عثمان الخاني – عنب بلدي
بدأت نواة الدفاع المدني تتشكل في سوريا مطلع العام 2013 عبر مجموعة صغيرة تعلمت مبادئ بسيطة عن طبيعة العمل في تركيا، لتبدأ بعدها بتأسيس مجموعات كانت الأساس لمراكز الدفاع المدني في سوريا.
بادئ الأمر كانت المسؤولية في كل منطقة تقع على شخص من المجموعة “النواة” ليختار فريقًا يدربه على المبادئ الأولية، ثم تدربت الفرق على أسس متقدمة وفق خبراء ومختصين، وعلى المعدات اللازمة لمساعدتها في إنقاذ أرواح الناس؛ بعدها عاد كل فريق ليؤسس مركزًا متكاملًا للدفاع المدني في المنطقة التي انطلق منها.
الدفاع المدني السوري بعد مسيرة العمل المتواصل واتباع دورات على عدة مراحل، أصبح اليوم قادرًا على إتمام العمل، خاصةً إذا توفرت له الإمكانيات والمعدات بشكل كامل، منتقلًا من “الاعتماد على الخارج في التدريب إلى المجهود الذاتي لبناء جسم المؤسسة”، بحسب حسام بدوي، مدير المركز التدريبي للدفاع المدني في الداخل.
البدوي أكّد لعنب بلدي أن «الدفاع المدني يعمل بشكل دائم على التطوير الذاتي، حيث كانت الخطوة النوعية هي نقل الدورات التدريبية من تركيا إلى الداخل السوري، لعدة أسباب وهي صعوبة الانتقال من الداخل إلى تركيا، وصعوبة حجز أماكن للإقامة لأن أغلب المتدربين لا يملكون جوازات سفر، في حين لا يملك بعضهم أوراقًا ثبوتية، كونهم منشقين عن النظام”، منوهًا إلى محاولة “ضم المنشقين عن سلك الدفاع المدني التابع للنظام وكسب خبراتهم السابقة وضمها للفرق الجديدة».
كما يتعذر على شباب المناطق المحاصرة مثل حمص وريف دمشق التنقل بالشكل الطبيعي والخروج إلى تركيا، في حين “يمكن توفير مصروف الدورات لدعم عمل الفرق في الداخل، عدا عن صعوبة التواصل مع المدربين الأجانب بسبب اللغة”، كما يقول بدوي.
مضت سنة ونصف على التدريبات في الداخل، تخرجت خلالها 20 دورة، ولكن مازالت فرق الدفاع المدني تواجه بعض الصعوبات في إكمال الدورات، وأبرزها ضعف التمويل ونقص المعدات التدريبية في المراكز.
ويعتبر مدير مراكز التدريب أن «هذه العوائق لا تعني وقوفنا عاجزين، بل نحاول العمل وفق الإمكانيات المتاحة بين أيدينا، حيث نحاول دائمًا الاستعانة بأدوات عمل المراكز القريبة من منطقة التدريب»، منوهًا إلى “مراقبة المتدرب وتقييم عمله بشكل دائم عبر كوادر مختصة؛ هذا مبدأ أساسي في العمل حتى يخضع أصحاب المستوى الضعيف لدورات إضافية وتحسين مستواهم”.
ويحاول مدربو الداخل تقديم ما يستفيد منه العنصر خلال الدورة، لاسيما وأن دورات تركيا تُركز على تجاوز الكوارث البيئية وكوارث الطبيعة (حرائق، زلازل)، إلا أن الوضع في سوريا “استثنائي”، بحسب حسام البدوي، لذا “نحاول تجاهل بعض الفقرات، ونسقط بدلًا منها حالات عمل الفرق داخل سوريا (القصف المدفعي، الطيران، المعارك)”.
وعدّ البدوي أن “الدفاع المدني السوري من الفرق النادرة عالميًا التي تعمل في حالات الحروب والانفلات الأمني الذي يترتب عليه الكثير من العشوائية، ما يعرض عناصر الفريق للكثير من الأخطار”.
وفي نهاية اللقاء وجه حسام بدوي رسالة إلى عناصر الدفاع المدني والأهالي بالقول «بدأ العمل عبر أفراد وتحول بجهود عناصر الدفاع المدني لمؤسسة تفخر الثورة السورية بإنتاجها، لأن رسالة الدفاع المدني هي رسالة حضارية سامية وهي الأصعب في تاريخ الثورة العظيمة… إن القتل سهلٌ لكن الأصعب هو أن تحافظ وتنقذ أرواح الآخرين».