بات اللجوء إلى أوروبا حلمًا يراود آلاف السوريين الذين هربوا من بلادهم، بسبب المعارك الدائرة فيها وغياب أفق لحلول قريبة تنهي الحرب؛ وبناءً على ذلك نشطت مكاتب “وهمية” في اسطنبول وغيرها من المدن التركية لـ “تلبية رغبات الشباب وتهريبهم إلى أوروبا” كما تعرف عن نفسها.
أعداد العاملين في “مصلحة” التهريب عبر البر أو الجو أو البحر يتجاوز الآلاف، إلا أن معظمهم يعمل بخفية شبه تامة ويفرضون وجودهم عبر رقم “فايبر” أو “واتس آب”، ثم اللقاء مع “الزبون” الراغب بالسفر في أحد مقاهي أكسراي وسط اسطنبول.
ويطلب هؤلاء السماسرة “أرقامًا فلكية” للتهريب إلى أوروبا، كما يقول حسان، وهو سوري لاجئ في ألمانيا منذ 4 أشهر، موضحًا “كنت أقيم في أنطاكيا الحدودية دون عمل فقررت الهجرة بعد أن باعت أمي صياغتها، وقابلت المهرب في قهوة بأكسراي… اتفقنا على الهجرة إلى إيطاليا عبر البحر من مدينة مرسين لقاء 6 آلاف دولار”،
ويقتنع حسان بالطريقة التي وصل فيها إلى ألمانيا إذ يخبر عنب بلدي أنه ليس نادمًا على خطوته تلك، إلا أنه أشار في الوقت ذاته إلى إقامته في مراكز اللجوء (كامبات) في مدينة شتوتغارت منذ وصوله، ولم يستطع الحصول على إقامة حتى الآن.
وانتشرت عبر موقع الفيسبوك إعلانات يومية للسفر بأساليب متعددة، تتعهد بالوصول إلى أوروبا وضمانة الطريق برًا أو بحرًا، وخصوصًا في مجموعات السوريين المغتربين، على غرار ما كتبه أحد المهربين في مجموعة “الجالية السورية في اسطنبول”؛ ويقول: “لكل الراغبين بالسفر يوجد طيران مباشر من تركيا لأوروبا وبريطانيا مضمون ومجرب، الدفع بمكتب بعد الوصول عن طريق مكتب تأمين.. سفر للنمسا عن طريق بلغاريا بالسيارة مضمون 100% بدون تبصيم نهائيًا”.
ويقول أحمد (اسم وهمي بناء على طلبه) وهو شاب من مدينة دير الزور يقيم في اسطنبول، أنه تعرض لعملية نصب من “مهرب” سوري، بعد أن أمن له الأخير جواز سفر فرنسي، وحجز طائرة مباشرة إلى مطار ليون مقابل 9 آلاف يورو.
لكن أحمد الذي دفع ألفين يورو سلفًا أوقف في مطار صبيحة حين استدعى أمن المطار امرأة تتقن الفرنسية لتحاوره، فلم يستطع لأنه لا يتقن اللغة، مضيفًا أن الشرطة احتجزته ليومين ثم بصم في “أمنيات الفاتح”.
وأردف “لم أعد أود المغادرة سأعمل هنا والرازق هو الله؛ ألفين يورو احتال المهرب عليّ بهم وبعت كل ما أملك في سوريا من أجل السفر”.
ويتخوف الشباب الذين يفكرون بالسفر من البصمة على الإقامة في تركيا كونها تحرمهم من حق اللجوء في أوروبا كما يقولون، لكن الحكومة التركية قالت في أكثر من موقف أنها لن تبادل أي معلومات عن اللاجئين مع الاتحاد الأوروبي.
وأشارت تقارير سابقة إلى حوادث الغرق التي أزهقت أرواح عشرات السوريين في مياه المتوسط، خلال محاولتهم الهرب واللجوء إلى أوروبا عن طريق ليبيا وتركيا ومصر، لكن هذه الرحلات المحفوفة بالمخاطر ما زالت مستمرة رغم فصل الشتاء القاسي وتحذير الأرصاد الجوية من العواصف.
لكن سوء المعيشة وعدم حصول السوريين على أبسط حقوقهم في العمل والإقامة في دول الجوار أو منعهم من دخولها، تدفعهم إلى السفر إلى أوروبا بحثًا عن العمل أو الدراسة أو تأمين تأشيرات تخولهم السفر بعد تراجع ترتيب الجواز السوري والسماح له بدخول عددٍ محدود من دول العالم.