تصاعدت حدة التوتر العسكري بين روسيا وأوكرانيا، بعد إعلان الأخيرة حالة الطوارئ في البلاد، وسط تحذيرات من تفاقم الأزمة وتحولها إلى حرب شاملة بين البلدين.
وتحدثت وكالة “فرانس برس”، أن الحكومة الروسية حذرت أوكرانيا من القيام بأي عمل “متهور”، بعد دخول حالة الطوارئ في أوكرانيا حيز التنفيذ اليوم، الأربعاء 28 من تشرين الثاني.
وتوترت العلاقات بين البلدين بعد احتجاز جهاز الأمن الروسي الأحد الماضي، ثلاث سفن حربية أوكرانية في مضيق كيرتش، والذي يفصل جزيرة القرم عن روسيا بعدما أطلق النار على السفن الأوكرانية وأصيب بذلك ستة جنود أوكرانيين، وما زالت السلطات الروسية تحتجز نحو 20 من البحارة.
وعقب ذلك صوت البرلمان الأوكراني على فرض قانون الطوارئ في المناطق الحدودية، ردًا على احتجاز السفن وطواقمها، ليدخل القانون صباح اليوم حيز التنفيذ، وسط حالة تأهب في البلاد.
واتهم الرئيس الأوكراني، بترو بوروشنكو، اليوم، روسيا بتكثيف انتشارها العسكري على حدود بلاده، محذرًا من اندلاع “حرب شاملة”، وفقًا للوكالة.
في ظل ذلك، نقلت وكالة “روتيرز” اليوم، عن مراسلها أن سفينة تابعة للبحرية الروسية، وتسمى “فايس-أدميرال زاخارين”، وهي كاسحة للألغام، بدأت تتحرك من البحر الأسود باتجاه بحر آزوف.
ويوم أمس، قررت محكمة القرم الخاضعة للسيطرة الروسية، احتجاز 12 من البحارة الأوكرانيين لمدة شهرين، بتهمة عبور الحدود الروسية بشكل غير شرعي، وسيمثل جميع البحارة الآخرين اليوم الأربعاء، أمام المحكمة.
ونشرت وسائل الإعلام الروسية فيديوهات تظهر عمليات استجواب لبعض البحارة الأوكرانيين المحتجزين لديها، في محاولة لإثبات روايتها خلال التسجيلات بأن السفن الأوكرانية كانت تحاول استفزاز السلطات الروسية.
لكن قائد البحرية الأوكرانية، ايغور فورونتشينكو، وصف التصريحات الواردة في التسجيلات الروسية بـ “الأكاذيب”، وقال إن ذلك جاء تحت الضغط، بحسب “فرانس برس”.
إلى ذلك طلب بوتين من المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، أن تحاول التأثير على أوكرانيا لمنعها من أي تصعيد عسكري ضد روسيا، معتبرًا ذلك انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي، بحسب بيان للكرملين.
ودخلت أوكرانيا صباح اليوم، حالة الطوارئ في عشر مناطق حدودية مع روسيا وبيلاروسيا ومن جانب بحر آزوف، وسيسمح القانون بالتعبئة الكاملة للسلطات وتوجيه وسائل الإعلام والتحفيف من أي تجمعات شعبية، ضمن استعدادات لأي حرب متوقعة.
ويعتبر فرض قانون الطوارئ في أوكرانيا الأول من نوعه منذ استقلال الجمهورية السوفياتية في 1991، بعد أن شعرت السلطات الأوكرانية بوجود تهديد روسي خطير يتمثل بهجوم بري ضد أوكرانيا، وفقًا لبوروشنكو.
تحركات دولية ضد روسيا
من جهته، هدد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بإلغاء اللقاء المقرر مع نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، على خلفية احتجاز السفن الأوكرانية والتصعيد الروسي ضدها، قائلًا، “ربما لن أجري هذا اللقاء مع بوتين”، بحسب صحيفة “واشنطن بوست”.
كما دعت وزارة الخارجية الأمريكية، أمس، الدول الأوروبية إلى مساعدة أوكرانيا وفرض مزيد من العقوبات على موسكو، وخاصة خط الغاز “نورد ستريم2” الواصل إلى موسكو.
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية، هيذر ناورت، “حكومات عديدة تفرض عقوبات على روسيا بسبب أفعالها في القرم بأوكرانيا. ليست كل هذه العقوبات مطبقة بشكل كامل، لذلك نرى أن على الدول الأوروبية فعل المزيد”.
ودعا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غيوتيريش، أمس، كلًا من روسيا وأوكرانيا إلى ضبط النفس واتخاذ التدابير اللازمة لتخفيف التوتر الحاصل بينهما، ضمن ميثاق الأمم المتحدة.
وفي ذات السياق، قالت وزيرة خارجية النمسا كارين كنايسل، والتي تتولى بلادها الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، إن الأخير سينظر الشهر المقبل في فرض عقوبات إضافية على روسيا، “لكن المسألة ستحتاج إلى مراجعة”، بحسب قولها.
كما اعتبر وزير الخارجية الألماني، هايكو ماس، أن احتجاز السفن الأوكرانية من قبل روسيا، يؤكد بأن ضم الأخيرة لجزيرة القرم مشكلة لأمن جميع الأوروبيين، داعيًا موسكو إلى الإفراج عن البحارة الأوكرانيين.
كيف اشتعلت القضية؟
وكان جهاز الأمن الروسي احتجز الأحد الماضي، السفن الحربية الأوكرانية في مضيق كيرتش، والذي يفصل جزيرة القرم عن روسيا بعد أن أطلق النار على السفن الأوكرانية وأصيب بذلك ستة جنود أوكرانيين.
وندد الرئيس الأوكراني بيترو بوروشنكو، بالعمل الروسي الذي وصفه بـ “العدواني”، واتهم روسيا بمحاولة تعقيد الوضع في المنطقة التي تشهد نزاعًا بين الطرفين.
لكن جهاز الأمن الروسي قال في بيان، “بغية إرغام السفن العسكرية الأوكرانية على التوقف تم استخدام السلاح، وتم احتجاز سفن البحرية الأوكرانية الثلاث”.
وجاء في البيان أن السفن الأوكرانية بيرديانسك ونيكوبول وياني كابو، “اخترقت حينها الحدود الروسية وحاولت القيام بأنشطة غير قانونية في المياه الإقليمية الروسية”، بحسب تعبيره.
واعتبر أن السفن الأوكرانية قامت بمناورة خطيرة، ولم تستجب للطلبات المشروعة للسفن الروسية التي حاولت إيقافها بسبب اختراقها الحدود الروسية، وفقًا للبيان.
ودعا كل من حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي الطرفين لضبط النفس ومحاولة نزع الخلاف المتفاقم، مطالبين موسكو بضمان حرية عبور السفن الأوكرانية إلى مضيق كيرتش.
وقال الاتحاد الأوروبي في بيان، “نتوقع من روسيا أن تضمن مجدّدًا حرية العبور في مضيق كيرتش، ونطالب جميع الأطراف بالتصرّف بأقصى درجات ضبط النفس من أجل خفض حدة التوتر فورًا”.
وكانت روسيا وأوكرانيا وقعتا في عام 2003 اتفاقية تنص على أن بحر آزوف يعتبر مياهًا داخلية لكلا البلدين، لتمنح الاتفاقية حرية الملاحة لجميع السفن الروسية والأوكرانية.
لكن روسيا بدأت قبل أشهر بتفتيش السفن الداخلة والخارجة من أوكرانيا بحجة وجود تهديد من متطرفين أوكرانيين، بعد احتجاز أوكرانيا لسفينة صيد قادمة من جزيرة القرم التي تحتلها روسيا.
وبدأ الخلاف بين روسيا وأوكرانيا منذ محاولة انفصاليين شرقي أوكرانيا عام 2014، التمرد على حكومتهم لفصل جزيرة القرم عن أوكرانيا، بدعم روسي بحسب الاتهامات الأوكرانية والأوروبية لموسكو.
وضمت روسيا شبه جزيرة القرم، بعد سيطرة قوات موالية لموسكو عليها، ثم أجرت استفتاء في نيسان 2014، صوت السكان فيه للانضمام، بينما رفضته أوكرانيا (التي كانت شبه الجزيرة تحت سيادتها) وأوروبا وكذلك تركيا.
–