عبد الرحمن مالك
انخفضت العملة الأوروبية الموحدة (اليورو) مقابل نظيرتها الأمريكية (الدولار) إلى أدنى مستوىً لها منذ 9 أعوام لتصل إلى 1.1729 دولار لكل يورو واحد، إثر القرار المفاجئ من قبل البنك المركزي السويسري الذي أعلن تخليه عن سياسة تثبيت سعر صرف الفرنك أمام اليورو، في ظل التغيرات الجديدة التي طرأت على الساحة الأوروبية، لا سيما مع اقتراب البنك المركزي الأوروبي من تطبيق سياسات “التخفيف الكمي”.
وسياسة التخفيف الكمي هي إحدى إجراءات السياسة النقدية والتي تعني ضخ المزيد من السيولة في الاقتصاد عن طريق طباعة المزيد من النقود.
ومن ضمن الأسباب الرئيسية التي دفعت بالبنك المركزي السويسري للتخلي عن سياسة تثبيت سعر صرف الفرنك أمام اليورو، حالة الاختلاف الجذري بين السياسة النقدية بين البنوك المركزية الرئيسية، بحسب ما صدر عن البنك المركزي السويسري.
وبينما يتجه البنك المركزي الأمريكي إلى رفع سعر الفائدة ودفع السياسة النقدية إلى الحالة الطبيعية لما قبل الأزمة المالية العالمية في 2008، يتجه البنك المركزي الأوروبي إلى تطبيق سياسات التخفيف الكمي والتوسع في السياسة النقدية.
هذا الاختلاف دفع إلى انخفاض قيمة اليورو أمام الدولار الأمريكي، وضعف الفرنك السويسري أمام الدولار الأمريكي أيضًا؛ فأصبح من غير المناسب الإبقاء على سياسات تثبيت سعر صرف الفرنك أمام اليورو.
من المستفيد من هذا الانخفاض؟
عندما يتراجع اليورو سترتفع أسعار كل ما يدفع بالدولار، ولاسيّما المواد الخام، وبالتالي يخسر المستوردون الكبار مثل شركات البناء والأشغال العامّة.
وفي المقابل تربح الشركات الّتي تصنّع في منطقة اليورو وتصدّر إلى الخارج، إذ يخفض تراجع اليورو من تكاليف إنتاجها نظرًا لانخفاض تكلفة المواد الخام، لتظهر منتجات هذه الشركات أرخص من المنتجات في منطقة الدولار، ويزيد السعر التنافسي.
وأول المستفيدين من انخفاض اليورو هم شركات الصناعات الفاخرة كالطيران والأغذية الراقية، فبالنسبة لشركة «أيرباص» التراجع بقيمة 10 سنت لمدّة لا تقلّ عن عام، يمثّل ارتفاعًا بقيمة 1 مليار يورو في أرباح التشغيل.
ومن الناحية النظرية، سيؤثر تراجع اليورو على الأسر أيضًا لأنّه يزيد من أسعار السلع المستوردة مثل الطاقة، ولكن ترافق تراجع اليورو مع انخفاض أسعار النفط، سيجعل المستهلكين من بين الرابحين كذلك.
على أي حال، يرغب البنك الأوروبي بسعر صرف ضعيف كي يساعد على نهوض اقتصاد المنطقة، وفي نفس الوقت دعم مستويات التضخم المنكمشة حاليًا، في ظل سماح البنك المركزي الأمريكي بوجود دولار قوي إثر تصريحات للبنك بتقليص احتمالات الضرر على الاقتصاد الأمريكي بسبب قوة الدولار.