انتقل تداول الاحتجاجات في فرنسا من طابع “المزاح” و”السخرية” على مواقع التواصل الاجتماعية بين شريحة كبيرة من السوريين، إلى الإعلام الرسمي، فيما يبدو انتقامًا من المواقف الفرنسية السابقة الداعمة للثورة في سوريا.
ووصف الإعلام الرسمي الاحتجاجات بـ”الثورة الفرنسية” والحديث عن “ربيع فرنسي”، ليغلب طابع “ماحدا أحسن من حدا” على المواد الصحفية، وهو ما أوضحته جليًا إحدى صفحات “فيس بوك” التابعة للهيئة السورية للإذاعة التلفزيون.
ونشرت صفحة “الهيئة” الخاصة بالمنوعات صورة للاحتجاجات من العاصمة الفرنسية باريس، عنونتها بـ”درس عملي للحرية التي حاول السفير الفرنسي تلقينها لنا يومًا ما قبل سنوات في دمشق”، في إشارةً إلى زيارة السفير الفرنسي لدى دمشق، منتصف عام 2011، إلى مواقع كبرى الاحتجاجات السورية في حماة وداريا بريف دمشق.
صفحة “دمشق الآن” الموالية للنظام السوري نشرت صورة تقارن فيها الوضع بين العاصمتين الفرنسية والسورية، في إشارة إلى “الخراب” الذي ألحق بالعاصمة باريس مقارنةً بـ”الهدوء” الذي تعيشه دمشق اليوم.
وفي عناوين الصحف الحكومية غلبت كلمات “القمع” و”الرصاص” و”المحتجين”، بالإضافة إلى حصيلة الضحايا على يد قوات الأمن الفرنسية.
وعنونت صحيفة “الثورة” الحكومية في صفحتها الأولى لعدد اليوم، الأحد 2 من كانون الثاني، بـ “الغرب يختبر (الصقيع الأوروبي) من فرنسا.. باريس تقمع المحتجين بالغاز والرصاص المطاطي!”.
أما صحيفة “تشرين” فقالت على غلافها لعدد اليوم، “فرنسا تحت النار… نظام ماكرون يقمع المتظاهرين السلميين بهمجية”.
وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) ركزت على عدد الضحايا في باريس، ليوم الأحد، معنونة بإصابة 400 مصاب خلال احتجاجات بفرنسا “ضد سياسات حكومة ماكرون”.
وينتظر إعلام النظام السوري أي حدث من هذا النوع في الدول التي يعتبر أنها وقفت “بوجه شرعيته” في قمع المحتجين السوريين، الذين خرجوا في مظاهرات تطالب بالتغيير.
وكان الإعلام السوري الرسمي وقف في مواجهة الاحتجاجات في سوريا، واصفًا المشاركين فيها بـ”الإرهابيين” تارةً و”ثلة من المخربين” تارةً أخرى، وتطورت تلك التوصيفات إلى وصف المتظاهرين السوريين بـ”الجراثيم” في كلمة لرئيس النظام السوري، بشار الأسد، عام 2011.
الاحتجاجات في فرنسا المعروفة باسم “السترات الصفراء” بدأت بسبب سياسات الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، وزيادة الرسوم على المحروقات، في 17 من تشرين الثاني الماضي.
وسعى الرئيس الفرنسي لإخماد الغضب واعدًا بإجراء محادثات على مدى ثلاثة أشهر لتحويل فرنسا إلى اقتصاد قليل استخدام الكربون “دون معاقبة الفقراء”، بحسب تعبيره.