أسماء رشدي
أم تشتكي من ابنها، ذي السنوات السبع، بأنه يتكلم كثيرًا عن أي شيء بالتفصيل، حتى لو كان خيالًا أو من التلفاز، لعدة مرات.
أم أخرى تقول إن ابنها يريد منها أن تستمع له طوال الوقت، ولا يتيح الفرصة لها لكي تتكلم، فتضطر أحيانًا إلى أن تتظاهر بالاستماع، وتتركه يتكلم، دون أن تعيره انتباهًا أو تركيزًا.
هناك أمهات من عاداتها كثرة الكلام ولفترات طويلة، وهو ما يتعلمه الطفل عندما يألف هذا الطبع عند أمه، فيظن أن الكلام هو الطريقة الوحيدة للتعامل مع الآخرين، أو الوسيلة الوحيدة للتواصل مع أمه، خاصة إن كانت لا تلعب معه ولا تحكي له القصص، إذ يشعر أن الكلام هو الوسيلة لجعلها تهتم به.
من الممكن أن يكون عدم اللعب الكافي سببًا في استمرار هذه العادة عند الطفل، إذ يصبح الكلام وسيلة لملء الفراغ، فهو طاقة يحتاج الطفل لصرفها.
يكون الطفل أحيانًا ثرثارًا نتيجة حالة مرضية، أو قد يعاني من مشكلة سلوكية كالإحباط وضعف الشخصية، لذا يستخدم الثرثرة لجذب انتباه الآخرين وإبراز نفسه كنوع من العلاج الذاتي، وإذا ما اقترنت ثرثرته بالمدح والتشجيع تتحول بعدها إلى عادة لديه تستمر معه حتى سن الرشد، كما من الممكن أن يكون سبب الثرثرة الحاجة إلى الشعور بالأمان، فتكون وسيلته ليبدد قلقه، فالصمت يجعله يفكر في مخاوفه. لذلك من المهم معرفة السبب الذي يدفع الطفل إلى التكلم بكثرة خلال اليوم، ومراقبته في البيت ومراقبة علاقته بإخوته قد يساعد في البدء في حل هذه المشكلة.
حل هذه المشكلة ليس عن طريق تجاهل الطفل أو كبته، ولكن إعطاءه حقه من الاهتمام والتواصل من ناحية، وتعليمه حدوده من ناحية أخرى، كأن تقول له «لقد سمعتك بما فيه الكافية، هناك أشياء أخرى يجب أن أقوم بها، الآن يجب أن أذهب إلى المطبخ، يجب أن أستمع إلى إخوتك أيضًا…الخ».
يجب تخصيص وقت محدد يوميًا لتمضيته مع الطفل والكلام معه عن أشياء يحبها، أو قراءة القصص له، أو مشاركته اللعب بألعاب يحبها، كما يجب تجنب الصراخ وإظهار الضيق أمامه عندما يطيل حديثه، وإنما تشجيعه على الحديث عن يومه في المدرسة مثلًا، ضمن الوقت المخصص له، وذلك لإعطائه الإحساس بالمشاركة والاحترام له.
من المهم الأخذ بالحسبان أنه قد يكثر الكلام عند الأطفال في المرحلة العمرية الممتدة من 3 إلى 9 سنوات، إذ يعيش الطفل في هذه الفترة مرحلة الاكتشاف ومحاولة معرفة كل ما حوله، لذلك نجده يسأل عن كل صغيرة وكبيرة يراها أو يسمعها، هذا أمر طبيعي.