تعتزم “حكومة الإنقاذ” العاملة في إدلب تسليم طفلة فرنسية الأصل إلى سفارة بلادها في تركيا، وذلك بعد سنوات من اختطافها على يد مقاتلين فرنسيين في المحافظة.
وقال مصدر مطلع على عملية التسليم لعنب بلدي اليوم، الاثنين 26 من تشرين الثاني، إن الطفلة وتدعى “ياسمين” ستسلم في معبر باب الهوى الحدودي الساعة الواحدة والنصف ظهرًا، على أن تعرض عملية التسليم في مؤتمر صحفي لـ”حكومة الإنقاذ”.
وليست المرة الأولى التي تتم فيها عمليات تسليم أشخاص أجانب من قبل “حكومة الإنقاذ”، بل سبقتها عدة حالات بينها تسليم مواطنين كنديين، في شباط العام الحالي.
إضافةً إلى تسليم الصحفي الياباني جومبي ياسودا بعد اختطافه من قبل مجموعة قيل إنها تتبع لـ”جبهة النصرة” (المنحلة في هيئة تحرير الشام).
قصة ياسمين
تبلغ الطفلة من العمر أربع سنوات، ويعود تاريخ خطفها من قبل مقاتلين فرنسيين “جهاديين” في إدلب إلى عام 2017، إذ أقدمت مجموعة مقاتلة يقودها القيادي الفرنسي “عمر أومسن” المعروف بـ”عمر ديابي” والقيادي “أبو وقاص الفرنسي” على احتجازها بعد مقتل أبيها الفرنسي الذي كان يقاتل إلى جانبهم في إحدى معارك إدلب.
وكان المقاتلون ينضوون في تشكيل يسمى “فرقة الغرباء” والتي أعلنت انضمامها فيما بعد إلى “تنظيم حراس الدين” المحسوب على الجماعات “المتشددة” في محافظة إدلب.
عقب احتجاز الطفلة قام “عمر ديابي”، قائد المجموعة، بمفاوضة والدة الطفلة للإفراج عنها مقابل فدية ماديّة، مع الإشارة إلى أن الأم من الجنسية البلجيكية، واحتجزت ابنتها من قبل المقاتلين الفرنسيين بعد مقتل زوجها.
استمر القيادي الفرنسي بمفاوضة الأم طوال الأشهر الماضية للحصول على الفدية المالية، ما دفع الأم، في شباط الماضي، إلى توجيه نداء إلى السلطات البلجيكية من سان جوسيه في بروكسل لإنقاذ طفلتها ياسمين.
وعرض القيادي في “تحرير الشام”، “الزبير الغزي”، الأسبوع الماضي تسجيلًا مصورًا عبر حسابه في “تلغرام”، عرض فيه مكالمة واتس آب مسجلة بين الأم والقيادي “أبو وقاص الفرنسي”، يطلب فيها الأخير 20 ألف يورو لتسليم الطفلة لها.
من هو عمر ديابي؟
اسم ديابي الحقيقي، عمر أومسن، ويبلغ من العمر 41 عامًا، وتقول السلطات الفرنسية إنه “مسؤول عن تجنيد 80% من الجهاديين الذين يتحدثون اللغة الفرنسية ممن ذهبوا إلى سوريا أو العراق”.
وتقول تقارير إعلامية فرنسية إن ديابي ولد في السنغال، وانتقل للعيش في فرنسا عندما كان طفلًا، قبل أن ينتهج “التطرف” بعد أوقات قضاها في السجون.
وانتقل ديابي إلى سوريا في 2013 وترأس كتيبة جهادية في غابات اللاذقية، ويعتبر الزعيم الروحي لجماعته، وبث ديابي سلسة من مقاطع الفيديو تحت اسم “19 HH”، نسبة إلى الـ 19 شخصًا الذين قاموا بهجمات الحادي عشر من أيلول في أمريكا 2001.
وفي أيلول عام 2016 أعلنت الخارجية الأمريكية عن تصنيفها عمر ديابي كإرهابي عالمي.
وقالت الخارجية الأمريكية، بحسب وكالة “رويترز”، حينها، إن “ديابي يتزعم جماعة تضم حوالي 50 مقاتلًا أجنبيًا في سوريا، شاركت في عمليات إرهابية مع جبهة النصرة الإسلامية المتشددة، التي غيرت اسمها إلى جبهة فتح الشام”.
مرحلة “الاشتباك”
في 15 من تشرين الثاني الحالي تناقل ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي خبرًا جاء فيه أن “هيئة تحرير الشام” اشتبكت مع مجموعة تتبع لتنظيم “حراس الدين” في مدينة حارم بريف إدلب، ليتبين لاحقًا أن الأمر مرتبط بالطفلة “ياسمين”.
وبحسب معلومات عنب بلدي تقدمت الأم بدعوى إلى “تحرير الشام” في الأيام الماضية بشأن طفلتها ياسمين والفديات المالية التي يطلبها الخاطفون، ما دفع “تحرير الشام” إلى مداهمة مقر الجهاديين الفرنسيين في حارم بريف إدلب الشمالي.
وفي أثناء الاشتباك اعتقلت “تحرير الشام” سبعة مهاجرين غالبيتهم من الجنسية الفرنسية، الأمر الذي أدى إلى توتر مع “حراس الدين” والذي اتجه بدوره إلى نصب الحواجز كون المعتقلين يتبعون له بشكل رسمي.
التفاوض والتسليم
أسبوعان مرا على المواجهات بين “تحرير الشام” و”تنظيم حراس الدين” في حارم، تبعهما إعلان عن تشكيل ما يسمى بـ”لجنة الاعتصام” المكلفة بحل الخلافات العالقة بين الطرفين.
وبحسب بيان اللجنة تم اختيار شخصيات مهمتها حل الخلاف بين الطرفين، وهم: أبو عبد الكريم المصري، وأبو محمد السوداني كممثلين عن “حراس الدين”، وأبو مالك الشامي (التلي) كممثل عن “تحرير الشام”.
وأشار البيان إلى أنه تم تشكيل لجنة قضائية ثنائية للنظر بالقضية وإنهاء الملف بشكل كامل.
بعد يوم من تشكيل اللجنة المذكورة نشر قرار رسمي من الطرفين جاء فيه أنه تم النطق بالحكم من قبل اللجنة القضائية الثنائية، وقررت اللجنة نزع حضانة الطفلة “ياسمين” من تحت يد الجهادي “عمر أومسن”.
إلى جانب تسليم الطفلة إلى الأم بعد “تمحيص النظر في أهلية الأم لحضانة البنت كون الأصل في الأم الإسلام، ولم يثبت خلاف ذلك”.
تناقض
بعد قرار اللجنة القضائية أصدرت لجنة الاعتصام بيانًا قالت إنه جاء بعد السماع لإفادات الأطراف.
وقالت إنها تنفي وجود أي حالة خطف تعرضت لها الطفلة “ياسمين بنت مهدي جند الله الفرنسي”، مضيفةً أن “والدة الطفلة ياسمين كانت تطالب زوجها بحقها في حضانة الطفلة منذ نفيره إلى بلاد الشام وكان يمتنع بدعوى أنها كافرة”.
وبحسب البيان، “أوصى مهدي جند الله الفرنسي عمر أومسن برعاية ابنته وعدم تسليمها إلى أمها بعد مقتله كونها كافرة باعتقاده وحفظًا لدين البنت”.
وعقب قرار اللجنة تناقلت حسابات “جهادية” ردًا للشرعي “أبو محمد القاضي”، قال فيه، “إن كان مسوغ احتجاز البنت هو كفر الأم، فما هو وجه طلب المال لإرجاعها؟”.
وأضاف، “كان المحتجز ينوي تسليم البنت للأم وهي كافرة، فهذا لا يجوز بمال ولا بغير مال، وإن كان ينوي مخادعة الأم لأخذ مالها مساومة ببنتها، فهذا ليس من أعمال الجهاد، بل ضرب من أضرب الفساد في الأرض”.
–