تشكل قاعدة التنف الواقعة على الحدود مع الأردن نقطة “استراتيجية” لأمريكا، وتعتبر عقبة أساسية أمام المشروع الإيراني في سوريا، كونها تقع على طريق دمشق- طهران والذي تحاول الأخيرة فتحه، وعملت على ذلك مؤخرًا بالسيطرة على مساحات واسعة في البادية، كما عززت مواقعها في المنطقة الشرقية بريف البوكمال وريف دير الزور.
ونظرًا للأهمية التي تشكلها التنف رغم نطاق حدودها الضيق، أدخلت إليها أمريكا في العامين الماضيين أسلحة وذخائر متطورة، أبرزها منظومة الصواريخ “هيمارس (HIMARS)، والتي نقلتها من الأردن، في حزيران 2017، وكان لها دور كبير في الحد من عمليات تسلل قوات الأسد والميليشيات الإيرانية إلى منطقة الـ55، آخرها أمس الاثنين، إذ قصفت القوات الأمريكية بـ14 صاروخًا رتلًا للنظام دخل إلى داخل حدود المنطقة التابعة للتنف.
وقالت وكالة “سانا” الرسمية إن قوات التحالف استهدفت بعدة صواريخ مواقع “الجيش السوري”، في جبل الغراب جنوبي مدينة السخنة بريف حمص الشرقي.
ونقلت الوكالة عن مصدر عسكري أن أضرار الضربة الصاروخية على المنطقة اقتصرت على الماديات.
متطورة سريعة الحركة
بعد أيام من إدخال المنظومة إلى التنف، قال مصدر في “الجيش الحر” لعنب بلدي إن “نظام المدفعية الصاروخية الذي وصل حديثًا بعيد المدى من نوع هيمراس (HIMARS)، نقله الجيش الأمريكي من قواعده العسكرية في الأردن”.
وأشار إلى أن “النظام قادر على إطلاق صواريخ على مدى 300 كيلومتر”.
ويصل مدى راجمات الصواريخ الأمريكية (HIMARS) إلى 90 كيلومترًا، والصواريخ من إنتاج شركة لوكهيدمارتن (Lockheed Martin)، وكانت قد دخلت بالخدمة في الجيش الأمريكي، عام 2005، واستعملت من قبل القوات الأمريكية في العراق وأفغانستان.
وتستطيع المنظومة إطلاق ستة صواريخ عيار 227مم دفعة واحدة، وفيها نسخ مزودة بتوجيه بواسطة نظام الـ”جي بي إس”، وصاروخ “باليستي- تكتيكي” قصير المدى من طراز “MGM-140ATACMS”، يبلغ مداه نحو 300 كيلومتر.
وفي تقرير نشرته شبكة “CNN”، العام الماضي، قالت إن المنظومة قادرة على إطلاق الصواريخ حتى مسافة 300 كيلومتر، وتوفر دفعًا قويًا للجهود العسكرية الأمريكية في تلك المنطقة التي تركزت الأنظار عليها مؤخرًا بعد سلسلة من الضربات الجوية التي نفذها طيران التحالف ضد قوات موالية للنظام السوري تنشط بالقرب منها.
تتركز مهمة نظام “HIMARS” بالاشتباك مع مدفعية الميدان ووحدات الدفاع الجوي والمدرعات الخفيفة وناقلات الجند المدرعة وتجمعات المشاة، بحسب موسوعة “مقاتل من الصحراء”.
وقالت الموسوعة، المهتمة بالشأن العسكري، إن النظام قادر على إطلاق صواريخه والابتعاد سريعًا، قبل أن تتمكن قوات العدو من تحديد موقع الراجمة.
تدريبات لـ”مغاوير الثورة”
في آب الماضي أجرى التحالف الدولي و”فصيل مغاوير الثورة” العامل في التنف تدريبات عسكرية على منظومة “هيمارس”.
ونشر الفصيل تسجيلًا مصورًا أظهر لحظة إطلاق صواريخ أرض- أرض من “HIMARS”، ضمن التدريبات القائمة فيما تُعرف بمنطقة الـ 55 كيلومترًا.
وكان قائد القيادة المركزية الأمريكية، الجنرال جوزيف فوتيل قد زار قاعدة التنف، في تشرين الأول الماضي.
وقالت وكالة “أسوشيتيد برس” الأمريكية، حينها، إن الزيارة كانت غير معلنة، وأعطت تأكيدًا لوجود أمريكي مستمر في التنف للقضاء على المقاتلين المتبقين من تنظيم “الدولة الإسلامية”، ومن أجل استخدام القوة ضد تنامي النشاط الإيراني.
وأضافت، بحسب ما ترجمت عنب بلدي، نقلًا عن الجنرال، أن القاعدة العسكرية تخدم غرضًا مهمًا لأمريكا في المنطقة، رغم قرب الانتهاء من التنظيم.
وأكد الجنرال الأمريكي الدور المزدوج الذي تلعبه قاعدة التنف في المنطقة، بسبب موقعها الاستراتيجي.
وأوضحت الوكالة أن قاعدة التنف تضم 200 إلى 300 جندي أمريكي، لتدريب ومرافقة قوات المعارضة السورية المحلية في الدوريات لمواجهة مجموعة التنظيم.
وبحسب الوكالة، فإن الانسحاب الكامل للقوات المدعومة من إيران من سوريا أمر غير محتمل، مشيرةً إلى أن طهران ووكلاءها عززوا قوتهم في جميع أنحاء سوريا.
وقالت إنها تعتقد أن طهران تسيطر على ما يصل إلى 80 ألفًا من مقاتلي الميليشيات الشيعية والقوات شبه العسكرية في سوريا.
–