد… أسد… في لبنان»، ومع تكليف الأسد الأب بدور «كلب الحراسة» الاستراتيجي لأمن إسرائيل في شمال الليطاني اللبناني، أعطى جنده أوامر واضحة باستباحة كل شيء من قبضات الأبواب إلى خلاطات دورات المياه، وهذا ما كرره في حماة عام 1982. مع كل ما سبق واصل الأسد الابن إزاحة موقع سوريا إلى الخلف بكل معايير الدول كي تصبح على رأس قائمة الدول الفاشلة، مستخدمًا محفزات التعفيش والنهب لجنده وعصاباته، التي تستبيح سوريا علنًا.