انخفاض درجة حرارة الجسم في موجات البرد الشديد والصقيع
د. أكرم خولاني
يؤدي التعرض للبرد الشديد إلى أذيات مباشرة على جسم الإنسان أهمها انخفاض درجة حرارته، ويعتبر الأطفال على وجه الخصوص هم الأكثر عرضة للتأثر بها للأسباب التي ذكرناها في العدد الماضي، ولذلك يتوجب على الأهل أن يعرفوا علامات الإصابة بانخفاض درجة حرارة الجسم وطرق علاجها، والأهم أن يتعلموا كيفية وقاية أطفالهم من الإصابة بها.
ما المقصود بانخفاض درجة حرارة الجسم، وكيف تنخفض في البرد الشديد؟
هو أن تصبح درجة الحرارة الداخلية للجسم دون الـ 35 مئوية، وتصبح الحالة خطيرة إذا وصلت لأقل من 32 درجة مئوية.
عندما يتعرض الجسم لدرجة حرارة منخفضة نتيجة موجات البرد والصقيع أو الرياح الباردة أو السقوط في ماء بارد، فإنه سيفقد وبسرعة كميات كبيرة من الحرارة، ومع غياب التدفئة الخارجية فإن الجسم سيكون عاجزًا عن إنتاج كميات كافية وبالسرعة ذاتها لتعويض ما يفقده، وهذا سيجعله غير قادر على الحفاظ على درجة حرارته الداخلية ضمن المجال الطبيعي، وبالنتيجة ستبدأ بالانخفاض.
ما الحالات التي تزيد من انخفاض حرارة الجسم؟
البقاء لفترة طويلة في الجو البارد، خاصة مع قلة الحركة (طفل رضيع، شخص مقعد، مسن…)، أو مع التعرض للبلل، أو عدم تغطية الرأس والعنق (التي يفقد من خلالها الإنسان أكثر نسبة من الحرارة وخاصة عند الأطفال لأن حرارة رؤوسهم تكون أعلى منها عند الكبار)، ويزداد احتمال الإصابة إذا تدنت حرارة الجو المحيط لأقل من صفر مئوية.
السقوط في ماء شديد البرودة، أو البقاء لفترة طويلة في مياه درجة حرارتها أقل من حرارة الجسم.
الأشخاص المصابون باضطرابات عقلية كبارًا أو صغارًا، بسبب عدم قدرة هؤلاء على تقدير الشعور بالبرد وتدفئة أجسادهم.
مرضى السكري والمرضى المصابون بأمراض تؤثر على أعصاب الأطراف أو على الأوعية الدموية (قصور غدة درقية، باركنسون، حروق، سكتة دماغية…).
تناول الكحول أو استخدام الحشيش؛ إذ إن ذلك يؤدي إلى توسع الأوعية الدموية في الجلد مما يشعر الشخص بدفء أطرافه بينما يفقد في الحقيقة مخزون الحرارة الداخلية في الجسم، إضافة إلى أن الكحول يقلل من آلية عمل القشعريرة التي تساهم في تدفئة الجسم.
ما أعراض انخفاض حرارة الجسم؟
تتطور الأعراض بشكل تدريجي، وقد لا يشعر بها المصاب ولا المحيطون به وهنا مكمن الخطورة.
وتختلف الأعراض قليلًا بين الأطفال والكبار؛ فعادة ما تبدأ الأعراض بالقشعريرة والارتعاش الشديد وطقطقة الأسنان، إلا أن آلية عمل القشعريرة عند الأطفال لا تتوفر بكفاءة تكفي لتزويد أجسامهم بالحرارة الكافية.
ومع استمرار التعرض للبرد يتوقف الارتعاش وتتباطأ الحركة ويغيب الحس في الأصابع ويخف ارتكاس الشخص لما حوله؛ فيلاحظ عند الأطفال احمرار الجلد وبرودته عند لمسه وقد يصبح مزرقًا مع خمول ونعاس.
أما عند الكبار فيلاحظ تكرار فرك اليدين ببعضهما مع ارتباك وتشوش وبطء بإصدار الكلمات عند الحديث؛ ومع تطور الحالة يفقد المصاب قدرته على التفكير والمحاكمة العقلية وتختلط الذاكرة ويضطرب الوعي ثم يدخل في غيبوبة، ومع استمرار انخفاض حرارة الجسم يتباطأ القلب والتنفس، وإذا لم يسعف المصاب يتوقف القلب والتنفس وتحدث الوفاة.
كيف يعالج الانخفاض؟
في المراحل المبكرة يكفي نقل المصاب إلى مكان دافئ أو ملجأ يقيه من الثلج والمطر والريح، مع الحرص على خلع أي ثياب مبللة أو رطبة يرتديها وتبديلها بجافة، تغطيته بالبطانيات، وإعطائه السوائل الدافئة (وليس الساخنة) مما يساهم في رفع الحرارة (تفضل الشوربة الدافئة على السوائل).
في المراحل المتقدمة يجب الاتصال بفريق الإسعاف المختص لإنقاذ حياة المصاب، مع القيام بالخطوات السابقة نفسها.
ويجب التركيز على تدفئة الأجزاء المركزية من الجسم (الرأس والرقبة والصدر والبطن والحوض)، وفي حال عدم توفر وسائل تدفئة يمكن إلصاق جسم المصاب بجسم شخص آخر سليم بحيث تنتقل الحرارة بين جسديهما.
كيف يمكن الوقاية من الإصابة بانخفاض حرارة الجسم؟
- ارتداء ملابس سميكة في الشتاء ويفضل ثلاث طبقات من الألبسة المريحة والفضفاضة.
- إلباس الرضع تحت السنة ثيابًا تغطي كامل الجسم (أفرول) مع الرأس.
- تغطية الرأس والأذنين والعنق والأصابع والأرجل مع جزء من الساق.
- منع الأطفال من اللعب بالماء أو الثلج لفترة طويلة.
- تغطية الأطفال عند الجلوس أو النوم، بالبطانيات.
- في حالات البرد الشديد يمكن توفير الحرارة للطفل من جسم أبيه أو أمه عبر إلصاقه أو تقريبه لجسد أي منهما.
تحذيرات:
- يجب عدم تقديم أي مشروبات للمصابين باضطرابات الوعي.
- يجب عدم إعطاء المصاب أي مشروبات كحولية أو مشروبات تحتوي على الكافيين كالقهوة والشاي.
- يجب عدم تعريض جسم المصاب للحرارة العالية مباشرة سواء باستخدام الماء الحار أو الدفايات الكهربائية.
- يجب الحذر من إجراء تدليك أو فرك لجسم المصاب، بل التعامل معه برفق.
- يجب عدم البدء بتدفئة الأطراف العلوية أو السفلية قبل الأجزاء المركزية؛ لأن ذلك يؤدي إلى توسع الأوعية فيها وسحب الدم من القلب والأوعية الكبيرة في الرأس والصدر والبطن، وهذا يؤثر على عمل القلب كما يزيد انخفاض حرارة الجسم الداخلية مما قد يكون قاتلًا.
- قد يكون النبض ضعيفًا ولا تسمع ضربات القلب رغم أنه يعمل، لذلك لا ينصح بمباشرة الإنعاش القلبي خارج المشفى، يجب نقل المصاب بهدوء وحذر تجنبًا لحدوث اضطراب في نظم القلب.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :